الاستاذ عبد الرحمن الراشد اسم كبير في عالم الصحفة والاعلام. كنت ولاازال اتابع كل كتاباته.
قراؤه ليسوا من العرب فقط، بل الكثيرون من الذين يجيدون اللغة العربية.

ليبرالية وموضوعية الراشد كان السبب في لمعان اسمه في عالم الصحافة منذ عشرات السنين وهو يُعتبر من اوائل اصحاب هذا المنهج الفكري في المنطقة.
بالنسبة لنا نحن الكرد كان الراشد شمعة تضيء في ظلام دامس عندما كان يكتب بموضوعيته وفكره الحر عن القضية الكردية في محيط متلاطم من العنصرية القوموية في الشرق الاوسط المتخلف.
الاستاذ الراشد تغير تماما في السنة الاخيرة بكل وضوح. اول بوادر هذا التغير بدا جليا عندما بدأ يكتب عن الكرد وبشكل خاص كرد تركيا بالضد تماما لافكاره ومواقفه السابقة في هذا المضمار. كتاباته في السنة الاخيرة عن القضية الكردية كانت منحازة الى سياسات الدولة التركية التي تستنكر حتى وجود الشعب الكردي. بصراحة جاءت كتاباته بشكل تدغدغ الوتر القومي الحساس لدى الاتراك، بل بعض الكتابات كانت تصل الى درجة quot;مسح الجوخquot; ظنا منه انه بذلك سيجر تركيا الى التدخل العسكري في سوريا تماشيا مع السياسات السعودية والخليجية كتيار سني مناوئ للشيعة بزعامة ايران.
في احدى مقالاته الاخيرة تحت عنوان quot; تركيا بين الكلام والفعل quot; يقف القارئ مشدوها ويتسائل: هل بالفعل هذه السطور تعود الى قلم الاستاذ الراشد؟

في ذلك المقال يأخذ الراشد على رئيس الحكومة التركية السيد رجب طيب اردوغان دعمه اللامحدود للنظام السوري في فترة ما قبل الثورة السورية؟. اذا كان دعم السيد اردوغان للنظام السوري استمر لعشرة اعوام بهدف الربح الاقتصادي ولو كان على حساب المبادئ وحرية الشعب السوري، وقد حقق ذلك بنجاح باهر. بينما الكل يعلم ان السعودية والخليج ساندوا ودعموا نظام الاسد الاب والابن لاربعة عقود واغدقوا عليهم من جيوبهم بالرغم من معرفتهم التامة بان عشرات الآلاف من السوريين كانوا يموتون تحت التعذيب في زنازين النظام البعثي المستبد، وكأنهم كانوا يدفعون الخوة خوفا من شعارات quot;بترول العرب للعربquot; و quot;الموت للرجعية العربية quot; وفتح ابواب جهنم على الانظمة الملكية. اليس من الاجدر محاسبة quot;ذوي القربىquot; قبل الآخرين؟.
الفكر الليبرالي هو ضد الحروب والعنف واراقة الدماء، لاسيما ان النهاية ستكون مفاوضات واتفاقات صلح وسلام.

د. بنكي حاجو

الراشد يصر على التدخل العسكري التركي في سوريا و يقول ان الحرب تشكل quot;المصلحة العليا quot; لتركيا !!.
هل تعني المصالح العليا المزيد من الكسب المالي؟ هل فعلا ربح المال يستأهل المزيد من القتل والدماء واليتامى والثكالى؟
76 بالمئة من مواطني تركيا هم ضد الحرب حسب آخر استطلاعات الرأي التي اجرتها مؤسسات معروفة بمصداقيتها من قبل الجميع.

السطور التالية تعود الى الصحفي والاديب الليبرالي الكبير احمد آلتان رئيس تحرير صحيفة quot;طرف quot;. احمد آلتان ينقصه سرير ينام عليه في ابنية المحاكم التركية حيث انه زبون دائمي مياوم بسبب الدعاوى المقامة بحقه من قبل اردوغان وحزبه بسبب مقالاته الجريئة في سبيل الحرية والعدالة والسلام والمثل الانسانية الرفيعة.كتب آلتان في مقالة له تحت عنوان quot; الحرب وقرار البرلمان quot; وهو يقصد قرار البرلمان الذي سمح للحكومة اعلان الحرب، وقد اقتبست بعض السطور التالية : quot; كل الحروب تبدأ بالاهازيج والخطب الحماسية والمارشات العسكرية، ولكن حقيقة الامر هو ارسال الشباب الى الموت.الموت والفقر والجوع والغلاء والظلم تأتي دائما مع الحرب. الصحف في هذه الفترة تقول: سوف نذهب الى الحرب مع سوريا ونهزم العدو ثم نعود الى بيوتنا منتصرين، هكذا بكل بساطة. لو صدر امر حكومي بان الصحفيين هم اول من يلتحق بالصفوف الامامية في المعارك، لما وجدنا في صحافة اليوم التالي كلمة واحدة تشير الى الحرب وسوريا. قرارات اعلان الحروب يتخذها دائما هؤلاء الذين لا يموتون في الحروب. اذا كنت انت واحدا من الذين لا يموتون في الحرب، اذن لماذا هذا الاصرار والغرام في نشوبها؟ هل تعلمون ان الجيش التركي ليس بتلك العظمة بحيث يزيل الجيش السوري من الوجود كما تظنون؟. هل تعرفون ان حربا سورية تركية ستتحول الى حرب اهلية مذهبية في الداخل والخارج؟. هل تتوهمون ان ايران وروسيا والعراق سيتفرجون عل هذه الحرب؟. قوة الدفاع الجوية السورية اقوى بكثير من مثيلتها التركية وسوريا لديها سلاح كيميائي، اذن كيف سنحمي سماء مدننا؟. االديكتاتور السوري في مأزق وهو لن يتوانى عن اللجوء الى اي سلاح يحميه.اشعال الحروب سهلة جدا، ولكن ايقافها يقترب من المستحيل دون خسائر هائلة من القتلى وتقضي على الاخضر واليابس. اذن علينا منع نشوب الحرب قبل كل شيء وهو الاسهل والافضل.الخارجية التركية صارت تتصرف بعقلانية في الفترة الاخيرة وتحاول عدم الزج بتركيا في الحرب. علينا نحن الصحفيين ايضا الوقوف ضد الحرب. في الحروب يموت الانسان. ولا يحق للذين لن يطالهم الموت ان يدقوا طبولها quot;.

الذي يحدث في سوريا اليوم هو ان الذين لايطالهم الموت، اي معارضوا الخارج وغيرهم، هم انفسهم الذين يطالبون بالتدخل الخارجي وبالتالي بالحرب وهم واسرهم بعيدون آلاف الكيلومترات عن ساحات المعارك. ليس هذا فحسب، بل يطالبون شعوبا اخرى بدخول الحرب بدلا عنهم. نفس الشيء حدث ويحدث في تركيا، اذ لم يُقتل ابناء المسؤولين من وزير او محافظ او برلماني او كبار الضباط في الجيش وكل من لديه المال والواسطة في المعارك ضد الكرد هناك. الضحايا دائما هم من ابناء الفقراء والبسطاء من من لاحول ولاقوة لهم، والمصرون على الاستمرار في الحرب هم دائما هؤلاء الذين لن يموتوا في الحرب. نتمنى على الاستاذ الراشد العودة الى نهجه الحر والموضوعي والوجداني لا سيما في هذه الظروف الحرجة والتاريخية.....وهو أذكى بكثير من ان نطرح عليه اية اقتراحات......
هذا هو رأي في حل المعضلة السورية ويكمن في انشاء الجمهورية السورية الثانية....


طبيب كردي سوري
[email protected]