على الرغم من مرور اربعة وستين عاما على النكبة الفلسطينية ما زال الفلسطينيون يراهنون على حل قضيتهم العادلة باقامة دولتهم بغض النظرعما تقوم به اسرائيل من خلق الوقائع على الارض من خلال زيادة وتيرة الاستيطان وسلب الاراضي.
منذ فترة اخذت تتزايد التصريحات الدولية والعربية حول نفاذ الوقت بحل الدولتين وصعوبته، واخر هذه التصريحات صدر عن مساعد الامين العام للامم المتحدة للشؤون السياسية جيفري فيلتمان اثناء مناقشة حول الشرق الاوسط في مجلس الامن الدولي والذي قال، ان حل اقامة دولة فلسطسنية عن طريق المفاوضات يبتعد والوقت يضيق بالنسبة للحفاظ على هذا الحل.
ان الجهات الغربية والامم المتحدة وبعض الاطراف العربية تهدف من هذه التصريحات ايهام الفلسطينيين بأن الوقت ينفذ ولم يبق اماهم سوى القبول بالحلول المقترحة من قبل اسرائيل والا لن ينالوا شيئا بسبب الاستطيان الذي ابتلع الارض الفلسطينية، والحلول الاسرائيلية ان وجدت فهي معروفة وتتمثل في تقديم اراض مقطعة الاوصال جغرافيا، ولا تريد اسرائيل رؤية اي دولة فلسطينية قابلة للحياة الى جانبها، ولكنها تريد ان يعيش الفلسطينيون في كانتونات وان تتحكم بكل مفاصلها بدون سيادة وانما كانتونات تابعة، ومن شروط اسرائيل ايضا بأن لا يطرح الفلسطينيون قضية عودة اللاجئين وعدم المطالبة بالقدس، فاسرائيل اثارت قضية اللاجئين اليهود الذين هاجروا من الدول العربية الى اسرائيل من اجل مقايضة قضيتهم بقضية اللاجئين الفلسطينيين وعدم طرح عودتهم الى الاراضي التي هُجروا منها وحل مسألتهم في الدول التي يعيشون فيها.
من الواضح ان عامل الوقت حتى هذه اللحظة يعمل لصالح اسرائيل بسبب الانقسام الفلسطيني والضعف والتشرذم العربي وخاصة بعد ثورات الربيع العربي، اذ هُمشت القضية الفلسطينية وأّهملت لصالح القضايا الداخلية في الدول العربية والاهتمام بقضايا اخرى ومن اهمها الازمة السورية، أما اسرائيل من جهتها تعمد طوال الوقت الى طرح الحلول التي تضمن لها امنها غير عابئة بحل جدي للقضية الفلسطينية، وهي تنتظر الى ما ستؤول اليه الاوضاع في المنطقة وخاصة بعد الثورات في بعض الدول العربية وكيف ستنتهي الازمة السورية وايضا ايجاد حل لملف ايران النوويي اما حربا واما سلما، فاسرائيل وبالرغم من الدعم الغير محدود الذي تحصل عليه من قبل الولايات المتحدة تنتظر نتائج الانتخابات وتأمل بدعم أكبر وفوز الجمهوريين الذين بالتأكيد يتبنون رؤيتها بالنسية الى حل القضية الفلسطينية، وبغض النظر عمن سيفوز في الانتخابات الاميركية فكلا الحزبين لن يكونا مع حل القضية الفلسطينية بالمدى المنظور.
إبرهيم الشيخ |
لذلك لجأ الفلسطينيون الى الامم المتحدة بعد نفاذ صبرهم من وعود اوباما بحل الدولتين ومراوغة وكذب رئيس الحكومة الاسرائيلي بينيامين نتنياهو، وعلى اغلب الظن بانه ليس هناك عاقل في الوطن العربي وفي العالم يرى ممارسات اسرائيل الاستيطانية والقمعية ويظن بان اسرائيل تريد السلام او إرجاع الاراضي التي احتلتها عام 1967 الى الفلسطينيين، ولذلك يجب على الفلسطينيين ان لا يقبلوا بالحلول التي لا تضمن كامل الحقوق لان اي حل من هذا النوع ينهي حلم الشعب الفلسطيني بإقامة دولته، ولكن هناك قيادات فلسطينية مستعدة للقبول بالحلول الوسط وتريد انشاء دولة على مقاسها الخاص، وهذا يجب عدم السماح به وعدم التنازل عن الارض الفلسطينية مقابل حلول أنية لا تصب في مصلحة الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج.
ان عامل الزمن يجب ان لا يُقلق الفلسطينيين لان الارض موجودة والشعب باق على هذه الارض بالرغم من اقامة المستعمرات الغير شرعية حسب القانون الدولي، ويتبنى رئيس الحكومة الاسرائيلية بينيامين نتنياهو سياسة استيطانية مسعورة من خلال تشريع البؤر الاستيطانية وتسهيل اجراءات التخطيط والبناء في المستوطنات، ويحاول تبني قرار اعتبار الضفة الغربية اراض غير محتلة، لذلك يجب على الفلسطينيين التمسك بالحقوق مهما طال الزمن، وممارسة المقاومة بكافة الوسائل المتاحة من اجل استرجاع الاراضي المحتلة.
فالامم المتحدة هي المكان الطبيعي لحل القضية الفلسطينية، والفلسطينيون يعتمدون على الحق الذي اعطتهم اياه القرارات الدولية، ولذلك يجب عليهم التوجه الى الامم المتحدة متسلحين بالحق الذي تضمنه هذه القرارات، ولكن هذا الحق يجب ان يكون متسلحا ايضا بالوحدة الوطنية وممارسة المقاومة الضاغطة بكافة اشكالها ضد الاحتلال الاسرائيلي وايضا مستندا الى دعم عربي على جميع الصعد.
بالرغم من ان خطوة الرئيس عباس لطلب الحصول على وضع دولة غيرعضو بالأمم المتحدة لها من يؤيدها ومن يعارضها في صفوف الشعب الفلسطيني، ولكنها تعتبر خطوة لتحريك هذه القضية وفضح معاييراميركا المزدوجة التي تستعمل نفوذها من اجل افشال هذه الجهود من خلال ممارسة الضغوط على السلطة الفلسطينية مباشرة بقطع المساعدات المالية او من خلال ممارسة الضغوط على الدول الاخرى من اجل افشال المسعى الفلسطيني.
وكذلك تتبنى واشنطن وتدعم الموقف الاسرائيلي ازاء مسألة اجراء مفاوضات مباشرة بين الفلسطينيين واسرائيل بدل ذهاب الفلسطينيين الى الامم المتحدة، اذ تقول واشنطن إن إقامة دولة فلسطينية لا يمكن ان يتحقق إلا من خلال المحادثات المباشرة، وبالتأكيد ان اصرار الولايات المتحدة الاميركية واسرائيل على المحادثات المباشرة هدفه الالتفاف على القرارات الدولية وتقديم حلول منقوصة واقل مما نصت عليه هذه القرارات بشأن حل القضية الفلسطينية.
ان الظروف الحالية لا تصب في صالح القضية الفلسطينية لاسباب عديدة واهمها الانقسام الفلسطيني الداخلي والضعف العربي، ولكن يجب الرهان على تحسن الظروف الداخلية والاقليمية لصالح الشعب الفلسطيني وعدم تقديم أي تنازلات التي من شأنها أن تؤثر سلباً على مستقبل هذه القضية برمّتها.
كاتب فلسطيني
[email protected]
التعليقات