الاجواء مکفهرة في طهران و الاوضاع في عموم إيران في حالة من الغليان، و الوجوم و الترقب يغلب على المراقبين و متابعي المشهد الايراني، في هذا الخضم، يطرح سؤال مهم و حساس نفسه: هل باتت الطرق معبدة الى طهران؟

لعبة الجزرة و العصا التي إستخدمها الغرب لفترة طويلة مع النظام الايراني و تيقن في نهاية المطاف من أن لاجزرته و لاعصاه قد حققا ولو جانب يسير من سقف المطالب التي يبتغونها من طهران، بل والانکى من ذلك أن الغرب قد إکتشف بعد طول عناء أن ملالي إيران کانوا ماهرين في إستغلال هذه السياسة و فتحوا فيها أکثر من ثغرة حتى باتت في النهاية مجرد خرقة لاتقدم و لاتؤخر، ولذلك فقد صمم الغرب على إسدال الستار نهائيا على هذه السياسة و إنتهاج سياسة تعتمد على عصا غليظة و أخرى أرق منها، وکلما وجهوا ضربة من العصا الرقيقة رفعوا العصا الغليظة إستعدادا لتوجيه ضربة أخرى، وهذه السياسة من الواضح أنها کما يبدو لحد الان من أکثر السياسات فاعلية و تأثيرا.

العقوبات النفطية التي فرضها دول الاتحاد الاوربي على النظام الايراني، کانت بمثابة توجيه ضربة بالعصا الرقيقة، والتهديد بتطبيق عقوبات إقتصادية اوسع على النظام الايراني و التي هي آتية في الطريق، يمکن إعتبارها على أنها بمثابة رفع للعصا الغليضة بوجه النظام الايراني وإحتمال توجيه الضربة بها في أية لحظة، الذي يلفت النظر هنا، أن النظام قد أکد خلال الاعوام الماضية إستعداده لکل الخيارات بما فيها خيار الحصار الاقتصادي، بل وان منظروه و العديد من دهاقنته قد طرحوا الکثير منquot;النظرياتquot; ذات الابعادquot;العنتريةquot;، مؤکدين من خلال کلام منمق و مزخرف بشتى الالفاظ و التعابير الطنانة من أن النظام الايراني و في نهاية المطاف سيمتص تأثير کل أنواع الضربات و يجبر في النهاية الغرب على الاعتراف به کأمر واقع!

لکن، لايبدو أن العقوبات النفطية لوحدها و ماسيتبعها من عقوبات إقتصادية اوسع، ستکون الجبهة الوحيدة المفتوحة من جانب الغرب بصورة خاصة و المجتمع الدولي بصورة عامة، وانما هناك جبهة أخرى بالغة الاهمية و الحساسية قد قام الغرب بفتحها بهدوء و إستکانة ضد النظام الايراني، وهي جبهة تإييد و دعم الشعب الايراني و المضي في سياسة جديدة تفضي في نهاية المطاف الى دعم طموحاته و أمانيه في کسر أغلال الاستبداد و نيل حريته و ممارسة الديمقراطية الحقيقية، وهذه السياسة الجديدة بدأت اول خطواتها بشطب منظمة مجاهدي خلق من قائمة الارهابquot;أي العصا الرقيقةquot;، وان الخطوة الاخرى المتوقعة أن يبادر بها المجتمع الدولي هي الاعتراف بالمجلس الوطني للمقاومة الايرانية کممثل شرعي للشعب الايراني عوضا عن النظامquot;العصا الغليظةquot;، ومن المؤکد بأن موسم الهجرة الى طهران عبر المنافذ الدبلوماسية قد إنتهى و بدأ موسم سياسات العصي بمختلف أنواعها، وبعد کل ضربة عصا ينتظر المجتمع الدولي قليلا ريثما يتم توجيه الضربة الثانية، ومن الواضح جدا أن مرشد النظام الايراني قد إستوعب و فهم مغزى و مضمون هذه السياسة الجديدة الحازمة و لذلك فإنه و خلال خطبته الاخيرة في مدينة بجنورد قد کشف عن مخاوفه و قلقه من الاوضاع المختلفة التي تمر بها إيران و قد ظهر واضحا على خطابه الطلب من الايرانيينquot;الدفاع السلبيquot;، أي الصبر و ليس کما کان في السابق عندما کان يطالب الايرانيين بالدفاع الايجابي أي الهجوم، ذلك ان خامنئي يعلم تماما جدية و حزم المجتمع الدولي مع نظامه هذه المرة وان اللعبة لم تعد کما کانت في السابق حيث کان النظام يقوم بإستغلال العامل الزمني و يوظفه في جولاتquot;المفاوضاتquot;اللاحقة مع المجتمع الدولي، اليوم اللعبة تغيرت تماما و أن النظام لم يعد في موقع المبادر او حتى المناور وانما المضطر او المجبر على الرضوخ لأمر او مطلب ما، الموقف اليوم بين المجتمع الدولي و النظام الايراني يمکن تشبيهه بملعب کرة قدم لکن فيها مرمى واحد هو مرمى النظام الايراني و على الاغلب أن المواقف التي من هذا النوع من النوع القلق و الحرج جدا و من الطبيعي أن لايدوم طويلا!
[email protected]