يبدو ان بعض الدول وبعد فشل سياستها في قضايا معينة تلجأ الى علماء الدين واستغلال تأثيرهم على الناس وذلك باسم الدين لتحقيق اجندتها وسياساتها.
ولذلك اصبحت المنابر مكانا للتعبير عن المواقف السياسية لبعض البلدان بواسطة علماء الدين الذين نسوا ان هذه المنابر هي للموعظة وتقريب الناس الى الدين ومحبة الخير للاخر،الا ان العكس يحصل واصبحت المنابر مكانا للتحريض ضد الاخرين.

وما خطب العلماء والشيوخ الا دليلا على ذلك، وكذلك خطبة الشيخ القرضاوي نهار الجمعة حول الازمة السورية والذي اصبحت شغله الشاغل واصبح يغار على الشعب السوري اكثر من السوريين انفسهم، ويركز على الجهات التي تتدخل في الازمة السورية وينسى مأسي الشعب الفلسطيني ويمر على هذا الموضوع مرور الكرام وبالنسبة له لم تعد امريكا واسرائيل عدوا للعرب.
من غير شك ان الازمة السورية قد قسمت العرب وازداد الاستقطاب لهذا الطرف او ذاك، والكل يعرف ان المعارضة منقسمة وليس فهذا فحسب، ولكن القوى التي تدعم هذه القوى ايضا منقسمة ولا تتفق مع بعضها البعض، ولكن هناك قاسم مشترك وهو اسقاط النظام، ولكن لكل طرف اجندته التي يريد تحقيقها في هذا البلد.

ان الاطراف العربية والاقليمية التي تدعم المعارضة او النظام في سوريا لا يهمها اقامة نظام ديمقراطي، ولكن ما يهمها اكثر هو اقامة نظام مطابق لتوجهاتها ومعتقداتها، ولذلك اصبح الشعب السوري اداة للمتاجرة به من قبل السياسيين وعلماء الدين من جميع الجهات.

فالشعب السوري يستحق العيش بحرية وديمقراطية وهذا امر غير قابل للنقاش وهذا يعتبر من اساسيات الحياة وليس منة من احد، ولكن الاطراف التي تتباكى وتساعد على القتل والتدمير كل يوم لا تسمح بالحرية لمواطنيها، وكما يقول المثل الشائع ان فاقد الشيء لا يعطيه.

فالدين لله اولا ومن ثم للجميع كما الوطن، ولذلك كل انسان يستطيع ان يختاركيفية التقرب الى الله دون التدخل من قبل الاخرين لفرض الاراء والافكار التي يرونها صحيحة من وجهة نظرهم عليه، وهذا ما تريد بعض القوى فرضه على سوريا وفرضها على الشعب السوري بأكمله اراد ام لم يرد، ولهذا الهدف يستميتون على سوريا من اجل الاستئثار بالسلطة.

ان الاسلام السياسي الذي وصل وقد يصل الى السلطة من خلال صناديق الاقتراع لا يقدر على فصل الدين عن السياسة لان هذه المسألة تعتبر من الامور الصعبة جدا في الوطن العربي لما يمثله الدين لهذه الشعوب، ولذلك من الصعب تحقيق هذا الفصل كما في الدول الديمقراطية الذي يعتبر من اساسيات الانظمة الديمقراطية الغربية التي لا تسمح لرجال الدين بالتدخل في الامور والقضايا السياسية الداخلية والخارجية التي هي من مهمة اجهزة الدولة.

ولكن هناك دول مسلمة حققت تقدما في مجال فصل السياسة عن الدين واقامت انظمة ديمقراطية حقيقية من الصعب تحقيقها في الوطن العربي في الوقت الحاضر.
ان التغيير الذي حصل في الوطن العربي نتيجة للثورات التي قامت بها بعض الشعوب ادت الى وصول الاسلام السياسي الى السلطة واصبح متعذرا ممارسة السلطة على الطريقة الغربية بالنسبة لفصل السياسة عن الدين لان الاحزاب والقوى التي تحكم في هذه الدول الان ستطبق الشريعة بطريقة او بأخرى، رغم تعهدهم بعدم فرض افكارهم على الشعوب بالقوة، الا ان الامور مناقضة لما يقولونه، لان الوصول الى السلطة شكل لهذه القوى الفرصة المنتظرة منذ زمن لفرض افكارهم ومشاريعهم التي حلموا ويحلمون بها بإقامة نظام اسلامي.

في بعض الدول العربية لا يحيز الشيوخ وعلماء الدين عن سياسة الدولة المتبعة في الامور والقضايا السياسية ويتبناها هؤلاء العلماء واصبحوا يتكلمون في المسائل السياسية اكثر من المسائل الدينية واصبحوا ناطقين باسم هذه الانظمة التي تحاول فرض اجندتها وسياستها على الدول الاخرى، واصبح لكل نظام ابواقه من علماء وشيوخ الذين يتلقون الاوامر والتعليمات لما يجب قوله.

ان الشعوب العربية وانظمتها تعيش تشرذم سياسي والان تعيش التشرذم الديني لعدم معرفة من يمثلهم، لان المرجعية الدينية الموحدة كما المرجعية السياسية غائبة، ويعيش الوطن العربي فراغا في القيادة والكل يتزاحم على قيادته.

ابراهيم الشيخ
[email protected]