منذ أن بدأت جهود ما يسمى بالوساطات الدولية في حل المعضلة السورية و المصائب والرزايا و الكوارث تتهاطل بسادية دولية مثيرة للإستهجان على رؤوس الشعب السوري الذي فجر في ربيعه الثوري الحر في آذار/ مارس من العام الماضي ثورته الشعبية الكبرى الثانية وهي ثورة العز والكرامة و نفض غبار المذلة و الخنوع لمماليك العصر الحديث من الحكام القتلة والمجرمين الذين يسعدهم أن يحكموا أفواجا من العبيد بدلا من الأحرار، لقد كان واضحا بأن تلك الثورة الشعبية الخالدة التي خرجت وأنبثقت وتدفقت ينابيع الشهادة و الصمود من بين أنامل أصابع أطفال ( درعا ) الحرية ستجابه بقمع سلطوي شديد تجاوز بكثير حدود مجازر عام 1982 في ( حماة ) المجد و الكرامة، فرأس النظام القاتل الذي إستقبل الثورة الشعبية السورية في أيامها الأولى بالضحكات التلفزيونية و النكات السخيفة في مجلس مطبلي الشعب السوري كان من الواضح أنه قد قرر مسبقا السير على خطى الوالد و العائلة الذهبية المقدسة في إستعمال أقصى طاقات التعامل الأمني مع الثورة و الثوار وذلك عبر تفعيل سياسة القنل الشامل و الإبادة البشرية الممنهجة وبإستعمال مختلف الأسلحة والوسائل الإرهابية وهو يعيش حالة إسترخاء ستراتيجي مدهشة لكونه يضمن مسبقا سكوت المجتمع الدولي بعد أن ضمن حماية أكبر قطبين من أقطاب مافيا الدولية وهما روسيا والصين وفي ظل صمت عربي مخجل و تردد فظيع وغياب لستراتيجية المواجهة و التضامن العربي الجماعية، فلولا الدورين السعودي و القطري و الخليجي بشكل عام لكانت مصيبة الثوار السوريين مضاعفة، أما الولايات المتحدة وإنشغالها في تحديد هوية من سيصل للبيت الأبيض إضافة لتخوفها الواضح من نتيجة الثورة السورية وقلقها الدائم والمريض على أمن و مستقبل حليفتها و ربيبتها إسرائيل قد جعلاها تبتلع لسانها بفضائحية غريبة وتمتنع عن إسطوانة حقوق الإنسان رغم أن مجازر بشار أفندي قد تجاوزت بكثير مجازر معمر القذافي وحتى صدام حسين!

وطبعا تحالف معسكر الشر و الجريمة المنطلق من قاعدته الإرهابية في إيران التي صنعت تجمعات طائفية مريضة بالوهم و الخرافة في العراق ولبنان وبعضا من دول الخليج العربي تعزز التضامن مع نظام القتلة السوري الذي حاول من خلال اللعب على التناقضات الدولية وإستغلال المظلة الأممية والدبلوماسية التخديرية إستثمار وإستغلال الوقت إيقاع أكبر أذى و تدمير ممنهج بإرادة الثورة والثوار حتى ولو أدى توسيع المواجهة ومحاولة فرض الحل الأمني الإستئصالي لمحو مدن سورية كاملة وفي حالة تجاوزت حتى صيغ الحرب الأهلية ووصلت لحدود الإبادة البشرية المنظمة لحاكم يقتل شعبه في ظل تصفيق أممي و أنغام نشاز من معسكر النفاق الدولي الذي تباكى ذات يوم على ( مأساة حلبجة ) وكيمياوي صدام و مسالخ القذافي فإذا به اليوم يعجز عجز الموتى عن منع حقول الموت السورية وعن معاقبة ( بول بوت ) عربي جديد يمارس القتل وهو يضحك ملأ شدقيه فيما الوساطات الدولية تنتعش و تنتعش بورصة الرواتب و التعويضات الخرافية لرموز تلك الوساطات بدءا من الجنرال السوداني ( الدابي ) مرورا بالأممي ( كوفي عنان ) الذي إنزوى بعيدا وهو يراقب المشهد المخزي ووصولا للإبراهيمي الذي كان وهو يقطع سياحته في الشرق الأقصى يعلم علم اليقين بفشل وعقم مهمته لأنه ينحدر أساسا من نظام قمعي عربي معروف و لكنه مع ذلك حمل فريقه من الدبلوماسيين المتقاعدين و ( البطرانين ) معه ليخوض في أوحال المهمة المستحيلة وهو يعلم علم اليقين إستحالتها، ليتدفق الدم السوري غزيرا وتمتد مساحات الخراب لتشمل سوريا من الشمال الملنهب حتى الجنوب العاصف و من الشرق الثائر وحتى الغرب المنفجر، ومع ذلك وبعد أسابيع دموية مرهقة ورحلات مكوكية وفنادق خمسة نجوم يطل علينا السي الأخضر من موسكو المافيوزية بالقول بأن الوضع السوري بات يسير من سيء لأسوأ!!

( و كأنه أكتشف النظرية النسبية ) بعد أن فسر الماء بعد الجهد بالماء! ليكرر ذلك القول قريبا في بكين المنافقة، لقد كان لزاما على السي الأخضر لو كان حريصا على دماء السوريين العبيطة فعلا أن يتمتع بشجاعة وحكمة من يعيش خريف العمر و يطلقها مدوية وصريحة حول مسؤولية النظام السوري المجرم عن جريمة تدمير سوريا وشعبها بدلا من أن يطلب من القتيل وليس القاتل هدنة زمنية لتأجيل موعد الذبح عبر هدنة العيد الفاشلة، المجتمع الدولي المنافق يصم أذنيه ويعمي عينيه عن أن من يقتل بالجملة وبطريقة المجازر المنظمة و التفخيخات المرتبكة هو النظام السوري الذي يقتل شعبه علنا بسلاح الصمود والتصدي والتوازن الستراتيجي وبأيدي رجال الولي الفقيه والممانعة والمقاومة المزعومة، كما أنه وليس الثوار من يلقي النفايات الكيمياوية والنووية على الناس وهو ما غيره من تقتل أجهزة مخابراته الأحرار حتى التعذيب كما حصل مع آلاف من السوريين والسوريات وكان آخرهم المناضلة فرح الزين التي قضت تحت التعذيب في فروع النظام الإستخبارية الإرهابية، كل ذلك والأخضر يعيش في العسل ولايدري ماذا يجري وحتى إن درى فليس بالإمكان أفضل مما كان لأنه بصراحة مفرطة ( يعدد أياما ويقبض راتبا ) وكفى الله المتقاعدين والعجزة شر القتال!!

كان على الأخضر أن يرفع الراية البيضاء ويعلن فشل مهمته المستحيلة ويرفع البطاقة الحمراء بوجه النظام القاتل الذي بات يسير بسوريا نحو طريق الحرب الأهلية الشاملة مطبقا شعارهم الإرهابي الخالد ( الأسد.. أو نحرق البلد )!! وطبعا ليس بقوته وقوة نظامه بل نتيجة للتواطؤ الدولي معه، فأنا على يقين بأن النظام لو شعر بحرارة العين الحمراء الدولية عبر منع طائراته من قتل الناس و تسليح المعارضة تسليحا حقيقيا لولى بشار الدبر وهرب ليحتمي في إيران مشيعا بلعنات الله والتاريخ أو لقضي مسحولا على يد الشعب السوري الذي سينجز في النهاية ذلك الهدف ويقرر بيده وإمكاناته الذاتية المصير البشع للنظام وقادته وهو مصير الطغاة المعروف عبر التاريخ، لا مندوحة من القول بأن الثورة السورية بعد أن دفعت كل هذا الكم الهائل من دماء الشهداء و من الخراب العظيم ليست على إستعداد أبدا للإنتكاس والهزيمة، فمن سيهزم في نهاية المطاف هو معسكر الشر والجريمة والنظام الدولي العاجز المنافق و الذي يمثل عجزه خير تمثيل تلك التصريحات الباردة و الساذجة للوسيط الدولي الفاشل السي الأخضر الذي رجوناه الرحيلا، ولكنه مصر مع فريقه على مايبدو في إستكمال مهمته السياحية على حساب الأمم المتحدة وفي عدد الجثث و الضحايا و التبشير بالحرب الأهلية التي إفتعلها النظام المجرم... وصح النوم ياسي الأخضر، فنظام وحوش الشام يزحف سريعا نحو مزبلة التاريخ.