لا علاقة لمجازر النظام السوري بالمذهب الشيعي:

أريد في هذا المقال أن اوضح نقطة هامة تتعلق بموضوع الطائفية والمذهبية. انا من الذين يمقتون الطائفية والمذهبية والتعصب الديني والقبلي بشتى أشكاله. واحاول قدر الامكان عدم التطرق لهذا الموضوع. ولكن أجد نفسي الآن مضطرا لتناول مسألة الطائفية والمذهبية.

والسبب في ذلك انه قبل أسبوع حضرت حفلا في لندن بمناسبة اقتراب اعياد الميلاد (كريسماس بارتي) وقابلت في الحفلة بعض الأشخاص العرب. وكما هو معروف في هذه الحفلات يختلط الحابل بالنابل ولا تعرف مسبقا من ستلتقي هناك. وخلال الحديث عاتبني احدهم على استهدافي لبشار الأسد في مقالاتي في ايلاف والمطالبة بسقوطه. لم استغرب ذلك لأن بشار الأسد يحظى بدعم الكثيرين ممن يرون انه هناك مؤامرات خارجية تحاك للنظام القومي العربي الممانع والصامد والمقاوم والذي سيحرر الجولان وفلسطين. ولكن عندما تدخل عبقري آخر متبرعا بالقول أن بشار مستهدف بسبب انتمائه المذهبي الطائفي، حاولت ان أشرح لهذا الشخص انه مخطيء تماما وان استهدافي لبشار ليس لأنه علويا بل لأنه ببساطة مجرما يقتل شعبه. وقلت له اننا ضد الظلم والبطش والمجازر ممن صدر.

هذا النوع من التفكير الأعوج الذي يحلل الأمور مذهبيا وطائفيا او ايمانا بالمؤامرة الامبريالية الصهيونية يتواجد في عقول من لا يقرأون ولا يتابعون بل يجترون كلام القهاوي من السطحيين ومن استراتيجيين النرجيلة والكيف على ناصيات شوارع غرب لندن الشعبية. والأغرب من ذلك يحملون او يحمّلون أنفسهم لقب دكتور في هذا او ذاك رغم عدم مقدرتهم على كتابة جملة واحدة من خمس كلمات بلغة انجليزية صحيحة رغم تواجدهم في بريطانيا منذ الثمانيات.


الاجرام لا مذهب ولا طائفة له:

واتساءل عندما ندين ونستنكر أريل شارون وبينامين نتينياهو هل نفعل ذلك بسبب يهوديتهما أم بسبب جرائمهما ضد الشعب الفلسطيني وعندما ننتقد سياسات الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد أو نوري المالكي رئيس وزراء العراق في دعمهما لنظام دمشق ليس لأنهما يعتنقان المذهب الشيعي بل بسبب سياساتهما الخاطئة في تأييد وتمويل آلة المجازر الأسدية.


حزب الله وحسن نصر الله:

لعدة سنوات كنت من المعجبين والمؤيدين لحزب الله والشيخ حسن نصر الله لصموده وتحديه للعنجهية الاسرائيلية وليس بسبب شيعيته. ولكن بريق الاعجاب بدأ يخفت عندما استعرض الحزب عضلاته العسكرية ضد الداخل اللبناني في ايار عام 2008 وكشف عن حقيقته واجندته. وفقد حسن نصر الله مصداقيته وشعبيته كليا في الشارع العربي عندما تحول الى بوق اعتذاري يدافع عن نظام دمشق ومبرر للمجازر. وننتقد حسن نصر الله ليس لأنه شيعيا بل لوقوفه مع الظلم ضد الشعب السوري وحتى لو كان بوذيا.


رحبت بسقوط الطغاة السنة:

بعد غزو صدام حسين للكويت صيف عام 1990 فقدت الثقة بهذا القائد الثوري الممانع المقاوم وقلت في مقابلات تلفزيونية عديدة ان صدام قائد غير متزن وسيقود شعبه للهاوية ورحبت بسقوطه عام 2003 رغم انتقاداتي الشديدة للطريقة التي تم فيها التعامل مع العراق من قبل الاحتلال وسؤ التخطيط الذي جلب الدمار والفوضى للعراق. النقطة الهامة هنا انني والملايين من الناس وقفنا ضد صدام حسين بسبب سياساته الغبية المتهورة التي اقحمت العراق في حروب ضد ايران وغزو الكويت وبسبب اضطهاده للاكراد والشيعة وليس بسبب مذهبه وبغض النظر عن سنيته.

ورحبت بسقوط معمر القذافي بسبب جرائمه ضد شعبه وكتبت مقالات كثيرة في ايلاف انتقدت الدكتاتور الغبي وطالبت بسقوطه ورحبت بتخلص الشعب الليبي من هذه الطاغية رغم أنه سني المذهب. وهذا الموقف لا يتغير اذا كان القذافي شيعيا او بوذيا. المجرم يبقى مجرم مهما كانت عقيدته ومذهبه.

وسأرحب بسقوط دكتاتور السودان عمر البشير الذي خاض حربا ضروس مع الجنوب لعقدين من الزمان وهو لا يزال مطلوبا من قبل محكمة الجنايات الدولية لجرائم ومجازر دارفور. هذ لا علاقة له بالمذهب او الطائفة بل بالجرائم.

ولهذا اوضح اني أقف ضد بشار الأسد بسبب جرائمه وبغض النظر عن مذهبه وطائفته. وحتى لو كان سنيا سأتخذ نفس الموقف. لذا اعتبره امرا بديهيا في الملفات السورية والعراقية والليبية المستهدف هو الطاغية الظالم والمجرم وليس المذهب والطائفة.

العنصر المشترك بين هؤلاء الطغاة ليس مذهبهم وطائفتهم بل دمويتهم وتمتعهم بمزيج من الغباء والوحشية والقسوة ضد شعوبهم ولذا ارحب بسقوطهم وتقديمهم لللمحاكمة. وسأستمر في دعمي للأطاحة بجزار دمشق.


لندن