بدأ برهم صالح بجملة من الإصلاحات وعلى مختلف الصعد السياسية والاجتماعية والاقتصادية. في البداية أراد أن ينظم العلاقة بين الحكومة والأحوال السياسية، وبخاصة ما يتعلق بالتمويل الحكومي لنشاطات الأحزاب السياسية وفي مقدمتها الحزبين الحاكمين( الإتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني).فقد كان الحزبان يستقطعان جزءا كبيرا من ميزانية الحكومة قدرتها بعض المصادر بأنها كانت تبلغ حوالي 35 مليون دولار شهريا. وبدأ برهم صالح بحزبه الإتحاد الوطني أولا حيث أمر باستقطاع جزء كبير من تلك الحصة، وأبقى فقط على خمسة ملايين دولار كميزانية لحزبه، وشمل القرار حزبه الحليف أيضا. ورغم أن هذا القرار فاجأ قيادات حزبه وأثار غضبهم واستيائهم، ولكن صالح رغم أنه كما بينا سابقا يحتل موقع نائب الأمين العام للحزب وبالتالي فهو يحتاج إلى ذلك التمويل لإدارة شؤون حزبه، لكنه أمضى قراره ولم يتراجع عنه. وأصدر قرارا آخر باستقطاع مبالغ كبيرة من موازنة الأحزاب والمنظمات التي انتشرت بشكل واسع وتحت أسماء وهمية عديدة للاستحواذ على أموال الشعب، وربط بين نشاطات تلك المنظمات وبين الميزانية المقدرة لهم، وكان يهدف بذلك صرف أموال الدولة في الوجهة الصحيحة ولمن يستحقها حسب النشاط الاجتماعي الذي يقوم به.ثم أعاد تنظيم ميزانية الأحزاب كل حسب مساحة تنظيماته الحزبية والجماهيرية.
وفي قرار آخر أمر باسترجاع جميع البنايات والممتلكات التي إستحوذت عليها الأحزاب السياسية متذ عام 1991، وبدأها مرة أخرى بحزبه فأعاد العديد من تلك البنايات التي كانت سابقا بنايات مدارس ومقرات دوائر الحكومة استولت عليها الأحزاب السياسية لتتخذها مقرات لها ولتنظيماتها الحزبية .
ومنذ بداية تسلمه رئاسة الحكومة أمر باستقطاع نسبة 10% من راتبه ومن راتب جميع وزراء حكومته لدعم صندوق مساعدة عوائل الشهداء. وأسس صندوقا باسم صندوق الإسكان بهدف القضاء على أزمة السكن وخصوصا لذوي الدخل المحدود، وأستطاع من خلال إنشاء هذا الصندوق بدعم القطاع الخاص للقيام بمشاريع إسكانية حيث تصاعدت وتيرة تلك المشاريع سواء من خلال الحكومة أو من خلال مساهمة المستثمرين، وشيدت العديد من العمارات والشقق السكنية، وخصصت مساحات كبيرة للمستثمرين للقيام بمشاريع إسكانية.
أطلق برهم برنامجا طموحا هو الأول من نوعه على مستوى العراق والإقليم سمي ببرنامج دعم الطاقات البشرية، تمكن خلاله المئات من الطلبة المتخرجين من الكليات والمعاهد من استكمال دراساتهم العليا في أفضل الجامعات العالمية على نفقة الحكومة طوال سنوات دراستهم، بل أن هذا الصندوق شمل غوائل الطلبة الموفدين الى الدراسة بقصد لم الشمل العائلي. وانطلقت الوجبتان الأولى والثانية من ذلك المشروع الرائد حيث تم إيفاد المئات منهم إلى جامعات العالم.
ولأول مرة في تاريخ حكومة إقليم كردستان عرض برهم صالح ميزانية حكومته على البرلمان لإجراء المناقشات عليها بجلسات علنية، وكان يهدف من وراء ذلك إشاعة مبدأ الشفافية فيما يتعلق بموازنة الدولة، حيث باتت وسائل الإعلام المختلفة تنقل مباشرة من داخل قاعة البرلمان وقائع تلك الجلسات ومناقشة الوزراء والبرلمانيين حول الميزانية الحكومية، مما كشف جوانب مهمة من الميزانية كانت خافية على الشعب طوال السنوات السابقة،وإستن برهم بذلك سنة حسنة يفترض أن تتابعها الحكومات التي تأتي بعده للكشف عن ميزانيتها وأوجه صرفها والحسابات الختامية المتعلقة بها، بعد أن كانت ميزانية الحكومة لا يعلم بها أحد وكيف تصرف ولمن تذهب الموارد.
في معرض إهتماماته المتواصلة بالشريحة الشبابية أصدر برهم صالح أمرا بتخصيص رواتب شهرية تقدر بمائة وخمسون ألف دينار لكل متخرج من الجامعات والمعاهد من الذين لم يتعينوا في دوائر الحكومة،وهي إعانات شملت عشرات الآلاف من المتخرجين العاطلين عن العمل، وبموازاة ذلك أصدر أمرا بتقديم القروض الصغيرة والميسرة لشريحة الشباب من أصحاب المهن العاطلين منهم ممن لا يمتلكون الشهادات الدراسية، وكان الهدف من تقديم تلك القروض التي منحت بأبسط الشروط الإستيفائية ،هو جعل كل مواطن قادر على العمل أن يمتلك مهنة أو محلا يتكسب منها ويحقق من خلالها أحلامه، واستفاد من تلك القروض المئات من الشباب الذين أعانتهم الحكومة لفتح محلات خاصة بهم.
ولأول مرة أيضا في تاريخ الحكومة الإقليمية اعتمدت حكومة برهم صالح مبدأ الكفاءة والمؤهلات الدراسية بدل الواسطات والتزكيات الحزبية للتعيين في دوائر الحكومة، وبقرار منه أصبح التقديم للدوائر على أساس ( السي في ) وبإدخال أسماء المترشحين الى الحاسوب لاختيار الأحق منهم بالوظيفة الشاغرة ، واستفاد من ذلك الآلاف من الشباب الذين ما كانوا يمتلكون الواسطات للتعيين بدوائر الحكومة من ضمن 25 ألف وظيفة أطلقتها حكومة برهم صالح.
وأصدرت حكومته قانونا لذوي الاحتياجات الخاصة وهم فئة المعوقين، وخصص لهم رواتب شهرية تعينهم على مواجهة مصاعب الحياة على اعتبار أنهم غير قادرين على العمل، وهذا القانون سبق وأن توقف لسنوات طويلة مراوحا بين الوزارات، ولكن برهم أخرجها من بين الرفوف وقدمها للبرلمان الذي صادق عليه وأصبح لكل معوق راتبا يتسلمه من الحكومة تعينه في حياته اليومية.
نجحت حكومة برهم صالح في توسيع دائرة علاقاتها الخارجية مع دول العالم. ففي الجانب الدبلوماسي وصل عدد الدول التي فتحت قنصلياتها و ممثلياتها الدبلوماسية في كردستان الى 18 دولة، من اهمها فنح قنصلية الإمارات العربية المتحدة التي استطاع صالح من خلال علاقاته الودية مع العائلة الحاكمة هناك بدفعها نحو إنفتاح أكبر على إقليم كردستان، وكانت لهذه الخطوة تأثيرها في تشجيع العديد من الدول العربية الأخرى لفتح قنصلياتها وممثلياتها في الإقليم، خاصة وأن إنفتاح المحيط العربي على كردستان له أهمية كبيرة لمستقبل القضية الكردية.
وفي الجانب الإقتصادي شارك برهم صالح في دورتين للمنتدى الاقتصادي العالمي ( دافوس ) الى جانب تنظيم ملتقيات اقتصادية مع عدد من الدول الأوروبية والتي كانت لها دورا في تشجيع تدفق الاستثمارات الأجنبية على كردستان
من أحد أبرز المكتسبات الاقتصادية التي حققها برهم صالح أثناء ولايته هو توقيع عقد نفطي كبير مع شركة إكسون موبيل الأمريكية العملاقة، وهو العقد الذي من شأنه أن يرسي أسس قوية للاقتصاد النفطي في كردستان، وهناك معلومات غير مؤكدة بوجود مساعي لحكومة الإقليم لتوقيع عقد مماثل مع شركة توتال النفطية الفرنسية العملاقة للاستثمار في كردستان. وعلى العموم فإن مضي حكومة الإقليم في توقيع العقود النفطية على رغم الاعتراضات الشديدة من قبل الحكومة العراقية يؤكد مدى إصرار حكومة الإقليم لبناء أسس صناعة نفطية تقرب الشعب الكردي من ضمان مستقبله في حال تغيرت موازين السياسة في العراق وأرادت كردستان أن تعلن دولتها المستقلة.
في مجال الاستثمارات عاشت كردستان في السنوات الأخيرة عصرها الذهبي بتدفق الاستثمارات الأجنبية من شتى بلدان العالم بفضل القانون الإستثماري الجاذب لرؤوس الأموال والشركات الأجنبية للعمل في مختلف القطاعات حيث وصل حجم الاستثمارات الأجنبية في عهد برهم صالح الى أكثر من 16 مليار دولار.
خلال السنتين الماضيتين من عمر حكومة الإقليم التي ترأسها برهم صالح تحققت نهضة واضحة في مجال تنفيذ مشاريع الطرق والمواصلات، ونفذت مئات المشاريع الإستراتيجية والمتوسطة لمد شبكات الطرق وبناء الجسور، وفي مجال الخضرة واستعادتها تمكنت حكومة برهم صالح من قيادة حملات وطنية لغرس الأشجار، منها الحملة الوطنية لغرس عشرة ملايين شجرة، والمشروع الرائد الذي نفذته حكومته في مدينة السليمانية بإنشاء أكبر متنزه في العراق هو متنزه ( هواري شار) الذي أقيم على مساحة أربعة آلاف دونم بما يوازي أربعة أضعاف متنزه الزوراء في بغداد.
- آخر تحديث :
التعليقات