انتهى صخب الدعاية الانتخابية مفسحاً المجال لفترة quot;صمتquot;، يحتاج إليها قطاع عريض من المصريين الذين لم يحسموا أمرهم بعد، ولعل فترة الصمت هذه فرصة لالتقاط الأنفاس، ومراجعة الخريطة الانتخابية، لكي يتخذ كل ناخب قراره بشكل يضمن أن صوته سيذهب إلى المرشح القادر على قيادة مصر الثورة، وأن يُحدث تغييراً حقيقياً في واقع بلد، يعاني على مدار ستة عقود.

إن المرحلة الانتقالية التي يديرها quot;المجلس العسكريquot; في مصر أفرزت واقعاً سياسياً يجعل المنافسة تنحصر بين مرشحي معسكر الإسلام السياسي، ومعسكر الفلول، وعلى الرغم من صعود شخصية وطنية إلى المربع الذهبي مثل quot;حمدين صباحيquot; الذي بات الحصان الأسود الذي يراهن عليه كثيرون، فقد تأتي الرياح بما لا تشتهيه السفن، وينحصر السباق في مراحله الأخيرة بين مرشحي تيار الإسلام السياسي والفلول، ومن المؤكد أن فوز quot;محمد مرسيquot; مرشح الإخوان يشكل خطراً على مصر، وذلك لسببين رئيسيين:
الأول: إن مرجعيته الفكرية هي quot;جماعة الإخوان المسلمينquot;، وهي جماعة براجماتيه لديها شهوة حب السلطة، وإقصاء الأطراف المعارضة، وقد كشف أداؤهم تحت قبة البرلمان عن قصور واضح في الفهم، والرؤية السياسية، ومن ثم فإن وصول مرشحها إلى كرسي الرئاسة، سيخلق نظاماً أشبه بنظام مبارك، وهذا من شأنه أن يعيق التحول الديمقراطي، ويقضي على ثورة الخامس والعشرين من يناير.

الثاني: إن انتخاب quot;محمد مرسيquot; رئيساً لمصر، سينقل صلاحيات السلطة التنفيذية المتمثلة في مؤسسة quot;الرئاسةquot; من الرئيس إلى quot;المرشدquot;، أي لن يكون quot;مرسيquot; هو الحاكم الفعلي بل quot;المرشدquot;، وبالتالي وquot;كأنك يابو زيد ما غزيتquot; نكون قد استبدلنا نظاماً استبدادياً، بنظام استبدادي آخر، تحت عباءة الدين، وهذا قد يدخل مصر في نفق مظلم، وربما يقود ذلك الجيش إلى الانقلاب العسكري، فتستمر حالة الفوضى، كذلك الأمر في حال فوز آخر رئيس وزراء في عهد مبارك الفريق quot;أحمد شفيقquot;، هذا يعني تصفية ثورة الخامس والعشرين من يناير، وخيانة دماء الشهداء، وإهدار ثروات مصر المنهوبة، وزيادة الاحتقان في الحياة السياسية، ووضع البلد على حافة الانهيار.

أعتقد أن الحل الأمثل هو الدكتور quot;عبد المنعم أبو الفتوحquot;، قد يقول قائل إن quot;أبو الفتوحquot; ينتمي إلى تيار الإسلام السياسي، ولا يفرق كثيرا عن quot;محمد مرسيquot;، أقول إن quot;أبو الفتوحquot; لن يتخلى عن مرجعيته الإسلامية، ولن يكون ولائه للمرشد، فقد انشق عن الإخوان، ويملك مشروعاً حقيقيا للنهوض هو quot;مصر القويةquot; أي أن مشروعه مصري خالص وليس إخواناً صرفا.

يحسب quot;لأبو الفتوحquot; نجاحه في لم شمل مختلف التيارات الدينية، والليبرالية،، حتى أن هيئة الأقباط الإنجيليين برئاسة quot;شريف دوسquot; تلتف حول مشروعه الرئاسي، ولن يسمح الرجل باستئثار فصيل سياسي واحد على الحكم، وسيعطي للشباب الفرصة في قيادة مصر، وتوجيه الطاقات لمحاربة الفقر، والمرض، والجهل، وسيتصدى لانتهاكات حقوق المصريين، وسيعيد للمصري كرامته في الداخل والخارج، وسيكون وفياً لثورة الخامس والعشرين من يناير ومبادئها وكان احد روادها، وسيرعى أسر الشهداء والمصابين ويُعلي من شأن المواطنة.

لقد تحدثت مع أناس من مختلف التيارات الليبرالية واليسارية، عبروا عن خوفهم من منح أصواتهم ل:quot;عبد المنعم أبو الفتوحquot;، خاصة بعد إعلان السلفيين ممثلين في حزب النور، ورئيس الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين الدكتورquot; يوسف القرضاويquot; وكذلك الجماعة الإسلامية تأييدها له، أوضحت للقلقين أن مخاوفهم مبالغ فيها، فالرجل أكد أنه لم يعقد صفقات مع أي حزب، أو جماعة، كما أنه قطع صلاته بجماعة الإخوان بعد أربعين عاماً من عضويته فيها، وكان ذلك قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير، فصلته الجماعة بعد أن تبنى مواقف سياسية بدت للإخوان أنها أكثر ليبرالية وتحرراً، كما أن إصراره على الترشح للرئاسة شكل تحدياً لجماعة الإخوان التي لم تكن تفكر في أن تطرح مرشحاً لانتخابات الرئاسية حينذاك.

وبالتالي فان انتخاب quot;أبو الفتوحquot; رئيساً لمصر سيشكل أداة للتواصل بين مختلف تيار الإسلام السياسى، وبقية التيارات السياسية الأخرى، وليس الصدام كما يتقد البعض، وسيكون قادراً على لعب دوراً فاعلاً في إخراج مصر من حالة الاستقطاب السياسى الراهن، ووضع مصر على طريق الانطلاق إلى النهضة الشاملة.

إعلامي مصري