منذ أنفجار فضيحة الهاشمي بتهمة الأرهاب وهروبه بين عواصم المنطقة وقبل وبعد أجتماعات أربيل والنجف وقادة العبث بمقدرات العراق يتبعون سياسة الشذوذ في قواعد بناء الدولة الديمقراطية. أنها أمور تتطلب أِعادة نظر وتقييم جديد عندما تصبح وتمسي القيادات التنفيذية والتشريعية والقضائية على جلسات شرب الشاي والقهوة في أجتماعات خارج العاصمة تكون الصفة الملازمة لها فوضى وتخبط وتسرع في نشر غسيل يتطلب أِعادة النظر بالانقلابيين و شذوذهم السياسي لأبتعادهم عن حاجات البلد وتفضيل خدمات الشعب الأساسية.
أماطة اللثام عن قضايا العراق السياسية مصيرية، وعندما نقول (مصرية) فأنها تعني معرضة للأبتزاز اليومي، كما جرى لحد الآن منذ بداية تلمس وتحسس طرق الديمقراطية والفدرالية لمن يمارسوها لأول مرة. فكل القضايا المصيرية والكشف عن عمليات الفساد المالي والأداري وتهريب النفط والعملة الصعبة ومخاطر الارهاب والتهديد والعنف السياسي وهروب أشخاص تلاحقهم مذكرات أعتقال قضائية أصبحت أموراً عادية في عراق اليوم وبأنتظار المزيد.
والكشف عن قوى المعارضة السياسية السابقة، المشاركة اليوم في السلطة، والتي أوصلتها الجماهير العراقية بنضالها المستميت وتضحيات أبناءها ودمائهم، فأنها لاتبالي بما يجري للطبقات الشعبية التي نفظت يدها منهم ونفظوا أياديهم عنها وهم في قمة الفوضى والصراع واللجوء الى خطابات يتخللها الوعد والوعيد وتواريخ المهل. وليس سراً أن بعض قوى المعارضة العراقية السابقة أوقفت نشاطها وتركت أرض العراق مؤخراً بعد يأسها من مشاورات عقيمة مع أطراف لاترتضي حلول متحضرة ولا يتسابق سياسيوها الى أرضاء الشعب والأبداع في تحقيق وتقديم الخدمات الأجتماعية والعلمية والصحية كما يفعل سياسيون في دول الغرب،منحتهم شعوبهم الحرة أدارة دفة المستقبل.
أعادة النظر في الأوضاع العراقية تتطلب منا التركيز على من يتسابقون في الأرتباط بدولة المليشيات والتشجيع على التكتل والتحالف من الأنقلابيين لأسقاط الدولة العراقية، كما أشرتُ أليها بشكل عام في مقال سابق.
وبداية لنتسائل جميعاً من يحمي حدود العراق وقرى كردستان العراق من القصف التركي والأيراني والتدخلات الخليجية الخارجية ؟ وقبل الأجابة المتسرعة التي قد تخرج عن الموضوعية في أعادة النظر التي تشمل الجميع، فلنحاول أن نفهم أن السلطة السياسية في العراق تضم مجموعة كردية ذات حيز كبير في الدولة العراقية، وتكتلات شيعية وسنية أخرى ذات حيز كبير أيضاً. ولنتذكر أن الصراع المستأصل على النفوذ والمصالح والمناطق وتقاسم الحصص المالية والأرض لايتم بمفهوم حفظ الدولة العراقية ورفع شأنها بالطريقة العشائرية بين أحزاب قومية وأحزاب شيعية وسنية تتقاتل بأسم الشعب الذي كفر بقومية ومذهبية من يتاجرون بهم وبأصولهم العرقية سياسياً، وماهم ومصالحهم أِلا تركات و مخلفات السبعينات من القرن الماضي وظنوا خطأً أن الفدرالية تعني تكريس الحصص والتقسيم والتشرذم.
تناست المعارضة العراقية بسرعة الغرض من الأطاحة بنظام الدكتاتورية عام 2003 والغرض من السعي الى أقامة دولة ديمقراطية فدرالية حرة، وأعمتها تصرفاتها الشخصية عن واجباتها الجديدة في هيكلة الدولة العراقية وأدارة ماكنة السلطة الحديثة بقيادة عراقية منظمة تحمي حدود العراق وثروته وليس بقوة مليشيات وبطرق الجهل ألأداري الخارق للخيال.
فيلاحظ على خلفية اللقاء الذي تم في أربيل للقادة الخمسة الذي عُقد الـ28 من نيسان الماضي للتشاور في قضايا العراق المصيرية مايلي :
* أن نتائج وقرارات المجتمعين كُرّستْ لأصدار بيانات تاريخية فريدة توحي بالتهديد وشن الحرب على النظام من داخل النظام، وأدخال شعب العراق في أقتتالهم الشخصي ودعوتهم لركوب موجة الوعد والوعيد والأنقلاب على المؤسسة التشريعية العراقية التي كان من المفترض أن تتناقش وتتحاور داخل المجلس النيابي وليس على طاولة مُغلقة في أربيل أو في بيت السيد الصدر.
* أن التحالف الأعتباطي المؤقت مع الصدر الذي يُمثل أحد مكونات التحالف الوطني وأقناعه بالأنضمام الى حلقة القادة الخمسة سيرفع من درجة التوتر ويسيئ الى التوجه العراقي الصحيح و يشوه مسيرة أي عملية سياسية للمستقبل بتكرار الوعيد بسحب الثقة عن رئيس الحكومة نوري المالكي أو أجباره على التخلي عن واجباته الدستورية المقررة. فلقد تضمن الوعيد للمالكي ( لتحقيق اصلاحات وتنفيذ أتفاقات سابقة) 7 نقاط من الصدر و8 نقاط من طالباني ثم 9 نقاط، أضافةً الى وعيد وأنذار مكرر من بارزاني وعلاوي والنجيفي لتنتهي مهلة التهديد بعد 15 يومًا وتضاف أليها مهلة 7 أيام أخرى،حددها القادة الخمسة لرئيس الوزراء أذا لم يكن في أستطاعته( تحقيق اصلاحات وتنفيذ أتفاقات سابقة). هذا النوع من فوضى البيانات الأصلاحية يعطي الفكرة أن هذه الضغوط الفريدة الشاذة التعجيزية ليس غرضها المشاركة لتحقيق أنجازات لشعب العراق أو النية الفعلية لتحقيق أصلاحات وأنما غرضها الحصول على مكاسب من عمليات مستمرة للفساد المالي والأداري والسرقات وتهريب النفط والأسلحة والعملة الصعبة وأستمرارالارهاب والتهديد والعنف السياسي وأيقاف التحقيقات التي تجريها لجنة النزاهة في البرلمان عن قادة مليشيات متورطين في أعمال تخريب وأغتيالات و سرقات وهروب أشخاص تلاحقهم مذكرات أعتقال قضائية وأدخال مليشياتهم في حروب على السلطة عند تطلب الأمر.
* يُلاحظ الصفة التاريخية ألانقلابية التي تنطبق تماماً على القادة الخمسة الذين تجمعوا في أربيل، فتاريخهم السياسي المُسجّل مليئ بتصرفات أنقلابية شخصية على حلفائهم في العمل الوطني. ويبدو أنهم لايعيرون أهمية لأي سلطة تشريعية مخولة لمشاريع الأصلاحات وألأتفاقات. فهم يناقشون المشاريع بسرية ويصدرون بيانات ونقاط تهديدية الى رئيس الوزراء، دون أن تُناقش أو تمرر على السلطة التشريعية أولاً، لأقرار أولوياتها وأستيفائها لشروط العمل النيابي التشريعي.
* يُلاحظ في التصريحات الفضفاضة و المزايدات السسياسية، منطق الوعد والوعيد السابق لقوى تتنافس على القوة والسلطة وتحتفظ لنفسها بمليشيات وأدارات مافيا الفساد والسرقات في الدولة التي ظهرت كلها كدفعة واحدة مع الوجود العسكري الأمريكي، الذي أختل هو أيضاً بمعرفة أسباب مساندته لمثل هذه القوى المتناحرة، وهو أمر جعل الولايات المتحدة تعيد تقييم وأعادة نظرمشاركتها، وتجعلنا كعراقيين نعيد النظر بمجمل العملية السياسية التي تولاها اللاهثون وراء المناصب والسلطة ونرفض من جديد الطروحات العنصرية الحالية للوعد والوعيد.
* لايوجد في نقاط الصدر السبعة ونقاط طالباني الثمانية، ثم تسعة ومطالب بارزاني وعلاوي التهديدية ( لتحقيق أصلاحات وتنفيذ أتفاقات سابقة ) أي أشارة، فقرة، أو كلمة واحدة تتعلق بضرورة أيجاد ألية:
محاربة الأرهاب. وقف تهريب النفط. وقف تهريب وسرقة أموال العراق. ومن الصفاقة عدم التطرق الى المادة الدستورية لحظر المليشيات والعصابات المارقة وتطبيق مواد السلطة القضائية وتفعيل العدالة ( في مجالس النواب الجديدة في أربيل والنجف ).
bull;يحاول القدة الخمسة الأيحاء الى العراقيين بأن هناك حكومتان وأدوارهم كانت أيجابية تقدمية ديمقراطية، ولم يكن لهم دور في فشل الحكومة ووضع العقبات أمامها بطريقة السخرية من الأخرين وأشغال أهل العراق بخلافات وحروب ( وهم أصلاً يتبؤون المناصب القيادية في السلطة ) وأقناعنا بالقبول بتصرفات قيادات سياسية مذهبة وقومية معروفة وأنقلاباتها المزمنة مهما كانت النتائج المدمرة لنفسية الشعب. الرموز الخمسة تريد منا ألأعتقاد أن تقدم العراق لن يتم أِلا بمشاريعهم والأيحاء بأن هناك حكومتان، حكومة فاشلة يقودها المالكي وحكومة ناجحة يقودها الأنقلابيون الذين لانعرف أي منقلب سينقلبون بالتأمر على أرض العراق وشعبه و والتصرف على عكس أرادته بعقلية مخيفة تتطلب الحذر.
bull;المؤامرات الداخلية والخارجية ماهي في حقيقتها أِلا أنحناء قيادات عراقية لمؤمرات يتم تنفيذها عن طريق الأنصار التابعين وتجار التهريب والعقود المزيفة في مليشيات السلطة وعلى أيدي مسؤولين من داخل الوطن نفسه. أنه أمر يتطلب أعادة النظر quot; بشدة وحكمةquot; في مسألة الولاء ومعاييره الثابتة والثقافة السياسية ومعاييرها وأعادة نقد وكشف النُخب والرموز المذهبية والقومية والعنصرية التي تتلاعب بسخرية في عقول السذج.
كيف تجتمع الديمقراطية ومليشيات المذاهب المختلفة في آن واحد وتصدر البيانات التهديدية من خارج العاصمة الأدارية بغداد ؟ لاتسأل. فنحن شعب مُغفل مقاد يحسم أموره بقوى الوعيد من قادة أنقلابيين يجتمعون خارج العاصمة الأتحادية بغداد وخارج المجلس النيابي، وتصدر منها نقاط لحل الأزمات وأعطاء المهل التهديدية (لتحقيق اصلاحات وتنفيذ اتفاقات سابقة).
هذه ألأشارات التهديدية لن تُزيد من شعبية قادة المكونات الخمسة الذين تجمعوا في أربيل والنجف سواء تم حسم قرار سحب الثقة عن الحكومة الحالية أم لم يتم.
غني عن القول أن سبب تراجع شعبية القادة الخمسة وشعبية المالكي كذلك قد تم بمحض أختيارهم بعد وضعهم البلاد في حالة صراع دائم ومناورات أنقلابية. كما أن أختيارهم لهذا النوع من الصراع سيعيد العراق الى دولة خاسرة تقاد من عصابات كما هو الحال في الصومال والسودان واليمن. تهديدات سحب الثقه بالحكومه (وهي العبارة المضحكة لأعادة تجميل وجه السلطة المشوه)، فالشعب العراقي الذي منح هذه الثقة وجدَ أن الممنوحين عبيد لدول الجوار وأرهابيين من الطراز الأول وأدخلوا أرض الرافدين في صراع منحرف ومؤامرات مخيفة لاتقيم وزناً للمانح الأصلي.
والتصريح الخطير لرئيس الحكومة نوري المالكي في العاشر من أيار الحالي جاء من جديد بمفاجأة يحتاج الأنسان أن يدرك مغزاها ومعانيها، وهي ( أن حكومته ليست لديها أي سلطة ولا تعرف شيئا عما يدخل أو يخرج من وإلى المطارات الجوية إضافة إلى المنافذ الحدودية في كردستان، واعتبر أن مسألة تهريب النفط في الإقليم باتت واقعا، متهما الكرد أيضا بالتجاوز على حدود المناطق المتنازع عليها).
لا تتطلب هذه الحالة المرثية دراسة بحثية موسعة لمعرفة الخلل وأنما تتطلب أعادة التقييم وأعادة النطر بتصرفات أشخاص أنقلابيين مارسوا السلطة بكل سوء وعنجهية وأستخدموا المشاعر الحساسة للمذاهب الدينية والقومية بطرق شيطانية جعلتنا نتسائل: كيف يتم تحديث الديمقراطية بمليشيات تجوب شوارع المدن ؟
إنه أمر يتطلب منا جميعاً الحذر وأعادة النظر.
كاتب وباحث سياسي مستقل
التعليقات