لاريب من أن هناك شبه إجماع على أن الاوضاع في العراق تتجه صوب ليس التأزم فقط وانما بإتجاه غامض مقلق لايمکن مطلقا أن تحمد عقباه.
التجاذبات و المواجهات السياسية في العراق و التي تحدث حاليا على خلفية سحب الثقة من نوري المالکي رئيس الوزراء العراقي، لايبدو أنها تسير بالصورة التي يجب أن تسير في ظلال القانون و في هدى الدستور، إذ أن لجوء الاطراف المتخاصمة الى عقد إجتماعات مغلقة و إتخاذ قرارات خاصة تکاد أن تصل في الکثير من الاحيان الى درجة الانفعال و التشنج، يمکن على ضوئه توقع کل ماهو اسوأ في الايام القادمة، وان إغتيال السکرتير الخاص للنائب الاول لرئيس مجلس النواب بأسلحة کاتمة للصوت جنوبي غربي بغداد يوم الثامن من حزيران الجاري، وکذلك ماتردد و يتردد عن محاولات تصفية و إغتيالات و إجبار او إکراه النواب على توقيع أو عدم توقيع طلب سحب الثقة من المالکي، کلها تصب في إتجاه واحد ليس له من ثاني وهي خدمة مصلحة نوري المالکي نفسهquot;ومن يقف خفهquot; دون غيره.
العراق اليوم و في ظل العملية السياسية الفاشلة التي تمخضت عن الاتفاق الايراني ـ الامريکي المسخ من اساسه، يسير بخطى غير مطمئنة بالمرة صوب مستقبل يکاد أن يکون مجهولا بل وحتى من حقنا أن نتوجس منه أکثر من الريبة، حيث ليس هناك من طرف سياسي يفکر بمصلحة العراق و شعبه بقدر مايفکر بمصالح حزبية ضيقة او تنفيذ أهداف و أجندة quot;ماquot; لاتخدم العراق و أمنه و استقراره بقدر ماتخدم أطرافا دولية محددة يأتي على رأسها نظام الدجل و الشعوذة و تصدير القلاقل و الازمات في إيران و الذي يمکن دائما أن يشار له بالبنان عن کل ماوقع و يقع من أحداث دامية و إجرامية في العراق بصورة خاصة و العديد من دول المنطقة بصورة عامة.
الذي يجري حاليا في العراق من مواجهة سياسية عاصفة تتسم في الکثير من جوانبها ببعد تراجيکوميدي يميل أغلب الاحيان لسخرية تثير التقزز و القرف، ليس حبا او دفاعا عن الديمقراطية و سيادة القوانين أبدا، إذ لو کان الامر کذلك لکانت الاوضاع مختلفة عما هي عليها الان تماما، لکن يبدو أنquot;حارة کل من يده لهquot;، تحبذ منطقquot;کل يغني لليلاهquot;، وان مصلحة الشعب العراقي لايوجد مکان شاغر او فارغ لها في الوقت الحاضر، وانما الجميعquot;عربا و کردا و ترکمانا و کلدوآشوريين و يزيديين...الخquot; من دون إستثناء غارقون في عملية سياسية غريبة مشرئبة بکل أنواع الفساد السياسي و الاقتصادي الذي بات يغلب على العراق کله من أقليم کردستان و حتى البصرة التي تهدد العراق بأقلمتها في حال سحب الثقة عن المالکي!
لم يصبح المالکي في وضعه الحالي إلا لأن مختلف القوى السياسية العراقيةquot;بکل أطيافها المشارکة في العملية السياسية الفاشلةquot;، شارکت و ساهمت و صفقت للنظام الايراني عندما فرضه على الجميع عقب هزيمته في الانتخابات الاخيرة، ويبدو أن الجميع کانوا يفکرون و يتصرفون بمنطق النعامة التي تخفي رأسها في الرمال، حيث أن الذي حدث و يحدث في العراق منذ ذلكquot;الفرض غير الميمونquot;للمالکي، لم يخدم مصلحة و أمن استقرار العراق و شعبه وانما کان و لايزال في خدمة حفنة الملالي الحاکمين في إيران، ولو تحرك الجميع بهذه الصورة الحالية و بنية خالصة من أجل البلاد لصنعوا قدرا جديدا للعراق، لکن، أبطال سحب الثقة من رجل الملالي في العراق، عليهم أن يعرفوا جيدا أنهم قد دخلوا في مسرحية تم إعداد فصولها الاساسية في طهران نفسها، وان حلحلة و معالجة هذه الحالة العويصة ستتم في النتيجة و بالضرورة بعلاج هوquot;کيquot;آخر شبيه لذلك الذي قدمه للعراقيين عبر إعادة فرض المالکي.