الطاقة الداكنة أو المعتمة أو المظلة أو السوداء eacute;nergie sombre ou noire هي اللغز الأهم الذي تنطوي عليه تبعات تتعلق بمصير الكون برمته، فكثيراً ما تساءل علماء الكوزمولوجيا les cosmologistes، بشأن مصير الكون le destin de lrsquo;univers، وفي حال تقبل العلماء بأن حدث الانفجار العظيم البيغ بانغ Big Bang يمثل بداية الكون المرئي فلماذا لا يمكنهم معرفة نهايته؟ بعضهم تخيل حصول برود بطيء وتدريجي للكون المرئي، حيث تنطفيء النجوم في نهاية المطاف بعد أن تستهلك كل وقودها، فيما تخيل البعض الآخر من العلماء أنه في أعقاب مرحلة التوسع والتمدد الكوني الحالية، يمكن أن ينعكس الديناميك الكوني وتتقلص أو تنقبض كل المادة على نفسها la matiegrave;re se contracter sur elle mecirc;me، على نحو إنكماش عظيم Big Crunche معاكس للانفجار العظيم. ولكن، وبعد أن ثبت حدوث تسارع في التمدد والتوسع الكوني acceacute;leacute;ration de lrsquo;expansion de lrsquo;univers في السنوات الأخيرة فتح المجال لتخيل نهاية مغايرة للكون المرئي. اقترح العالم الأمريكي من جامعة دارموث universiteacute; de Darmouth الفيزيائي روبرت كالدويل Robert Caldwell فكرة أن مجرة درب التبانة، والنظام الشمسي، وكوكبنا الأرض، وكل الذرات المادية سوف تنفجر في ما يمكن أن نسميه المكشط أو المحك الكبير Big Rip فالطاقة المظلمة أو المعتمة أو الداكنة التي تمثل 70% من مكونات الكون المرئي ستتغلغل بين كافة البنيات والهيكليات الكونية في الكون المرئي خالقة بذلك تسارع هائل في عملية التمدد والتوسع العادية القائمة حالياً وستنتهي بتفجيره. ويقول روبر كالدويل بأن العد العكسي سبق وأن بدأ ولم يبق أمام الكون المرئي، الذي بلغ من العمر 13.7 مليار سنة، سوى عشرون 20 مليار سنة قادمة فحسب قبل تشظيه. ووفق حساباته الرياضية، وقبل مليار سنة من نهايته المحتومة، تبدأ أكداس وحشودات وتجمعات المجرات بالتفرق عشوائياً في كافة الاتجاهات. وفي حوالي 60 مليون سنة قبل النهاية سوف يأتي الدور على المجرات المرصودة والمستقرة في دينامكيتها بالتفكك والتصادم ومنها مجرتنا درب التبانة ومجرة آندروميدا، ومن ثم تفجر وتفكك نجومها وسوف تغادر الكواكب أنظمتها الشمسية قبل ثلاثة أشهر من تحلل نجومها أو شموسها بسبب ضعف وانهيار ثقالتها أو جاذبيتها التي تمسك بمدارات تلك الكواكب. وسوف تنفجر الأرض خلال أقل من نصف ساعة وبعده سوف تتفتت الذرات في آخر ثانية من وجودها المادي ولكن هذا السيناريو الكارثي لا يزال مجرد فرضية تكهنية نظرية بحتة.
كل الحسابات النظرية الرياضية في هذا المجال تقول أن التوسع والتمدد للزمكان lrsquo;espace-temps مستمر بل ويتسارع أكثر فأكثر، أي بعبارة أخرى ليس أمام كوننا المرئي من خيار آخر سوى الاستمرار في التمدد والتوسع وبسرعة متزايدة أكثر فأكثر تأكيداً لفرضية التسارع التي تحدث عنها علماء شباب من بينهم الشقيقين التوأمين إيغور وغريشكا بوغدانوف Les fregrave;res Igor et Grichka Bagdanove في أطروحتمها لنيل الدكتورة في الفيزياء النظرية والرياضيات المعاصرة. ولقد ظهر خبر صحفي مدوي في أكتوبر 1998 تلقفته كل مختبرات الأرض ومؤسساته العلمية بشغف ومن بينها مجلة الطبيعة الشهيرة وفحوى الخبر هو إن الضوء المنبعث من بعض النجوم البعيدة في لحظة انفجارها وهي نجوم السوبرنوفا Supernovae أو المستعر الكبير، أظهر بجلاء لا يقبل الشك أنها أبعد بكثير مما كنا نعتقد في حساباتنا السابقة بشأنها والحل الوحيد لتفسير ذلك هو أن الكون المرئي يوجد في حالة تسارع في تمدده وتوسعه وإنه مدفوع بفعل قوة خفية غير مرئية ومجهولة الهوية لا أحد يعرف ماهيتها تقذف به في أتون الفراغ المتنامي. ولو ثبت ذلك علمياً ومختبرياً ومن خلال الرصد والمشاهدة، فإن ذلك سيعني أن التباعد الحاصل بين المكونات المادية للكون المرئي، اي المجرات والنجوم والكواكب والغازات والأغبرة والأكداس والحشود والسدم تتباعد عن بعضها في حركة غير قابلة للإنعكاس والارتداد irreacute;versiblement ولن تعود إلى الخلف بل ستستمر إلى ما لانهاية Jusaqursquo;a lrsquo;infini، اي إلى أن تختفي في الأفق الكوني للكون المرئي مما يعني أنه بعد زمن طويل جداً ستصبح السماء أو الفضاء مظلماً وموحشاً وبلا حياة. أعتبر البعض هذه القوة الخفية الغامضة بمثابة القوة الكونية الجوهرية الخامسة المكملة للقوى الأربعة الأخرى اي الجاذبية أو الثقالة والكهرومغناطيسية والقوة النووية الضعيفة والقوة النووية القوية أو الشديدة وسماها الكانتيسونس La quintessence واعتبرها البعض الآخر بمثابة القوة المضادة للقوى الجوهرية الأربعة المعروفة، وأعتبرها بعض العلماء الفطاحل كستيفن هوكينغ بأنها الأهم في تاريخ الوجود المادي كله، لأنه بفضلها سوف نعرف ما إذا كان للزمان الذي نعرفه بداية، وهل هناك زمان سابق له، وماهي طبيعته وماهيته. وإلى اليوم لا تزال الطاقة السوداء أو لمظلمة أو المعتمة أو الداكنة، حسب أهواء العالم الذي يدرسها، لغزاً غامضاً لا نعرف أصله ولا محتواه ولا ماهيته ولا مكوناته كما قال العالم الفذ إدوارد ويتين Edward Witten الذي أضاف إن اكتشاف هذا المكون المجهول غير رأساً على عقب كل ما كنا نعتقده بشأن قوانين الكون الجوهرية. خاصة وإنها تملأ الكون المرئي وتتحكم بمصيره حيث لا تمثل المادة المرئية للكون المرئي أكثر من 5%، بعبارة أخرى اتفق الجميع على أن الطاقة المظلمة أو الداكنة أو المعتمة هي قوة ضغط سلبي force de pression neacute;gative أو هي طاقة شبحية eacute;nergie fantocirc;me لها شوائج قربى بالثابت الكوني constant cosmologique الذي اكتشفه آينشتين في معادلاته النسبوية سنة 1916 وتخلى عنه بعد أن اعتبره أكبر خطأ ارتكبه في حياته العلمية.
ففكرة وجود تقلبات ممكنة في لحظة الدلالة القياسية la signature meacute;trique إبان لحظة الانفجار العظيم تنطوي بالضرورة على وجود قوة جديدة كما ظهر ذلك بوضوح لا يمكن تفاديه في المعادلات الرياضية المتعلقة بهذا الموضوع. وهو ما سماه الأخوة التوأم بوغدانوف بالمجال اللاموجي champs scalaire الموجود حتماً في المرحلة المسماة المرحلة الكمومية أو الكوانتية للزمكان phase quantique اي قبل الانفجار العظيم. وهو مجال مرتبط عضوياً لا فكاك فيه بالتقلب الحاصل بالاتجاه الزماني fluctuation de la direction temporelle للكون قبل ولادته إثر حدث الانفجار العظيم. وفي لحظة الانفجار العظيم انفصل هذا المجال عن القياس العياري la meacute;trique وبالتالي سوف يقوم حتماً بتمديد الزمكان ومن ثم بتسريع التمدد والتوسع، والحال إن التمدد بدأ منذ زمن بلانك temps de planck اللامتناهي في الصغر إذ هو أصغر وحدة أو مدة زمنية يمكننا تصورها حسابياً. واليوم بدأ العلماء بالاقتناع بوجود ارتباط أو صلة بين التقلبات في الزمكان والطاقة المعتمة أو الداكنة أو السوداء كما كتب في ذلك عالم الفلك في جامعة أيدمبورغ universiteacute; drsquo;Edimbourg وأحد أهم خبراء هذا النوع من الطاقة وذلك سنة 2008 ألا وهو آندرو تيلور Andrew Taylor حين قال :quot; إن أحد الأصول الممكنة للطاقة السوداء أو المظلمة أو الداكنة يمكن أن ينجم عن تقلبات الفراغ fluctuations du vide.
يعتقد علماء ومنظرو نظرية الأوتار les theacute;oriciens des cordes أن لغز التمدد يعزى لظاهر غامضة سموها بالاختزال البعدوي reacute;duction dimensionnelle، اي ما يحدث عندما يختفي أحد ألأبعاد من الزمكان lrsquo;espace-temps وهذا يعني أنه ربما خضع الزمان، كبعد رابع، في لحظة الصفر، إلى مثل هذا الاختزال البعدوي إلى درجة إنه لم يعد يظهر في المعادلات الرياضية المرافقة لهذه النظرية، أو حصول ما يسميه العالم كوستا كوناس Costas Kounnas الفيزيائي النظري الذي عمل في مركز البحاث النووي الأوروبي سيرن CERN بالتمدد المركب dilation complexe كبديل للاختزال البعدوي، بعبارة أخرى مجال champ يحتوي على جزء واقعي partie reacute;elle وجزي خيالي أو متخيل قح partie imaginaire pure لأن التمدد المركب هو الذي يحول البعد الرابع، أي الزمان، إلى إحدى إحداثيات الزمن المتخيل القح une coordonneacute;e de temps imaginaire pur. وبالتالي فإن تسارع التمدد والتوسع يمكن أن يكون مؤشراً تجريبياً على وجود سفتين متباينتين للزمان، ودليل آخر على وجود الزمان المتخيل أو الخيالي الذي سبق الزمان المادي في الزمكان المعروف لدينا ولكن قبل الانفجار العظيم.