بعد كل عملية صغيرة أو كبيرة او اي هجوم مسلح ضد اسرائيل أو الحصول على أي معلومة تمس امن هذا الكيان، تعودنا على ردود الفعل استباقية أو التحرك السريع بقصف ومهاجمة قطاع غزة واتهام حركة حماس وفصائل اخرى بذلك ومن الغريب ان ذلك لم يحصل من قبل اسرائيل.

ولكن الغريب انه وبعد الهجوم على الجنود المصريين في رفح فان اسرائيل التي تملك المعلومات الكافية لم تتهم اي جماعة بعينها واكتفت بالصمت حول هذا الموضوع الذي يثير الشك وتركت مجالا للتكهنات والتحليلات لتحصد نتائج الهجوم التي بدون ادنى شك هي المستفيد الاكبر منه.

فإسرائيل كانت تملك المعلومات قبل ايام من وقوع الهجوم بتحذير مواطنيها بعدم السفر ومغادرة سيناء ومن المحتمل ان تكون على معرفة بالجهة التي نفذت وخططت لهذا الاعتداء الاثم، وذلك من خلال اختراق عملاءها لهذه المجموعات واما ان تكون زرعت بعض العملاء لها لتحريض هذه المجموعات للقيام بهذه العملية والحاق اكبر الخسائر في صفوف جنود الجيش المصري لتكون ردة الفعل المصرية قوية لتحقق اسرائيل اهدافها ومن هذه الاهداف اجبار الجيش المصري للقيام بعملية لضرب هذه الجماعات المتشددة واتهام حركة حماس المسؤولة قانونيا عن قطاع غزة لزرع الفتنة بينهما، وخاصة ان مصر بعد فوز مرسي وطدت العلاقة مع حركة حماس وتعهُد الجانب المصري بفتح معبررفح وتسهيل حركة المرور للفلسطينيين.

ان جميع السيناريوهات محتملة وسيناريو ان تكون اسرائيل متورطة بهذا الهجوم المجرم غير مستبعد ولكن وان لم تكن متورطة فهي قد جنت ثمار هذا الهجوم وحققت مكاسب سياسية وامنية جمة بحيث تستطيع القول ان امنها مهدد من جهة الحدود المصرية في سيناء ولكي تضغط على الجانب المصري بأن لا يتهاون مع حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة.

من غير المعروف هل اسرائيل زودت الجانب المصري بأي معلومات عن الجهة التي نفذت هذا الهجوم وهذا امر مخابراتي لأن اي من الطرفين المصري والاسرائيلي لم يدل بأي معلومات عن الجهة التي تقف وراء الهجوم.

ولكن التستر على المعلومات من قبل اسرائيل وعدم مهاجمة قطاع غزة كذلك يثير الشك لان اسرائيل ارادت اظهار المسألة بأنها مصرية داخلية أو مصرية- حمساوية وكأن الامرلايعنيها وهذا الاحتمال من الممكن ان يشير بأن هدف العملية لم يكن اسرائيل وانما الهدف الرئيسي كان الجيش المصري. حتى ولو كانت اسرائيل هي المستهدفة وكان بحوزتها معلومات بأن الهدف الاول سيكون قتل الجنود المصريين فانها سمحت للهجوم ان يتم وتتصدى له بعد ذلك وبهذا تكون قد حققت اهدافها والدليل على ذلك هوعدم اصابة او مقتل اي جندي اسرائيلي.

اصبح واضحا بأن اسرائيل ارادت ان تصبح مصر هي الاداة التي تحمي أمن اسرائيل بصورة مباشرة أوغير مباشرة، انه وبعد هذا الهجوم أرادت اسرائيل ان تبرهن بأن مصر ضعيفة وغير قادرة على حماية حدودها.

اسرائيل تريد من مصر ان تتحمل مسؤولية وعبء حماية حدودها لكي لا تضطر هي الى فعل ذلك مما يؤدي الى مواجهة مع الجيش المصري، فاسرائيل خلصت نفسها من هذا العبء. وبالطبع حماية الحدود المصرية هو واجب الجيش المصري، ويجب على الجيش المصري ادخا السلاح اللازم وبسط سلطته وممارسة السيادة الكاملة دون اذن من اسرائيل التي تنظر الى هذا الامر من منظار اخر وهي تسعى لأن يقوم الجيش المصري بمحاربة كل من يحاول مهاجمة اسرائيل ليصبح الجيش المصري أداة بيد اسرائيل لحماية امنها.

و من الاهداف الاسرائيلية ايضا هو اجبار مصر بتوثيق التعاون معها والتنسيق في المجال الامني، وما تصريحات الادارة الامريكية بعد الهجوم باقتراح لمساعدة مصر في محاربة الارهاب الا لتحقيق هذا الهدف والذي يتمثل بتعاون مصر مع اسرائيل والولايات المتحدة وربط مصر باتفاقيات امنية جديدة لمحاربة العدو المشترك وهو التطرف.

الجيش المصري يجب ان يدافع في سيناء عن الامن القومي المصري والعربي وكل الاختراقات الامنية من جانب القوى المتطرفة التي هي عدو مصر وتهدد امن مصر، وايضا من جانب اسرائيل التي تخترق مصر داخليا وتحاول تجيير كل المسائل لصالحها بالدفاع عن امنها وتريد من الاخرين المشاركة بخدمة اهدافها، وتنسينا بأنها دولة محتلة يجب محاربتها.

كاتب وصحافي فلسطيني