عجيب امر هذه الامة، فهي لاتستفيد من تاريخ بعيد او قريب ولا يستوفقها سوى ذكر هيفاء وهبي أو اخر البوم ل أليسا !! اما حرمة الدم و هلاك العباد وتدمير البلاد فتلك صنعة يجب ان لايتوقف عندها أحد، والدين عند وعاظ سلاطينها تجارة رابحة تكاد تنافس عقود مسي في برشلونة ورنالدو في الريال!! لاتوجد أمة تتلذذ بقص لحم ابنائها وبيعه للاخرين باثمان بخسة كما تفعل quot; أمتنا العربية quot; التي أبتليت شر أبتلاء بشتى انواع التجارة القومجية والاسلامجية وهي مغتصبة من الداخل قبل الخارج فغالبية حكامها عبيد للكراسي وغالبية شعوبها مغلوبة على أمرها حد التغيب التام و الجهل المدقع.

وأخر ابتكارات الجهل العربي ان تزدحم المساجد والقاعات حد التخمة وفي عدة بلدان عربية لسماع quot; دجل quot; علني بائس عن ملائكة يقاتلون الى جانب مايطلق عليه quot; الجيش الحر quot; في سورية ضد قوات النظام! والغريب ان احدى هذه القاعات عجت بالتصفيق الحار للملائكة المزعومة بعد ان quot; قص quot; أحدهم على الحضور كيف ان كتائب الملائكة المزعومة في حلب قامت الى جانب الجيش الحر بتمشيط احدى أهم الساحات هناك من قوات النظام.! وفي قاعة أخرى كان واعظ البلاط يقص كيف ان فارسا أبيض جاء على فرس بيضاء ليصول ويجول في حي صلاح الدين وسط حلب لصالح قوات المعارضة، فيما كان الحضور يفتحون أفواههم وعيونهم الى حدودها القصوى ولم يكبد أحدهم نفسه عناء السؤال لماذا هذا الواعظ بين كلمة واخرى يخرج من فمه quot; ريح quot; يبدو انها تخرج تحت وطئة أكلة الكبسة الثقيلة التي فطر بها، والسؤال الاهم لماذا لم يترك هذا الواعظ البلاطي فرصة ليشاركه احد الملائكة في طعامه.

الكارثة في سورية ان شعبا خرج مسالما يطالب بحقوقه الانسانية والقانونية، فتدخلت اطراف خارجية باموالها و بادوات دموية لتحول الامور لمحاولات لكسر معادلات أجتماعية وسياسية و ستراتجية خطيرة ومحاولة رسم معادلات جديدة في المنطقة لم ولن يكتب لها النجاح طالما أن دوافع هذا التطفل الخارجي في وجهها الاول طائفية حد النخاع وفي وجهها الاخر أستعمارية حد العظم. فالداعمين للمعارضة المسلحة ضد النظام في سوريا هم في واقع الامر لايقدمون بديل ديمقراطي اوسياسي او حتى أنساني يعتد به لامن بعيد ولامن قريب اطلاقا لانهم بالاصل نماذج ديكتاتورية بحته، والأدهى من ذلك ان حصة الاطراف العربية المشتركة في هذه اللعبة الخطيرة ضد النظام في سوريا تكاد لاترى في أعظم المجهرات السياسية با هي مشاركة ظاهرية تجير لاطراف خارجية قريبة وبعيدة غير عربية وفي كل الاحوال ان المطلوب اليوم ليس راس النظام في سورية فحسب بل المطلوب رأس سورية الشعب والدولة نفسها وهي اكبر من النظام والمعارضة مجتمعين او منفردين. لذلك تسخير الدين بعد ان تم تسخير الثروات والمليارات لهذا الهدف الدموي والتاريخي الخطير سيكون منجم كوارث لن تستفيق منه المنطقة والامة والاقليم الا بعد عشرات العقود الظلامية التي بدأ يبشر ويتوعد بها البعض منذ عدة شهور.

ان لعبة الملائكة المزعومة هذه لن تنطوي الا على جهال القوم وهم في واقع الامر كثر، وأن هذه اللعبة ستوفر وقودا لاطالة أمد الازمة الدموية في سورية ولتمتد بعد ذلك الى بلاد عربية أخرى يظن حكامها أنهم في عاصم من نيرانها ودمائها التي تناثرت على أرض سورية وقبلها على أرصفة وشوارع واسواق العراق. وأن من يجادل بشعارات الديمقراطية وحقوق الانسان عليه ان يلتفت الى نفسه اولا، ماذا يمثل واي صورة حكم يقدم حتى تتوفر له بعد ذلك المبرارات المنطقية المقبولة بحدودها الدنيا للمنطق والعقل البشري السوي، اما غير ذلك فهو عبث دموي ستكون له عواقب وخيمة على الجميع دون أستثناء او أعفاء. ثم لمصلحة من يتم استنزاف سورية الدولة والشعب بهذه الطريقة الكارثية؟

اعتقد جازما ان بعض التغيرات الخطيرة في الخيارات الستراتجية المهمة لدى النظام السوري ستجعل الاوامر تصدر عاجلا لهذه الملائكة المزعومة لتدور حول دوار صلاح الدين الشهير في حلب وتاخذ الاتجاه الاخر في العودة الى المدينة الصناعية لهذه الملائكة المزعومة التي تحمل ماركة صنع في مدينة quot; أضنه quot; التركية بدعم خارجي وباموال عربية وفتاوى بائسة، ومن يساوره الشك عليه فقط السفر الى هذه المدينة العثمانية ليرى كيف ان الفنادق والشوارع والاسواق تزدحم بالشباب العربي من المغرب حتى المشرق والذي بيع باأبخس الاثمان وهو يجهز نفسيا وعقليا للقتل والموت في سورية بعد أن نفذت عليه عمليات غسيل الدماغ والضمير التي تعرضوا لها في هذا البلد العربي او ذاك.. فالى أين نحن ذاهبون؟ ولمصلحة من؟ بالملائكة المزعومة او بغيرها! والسؤال الاخر وطالما هكذا اصبحت تقسيمات اللعبة الخطيرة في منطقتنا، لماذا هذه الملائكة الدموية لاتراها الا طائفة معينة دون غيرها! وايضا متى يتم توجيه هذه الملائكة لتحرير القدس الشريف؟ أم ان هذه الملائكة الدخيلة تعرف حدودها عند اسرائيل فتقف لها احتراما وخوفآ وارتعادآ.

[email protected]