الزيارة التي قام بها quot;علاء الدين بروجرديquot; رئيس لجنة الأمن القومي في مجلس الشورى الإيراني لدمشق، يوم الأحد السادس والعشرين من أغسطس 2012 ولقائه بوحش سوريا بشار، كانت مهمة للغاية، لأنّها أعادت التأكيد على التحالف المشبوه بين نظام وحش سوريا ونظام الملالي. وفعلا كما يقول المثل العربي (قل لي من هم أصدقاؤك، أقل لك من أنت). ففي الوقت الذي تقف فيه غالبية دول العالم مع ثورة الشعب السوري المطالبة بالحرية والكرامة ووقف نهب ثروة الشعب السوري ووطنه، نجد أن نظام الملالي ومعه الصين وروسيا، هم من يقفون في وجه إرادة الشعب السوري داعمين الطاغية الذي أوقع حتى الآن ما يزيد على خمسة وعشرين ألف قتيل من الشعب السوري، إلى حد أنّه اصبح خبرا عاديا يوميا سقوط من مائة إلى مائة وخمسين قتيلا.
quot; أمن سوريا من أمن إيرانquot;
هذا هو أهم تصريح صدر من الزائر الإيراني لدمشق، وهو بذلك يقرّ بهذا التحالف المشبوه بين النظامين، اللذين يتخذان من تسميات المقاومة والممانعة وإبادة إسرائيل، شماعة يعلقون عليها قمعهم لشعبيهما السوري والإيراني، فقمع مظاهرات الشعب الإيراني طوال الأعوام الماضية لم يكن أقل وحشية من قمع الوحش ونظامه لتظاهرات الشعب السوري. لذلك فالأمن الذي يقصده الزائر الإيراني هو أمن بقاء النظامين المتسلطين على شعبيهما بالقمع والدم، وإلا من يصدق أن تظاهرات الشعب الإيراني العديدة الأعوام الماضية، قادها أئمة لا يقلون مرتبة دينية عن آية الله علي خامئني، ويكفي التذكير بزعيمي المعارضة الإصلاحية الإيرانية، السيدان quot;مير حسين موسويquot; و quot;مهدي كروبيquot; اللذان وضعا قيد الإقامة الجبرية في منزليهما منذ عامين وما زالا، بسبب قيادتهما للمظاهرات العارمة ضد نظام الشعارات الفارغة بدءا من السلاح النووي إلى إزالة إسرائيل من الوجود، في حين أن 31 مليونا من الشعب الإيراني يعيشون تحت خط الفقر حسب آخر احصائية للبنك المركزي الإيراني، أي حوالي نصف الشعب الإيراني البالغ سبعين مليونا تقريبا. وكم كان وحشيا أن يصاب السيد quot;مير حسين موسويquot; يوم الخميس الثالث والعشرين من أغسطس 2012 بمشكلة في القلب، فينقله الملالي للمستشفى لساعات ثم يعيدونه يوم الجمعة للإقامة الجبرية ثانية. وقد ناشدت جمعيات الإصلاح والمعارضة الإيرانية الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي أن يطلب من علي خامئني أثناء حضوره المرتقب لقمة عدم الانجياز بالإفراج عن السيدينquot; مير حسين موسوي و مهدي كروبيquot;.
هذا كما أنّ نسبة الفساد والفضائح المالية في نظام الملالي لا تقل عن نسبة فساد وسرقات آل مخلوف أخوال وحش سوريا. ويكفي التذكير حسب المصادر الإيرانية ذاتها بما عرف بفضيحة 6. 2 مليار دولار التي تمّ نهبها من المصارف الإيرانية، وتمّ اعتقال quot;عنايت الله رباحيquot; ابن أخت quot;اسفنديار رحيم مشائيquot; صهر أحمدي نجاد ومدير مكتبه لضلوعه في هذه الفضيحة اللصوصية. وردا على هذه الفضيحة بفضيحة مماثلة اتهم الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد quot;مجتبى خامنئي quot;- نجل من يطلق عليه صفة المرشد الأعلى للثورة الإيرانية quot;آية الله علي خامنئيquot; - باختلاس 3 مليارات دولار من أكبر بنكين في إيران هما quot;صادراتquot; و quot;مليquot;. لذلك فأمن سوريا وإيران الذي يعنيه quot;بروجرديquot; هو أمن أشخاص النظامين القائمين على القتل والسجون ومصادرة الحريات وسرقة ثروات الشعبين السوري والإيراني. وهذا التشابه التطابقي الكامل بين النظامين هو ما يجعل نظام الملالي يدافع عن وحش سوريا متجاهلا كافة عذابات الشعب السوري التي أساسا لا تقل عن عذابات الشعب الإيراني الذي تترحم نسبة عالية منه على أيام شاه إيران.
وتصريحات الوحش إصرار على القتل
وكانت تصريحات وحش سوريا بمناسبة زيارة حليفه الإيراني لا تقل صلافة ووحشية وإصرارا على المضي في القتل والجرائم التي ترقى فعلا لمستوى الإبادة الجماعية. فقد صرّح معتبرا أنّ quot; ما يجري حاليا من مخطط ليس موجها ضد سوريا فقط، وإنما ضد المنطقة بأسرها التي تشكّل سوريا حجر الأساس فيهاquot;. نعم إنّ سوريا حجر الأساس في المنطقة لو كان يحكمها نظام ديمقراطي مقاوم حقيقة. أما نظام الوحش وريث الوحش والده، فهو نظام ديكتاتوري استبدادي فاسد، فأية ديمقراطية عندما يتحكم وحش وابنه في مصير سوريا وشعبها طوال 42 عاما حتى اليوم؟. وأي مخطط يستهدف هذا النظام ولماذا؟. هل كان هذا النظام منذ عام 1970 عقبة أمام أي مخططات عالمية لدول شرقية أم غربية كي تحيك ضده (مؤامرة كونية) كشفتها كوليت خوري مرشدة الوحش الأب وابنه الذي اقتبس منها اكتشاف هذا المخطط؟. ألم يحارب نظام الوحشين بعث وصدّام حسين طوال ما يزيد على ثلاثين عاما؟. ألم يشارك جيش بعث الوحش في حرب تحرير الكويت من احتلال صدام الإجرامي أيضا؟. ألم يهرب هذا النظام من الجولان عام 1967 قبل سقوطها تحت الاحتلال الإسرائيلي فعلا؟. ألم يمنع هذا النظام اطلاق أية رصاصة على دولة الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1973 من الحدود السورية وحتى اليوم؟ لذلك فإنّ هذا المخطط هو مخطط الوحش ونظامه للإستمرار في القتل الذي تجاوز عدد ضحاياه من الشعب السوري منذ اندلاع الثورة السورية، خمسة وعشرون ألف قتيل نسبة عالية منهم عائلات بأكملها من النساء والأطفال. ويكفي أن يعي الجميع حجم اللاجئين السوريين الهاربين من القتل والموت، فقد زاد عددهم في الأردن عن مائة وسبعين ألفا، وفي تركيا يزداد عدد اللاجئين يوميا، وقد أعلنت تركيا التي تزيد امكانياتها الاقتصادية عن الأردن عشرات المرات، أنّها لا تستطيع استقبال ما يزيد على مائة ألف لاجىء سوري، مما يعني أن عددهم يقترب سريعا من هذا العدد الذي لا تتحمل تركيا أكثر منه.
هوامش سريعة
1 . أستغرب قبول الأخضر الإبراهيمي لمهمة وساطة ورقابة جديدة في داخل سوريا. هل سيكون أكثر كفاءة من المراقبين العرب الذين فشلوا في وقف القتل اليومي فانسحبوا؟ ثم تلاهم المراقبون الدوليون ففشلوا وانسحبوا. ثم تلاهم موفد الأمم المتحدة كوفي عنان ففشل وانسحب معترفا بفشله. فلماذا يقبل الأخضر الإبراهيمي هذه المهمة الفاشلة مسبقا إزاء هذا الإصرار من الوحش على الاستمرار في القتل وتدمير قرى ومدن سوريا؟
2 . كان ظهور فاروق الشرع نائب الوحش السابق أمام الضيف الإيراني فقط لاتخاذ صورة ديكورية له، لتثبت أنّه ما زال في سوريا ولم ينشق بعد، ولكن الصورة لا تنفي أنّ الشرع فعلا قيد الإقامة الجبرية، وكان هذا مؤكدا من طريقة ظهوره في الصورة مما يعني أنّه تم جلبه لحظات لالتقاط الصورة ثم اعادته لمكان الإقامة الجبرية، بدليل أنّه لم يصدر عنه أي تصريح حول الزيارة، ولم يشارك في أي اجتماع لنظام الوحش منذ شهور عديدة.
3 . ما أشيع عن لجنة رباعية سيطرح الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي تشكيلها في قمة عدم الانحياز لمعالجة الأزمة السورية، تتشكّل من مصر والمملكة السعودية وتركيا وإيران، محكوم عليها بالفشل مسبقا إن تمّ تشكيلها وهذا ما أشكّ فيه، لأنّ هذا الفشل قاعدته اختلاف مواقف الدول المطروحة لتشكيل اللجنة، فتركيا ومصر والسعودية مع رحيل وحش سوريا وخلاص الشعب السوري منه، وإيران فقط مع بقائه للتشابه الكامل بين نظاميهما، وبالتالي إن شكلت اللجنة فستكون مجرد مضيعة لوقت ومناقشات ومماحكات لن يستفيد منها إلا النظام في كسب مزيد من الوقت لمزيد من القتل والجرائم...وبالتالي فالأمل معقود فقط على إرادة الشعب السوري وجيشه الحر في داخل سوريا وليس خارجها، فمصارعة نظام الوحش تتم في الداخل بنفس وسائله وليس ببيانات خطابية من الخارج.
التعليقات