كثيرا ما كنت أسمع جدتي تتحدث عن تميّزنا عن الأديان الأخرى، حيث لا وسيط عندنا بين الإنسان والخالق. كما في المسيحية أو الديانات الأخرى.. ولم أشعر خلال تلك السنوات بنفوذ لرجال الدين آنذاك.. بل ما كنت أراه آنذاك هو إقتصار عمل رجال الدين على تلاوة القرآن الكريم.. وتلاوة خطبة الجمعة التي كان يستلمها يوم الجمعة من الجهات الحكومية.. بينما ما أراه على معظم الشاشات الفضية الآن وفي القرن الحادي والعشرون. تسابق فقهاء الدين على النجومية على الشاشات الفضية.. مستغلين ظروف الإنسان العربي للضخ المستمر بالترعيب والترهيب من الله.. ومن لافتاوي التي لا تنتمي لمنطق ولا عقل. بإسم الدين ومع إزدياد نجوميتهم يزداد نفوذهم على تغييب العقل الواعي للإنسان العربي.. ويؤكد وجودهم كوسطاء بل سماسرة.. لله على الأرض.... من خلال خطاباتهم. فتاويهم.. شبكاتهم التلفزيونية الخاصة والعامة. بحيث أصبحت الجتمعات العربية، وإلى حد كبير، مجتمعات مغيّبة.. مريضة ليس لديها القدرة على تشخيص مرضها والتعافي منه بالحرية وإعمال العقل...
خطبة الشيخ المفتي العام للملكة السعودية عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ.. والتي قرأتها في إحدى الصحف العربية يوم 4-1-2013.. quot;quot; وجوب أن rsquo;تعزل المرأة عن الرجال quot;quot; إستهلال مظلم لما ستواجهه المرأة السعودية.. تليها المرأة العربية من خلال ما يدفعه شيوخ الوهابية للحركات الإسلامية.. فبينما تحتفل نساء العالم بمدى إنجازاتهم في مجالي الحقوق والمساواة.. تؤكد خطبة الشيخ على أسوأ ما قدّمته الأديان للمرأة.. وهو الإنتهاك لحقوقها تحت غطاء التشريع الديني.. ومقولة إرادة الإله..
خطبة الشيخ.. تؤكد أحاديث النبي المشكوك بصحتها، ليس فقط لأنها عن.. وعن.. وعن.. وكتبت بما يقارب 300 سنة بعد وفاة النبي.. بل لأنها تتناقض مع شخصية النبي نفسة الذي حض ودعا إلى الرحمة والرفق بالمرأة.. والمعروف في السيرة النبوية بأنه لم يضرب إمرأة أو يعتدي عليها طيلة حياته.. و تدعّم الفتوى المريضه الأخرى للشيخ يوسف الأحمد قبل سنوات بهدم الكعبة وإعادة بنائها ولكن بعد عزل الجنسين عزلا تاما عن بعضهما البعض لأنه لا إختلاط بين الجنسين في الإسلام ؟؟؟
كلاهما.. غير عابىء بأن هذا العزل يؤدي إلى الأمراض المجتمعية والتي تبرر العنف الجسدي والعنف اللفظي.. نتيجة عدم نشوء الشكل الطبيعي للعلاقة بين الرجل والمرأة بدءا من المشاركة في مقاعد الدراسة الإبتدائية.. عزلها هو ما يؤدي إلى أمراض مجتمعية أعقد وأكبر من إستطاعة حلها تبتدىء بالكبت الجنسي وحب الإستطلاع الأكبر الذي يجعل من التحرش شيئا طبيعيا في هذه المجتمعات.. وقد يؤدي كنتيجة حب الإستطلاع و عدم القدرة على التحكم بالأحاسيس الجنسية إلى إغتصاب الأقارب..وهي الظاهرة الموجودة في مجتمعاتنا العربية.. ولكنها تدخل ضمن المسكوت عنه !!
وفي كل هذه الحالات فإن مثل هذا الخطاب rsquo;ينمي ظاهرة تغافل المجتمع عن المجرم الحقيقي في هذه الجريمة.. وrsquo;تذبح المرأة كقربان للمجتمع على قدر لم تكن مسؤولة عنه ؟؟؟
إن السماح بمثل هذه الخطب في منابر الجوامع.. والتي من المفروض أن تكون منابر للدعوة إلى تساوي البشر.. الرجل والمرأة.. منابر للدعوة إلى إحترام المواطن الآخر بغض النظر عن جنسه او لونه أو عقيدته.. هي منابر لهدم التناسق المجتمعي ودعوة إلى خلق مجتمع مريض بالخوف من الإله.. بدل محبة الإله.. فمحبة البشر من محبة الإله..
لماذا rsquo;ينظر للمرأة المسلمة على أنها عورة.. لماذا rsquo;تربط القيم المجتمعية كلها بجسد المرأة.. بينما لا ترتبط باخلاقيات الرجل ومعاملته لشريكة حياته بالإحترام المتبادل.. وبتكملة بعضهما الآخر..
ماحدث مع المرأة السعودية التي تدرس مع زوجها في أوهايو، والتي نجت بأعجوبة من الموت بعد أن ضربها الزوج ضربا مبرحا.. وحاول خنقها ؟؟
هي ضحية هذه الثقافة التي يغذيها فقهاء الدين.. ولكنها أيضا محظوظة لأن الحادثة حصلت في أميركا التي لن تتفهم أن ضرب المرأة جزء من ثقافتنا التي ندافع عنها في المحافل الدولية بانها إحدى أهم خصائص مجتمعاتنا الإسلامية والتي نتميز بها بالخصوصية ؟؟؟؟ وعليه نرفض الأخذ بأي من القوانين والمواثيق المرتبطة بحقوق المرأة لأن ثقافتنا وعاداتنا أعلى وأسمى من أن نتخلى عنها ؟؟؟
هذه المرأة الناجية.. ستحصل على حقوقها كاملة في المجتمع الغربي الذي سيدافع عنها كإنسانة.. وستحصل على اللجوء.. وكل المساعدات الطبية والقضائية والمالية لتمكينها من الحياة بدلا من أن تبقى عاله على زوجها.. أو على الملحقية السعودية التي لفظتها وحاولت الضغط عليها للتنازل عن القضية.. وأصرت على أنه خلاف شخصي وقطعت مصاريف بعثتها لإجبارها على العودة..
ترى كم من نساء العالم العربي سترحل هربا من جحيم إنعدام الحقوق والتحايل عليها بإسم الدين ؟؟؟؟
إن دعوة الشيخ هذه وفي ظل تغيّر المجتمعات.. ووسائل التواصل الإجتماعي الحديثة والمتطورة التي كسرت كل الحواجز والحدود ليس إلا تعرية لثقافة مجتمع بكاملة تؤكد تقبل المجتمع لعبودية المرأة.. وتبرر لضربها وحرمانها من كل الحقوق.. وأنها ليست إلا ديكورا يزين حياة الرجل.. ولكنه إضافة إلى كل ذلك يصّر على عزلها وإنعزالها ؟؟؟؟
التعليقات