بحسب المعلومات التي نشرتها صحيفة الوطن السعودية يوم أمس الاثنين 14/1/2013م والتي ورد فيها خبر تحت عنوان (الأسد يقيم على متن quot;بارجةquot;) و(تحت حراسة روسية.. و مروحية تنقله من عرض quot; البحر المتوسط quot; إلى دمشق) يمكننا أن نقرأ الكثير من تطورات الأحداث التي سبقت هذا الخبر على ضوء احتمالات ربما تؤشر على النهاية القريبة لرحيل هذا السفاح، وخلال وقت قد يكون قريبا جدا.
فبعد الخطاب الذي ألقاه الطاغية في الأسبوع الماضي، كثف النظام من استخدام صواريخ باليستية داخل المدن والبلدات، ثم كانت تلك الصفقة المخزية التي ساوم فيها النظام إطلاق سراح سجناء سياسيين سوريين بلغ عددهم 2136 مقابل 48 من الشبيحة الإيرانيين الذين اعتقلهم الجيش السوري الحر في شهر رمضان الماضي، بطريقة كشفت للجميع كيف يزدري هذا النظام المجرم السوريين ويهين كرامتهم الوطنية (وكان النظام قد رفض من قبل إطلاق سراح بعض السجناء السياسيين مقابل عسكريين وشبيحة أسرهم الجيش الحر).
واليوم إذ يعود وزير الخارجية الروسي (لافروف) للمربع الأول مرة أخرى، رافضا إقصاء الأسد من المرحلة المقبلة، في ترديد غبي لمضمون الخطاب التعيس فيما يقيم هذا الأخير على متن بارجة روسية، مع تزامن نصب صواريخ الباتريوت لحلف الأطلسي على حدود تركيا الجنوبية بنهاية هذا الشهر ؛ يبدو واضحا أن ثمة الكثير من الدلالات على انتهاء حقبة هذا النظام.
فتوقيت الصفقة التي تم بموجبها إطلاق الشبيحة الإيرانيين في هذا الوقت، ربما يكون مؤشرا آخر على الاستعداد من طرف إيران لنهاية اللعبة. لاسيما وأن صحيفة الوطن السعودية نشرت قبل اسبوعين خبرا آخر عن (تجنيد وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية للعميد حافظ مخلوف ndash; ابن خال الرئيس الأسد - دون علم الأسد وقياداته العسكرية والاستخباراتية السورية، وهو الأمر الذي بات يشكل هاجسا كبيرا لدى الأسد من الاختراقات بحسب المصادر)
وإذا أضفنا إلى ذلك ما تردد من أنباء في وسائل الإعلام عن نزوح الكثير من عائلات الضباط العلويين في النظام من دمشق وحلب إلى اللاذقية وطرطوس طلبا للحماية الطائفية، على وقع تقدم الجيش السوري الحر في حرب المطارات لإنهاء السلاح الأخير لهذا النظام المجرم، يمكننا تبين ملامح المشهد الأخير لرحيل الطاغية ونظامه إلى الجحيم.
لقد بدا واضحا ان الزمن بدل الضائع لهذا الدكتاتور المجرم هو فقط للمزيد من الانتقام عبر غريزة بدائية، ومن أجل سفك المزيد من دماء الأبرياء والنساء والأطفال، مطمئنا في ذلك كله إلى حماية روسية ودعم إيراني، وصمت أمريكي بارد، وحذر أوربي بليد.
بيد أن الغائب الأكبر في الوعي المتخلف لهذا النظام، أن من يدير المعركة اليوم ومن يتحكم في مساراتها بمختلف الفعاليات إنما هو الجيش الحر.
فهذا الجيش الذي أصبح من الممكن أن يكون كل عضو فيه من أفراد الشعب في عموم سوريا هو من سيحسم الأمر ــ طال الزمن أو قصر ــ لسبب بسيط ؛ هو إرادة الشعب الحقيقية في الخلاص من هذا الطاغية، سيرا على خطى الشعوب الحرة ضمن حراك الربيع العربي من أجل تصفية أعتى قلعة للاستبداد في المشرق العربي وحين يقرر شعب ما الخلاص من طاغيته فليس هناك أي قوة في الأرض قادرة على إعاقة تنفيذ وعده.
هذه الحقيقة البسيطة عجز الطاغية المعتوه عن استيعابها ؛ ليس لأنها غير قابلة للتصديق، فقد حدثت أكثر من مرة في كل من: تونس ومصر وليبيا، وإنما لأن خياله المريض ووعيه المنفصل عن الواقع صور له أوهامه التي صدقها، وسيظل يصدقها إلى أن يواجه مصيره الدموي الأخير على يد الثوار.
حديث لافروف عن عدم رحيل الأسد هو أشبه بالكلام الأخير في خاتمة المسرحية التي تدل كل المؤشرات على نهايتها.
لكن قد يكون لافروف صادقا في حديثه عن عدم رحيل الأسد ؛ لا ليقينه بقدرته على المواجهة، وإنما لإدراكه أن مثل هذه النماذج العصابية من البشر لا تتخلى عن وعيها المختل بالعالم وبالتصورات والأوهام التي تعيش فيها، بحيث لا تعي حقيقة الواقع إلا من خلال صدمة قوية ومروعة حين تواجه مصيرها الدموي وجها لوجه. هكذا ـ وبحسب صحيفة الوطن السعودية ــ إذ يقيم الطاغية داخل بارجة بحرية ويتنقل خائفا، يبدو ذلك منطقيا لاسيما بعد أن وصلت قنابل الجيش الحر بالقرب من قصره وبعد أن قتل أكثر من ستين الفا من شهداء الشعب السوري. وكما استفز السوريين وأهانهم بتلك الصفقة المخزية التي كشفت كم أن هذا النظام هو في الحقيقة (وكالة إيرانية) هكذا أيضا ربما استفز هذا الطاغية الجبان أركان نظامه وشبيحته ــ وهم على العموم من جملة خدمه وزبانيته ــ بالإقامة في بارجة روسية فقط لأنها روسية وقادرة على حمايته أكثر من أي بارجة سورية حتى؟!
[email protected]