قال الاديب والمناضل الفلسطيني غسان كنفانيquot; إذا كنا مدافعين فاشلين عن القضية.. فالأجدر بنا أن نغير المدافعين.. لا أن نغير القضيةquot;، قال هذا الكلام قبل اكثر من اربعين سنة، ولا يزال الشعب الفلسطيني الذي تربى على الدفاع والحفاظ على هويته بالرغم من عمليات التذويب لهذه الهوية والقضية، لا يزال يحلم ابناء هذا الشعب بالرجوع الى ارضهم وبيوتهم وقراههم ومدنهم، وتعلم الاطفال حب فلسطين كأنهم هم الذين عاشوا هناك. كاتب وصحفي فلسطيني
لذلك يحاول العدو الاسرائيلي تغيير وطمس معالم القضية الفلسطينية ليتم نسيانها مع الوقت، وتحاول بعض القوى الدولية وخاصة الولايات المتحدة الامريكية الضغط على بعض الدول العربية بحجب المساعدات المالية عن السلطة الفلسطينية كعامل ضغط لفرض الاستسلام على الشعب الفلسطيني وتحقيق اهداف الاحتلال وفرض شروطه على الجانب الفلسطيني بعدم المطالبة بحقوقه المشروعة.
على الرغم من مرور سنوات طويلة على احتلال العدو الاسرائيلي للأرض الفلسطينية، إلا ان هذا الاحتلال لم يقدر على اقتلاع محبة فلسطين من عقل كل انسان وطفل فلسطيني في بلاد ومخيمات الشتات، فعندما تسأل الطفل من اين انت، فالجواب دائما يكون فلسطيني، وحتى الاطفال يزيدون عليها اسم القرية او المدينة التي ينحدر منها ابائهم واجدادهم.
لهذا السبب ليس هناك خوف من ان تضيع فلسطين القضية والارض، مهما بنى العدو من المستعمرات والبيوت على ارض فلسطين، فلسطين التاريخية، وليس فلسطين التي يحلو للبعض ان يختزلها بالضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، لا احد يستطيع ان يمحو من الذاكرة حقول الزيتون وبساتين الليمون والبيوت التي سكنها ابائنا واجدادنا، والدليل على ذلك المفاتيح التي يحتفظ بها البعض كرمز للعودة الى هذه الديار مهما طال الزمن ومهما غير العدو من الجغرافيا.
ان تمسُك الفلسطينيين بوطنهم وحلمهم بالعودة منذ طردوا من ارضهم، لا يمكن ان تلغيه اقامة دولة، هذا ان سمح العدو بإقامتها، ومن غير المعروف كيف سيكون شكل هذه الدولة، هل سيُسمح لها بالسيطرة والسيادة على بحرها وجوها وارضها وقراها ومدنها، ان حلم اللاجئين هو العودة هناك الى صفورية والناصرة وحيفا ويافا وعكا وصفد، لا الى دولة لا تتسع للذين يسكنون فيها، فاللاجئ في المخيمات في غزة لن يبقى في هذه المخيمات، واللاجئ في الضفة الغربيىة لن يرضى بأن يعيش في مخيمات البؤس، وماذا عن اللاجئين في الشتات، الى اين سيعودون.
فإذا كانت القيادات الفلسطينية تعرف ان حق العودة صعب تحقيقه في ظل الظروف الحالية والغير مؤاتية للشعب الفلسطيني بسبب تعنت الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة، والتي لا يمكن ان تقبل بحل يضمن عودة اللاجئين، فما الذي ترجوه هذه القيادات من المفاوضات التي لن تحقق للفلسطينيين ما يطمحون اليه، وانما ستحقق هذه المفاوضات لاسرائيل ما تريده من خلال شرعنة احتلال الاراضي وتحقيق الأمن والهدوء.
على القيادات التي تستعجل اقامة الدولة الفلسطينية بأي شكل من الاشكال، ليسجل لها إقامة الدولة الفلسطينية، يجب عليها اولا دراسة ما يريده الشعب الفلسطيني وما تأثير اقامة دولة على اقل من22 بالمائة من ارض فلسطين التاريخية، وهذه الدولة لن تكون لسكان الضفة الغربية وغزة فقط، وانما ستكون دولة الشعب الفلسطيني الذي يعيش في الشتات، والذي سيكون له الحق العودة الى هذه الدولة، والبعض الاخر بالطبع لن يقبل الا العودة الى ارض الاجداد والاباء، وهنا سؤال يطرح نفسه من سيضمن حقوق هذا الشعب بالعودة بعد ان توقع دولة فلسطين على انهاء الصراع مع العدو الاسرائيلي و شروطه بالامتناع عن المطالبة بحق العودة.
ان الشعب الفلسطيني لن يتصالح مع هذا العدو ولن يهادنه، فالقتلة ومجرمي الحرب وسارقي الارض لا يمكن التصالح معهم، ولا يحق لهذه القيادات انهاء الصراع إلا بالعودة الى رأي الشعب وهو الذي يقرر مصيره، وعدم الموافقع على الحلول التي ترتئيها مناسبة من وجهة نظرها فقط.
ان عمر القضية الفلسطينية 64 سنة والشعب الفلسطيني لم يعلن استسلامه وما زال مستعداً للتضحية من اجل حقوقه وبجميع الوسائل، وهناك شعوب قاتلت وناضلت مئات السنين من اجل نيل الاستقلال والحرية، وهنا لا ندري لماذا القيادات الفلسطينية تستعجل الحلول التي لا تحقق طموحات هذا الشعب، والتي من الممكن ان تُضيع الحقوق الفلسطينية باتفاقات أنية وهزيلة.
فلسطين لن تضيع وهي ملك للشعب الفلسطيني، وليست ملكاً لقيادات معينة أو لفصيل أو تنظيم معين، ان الشعب الفلسطيني باق، وستأتي اجيال جديدة تؤمن بتحرير كل فلسطين لكل الشعب الفلسطيني، وعدم الموافقة على قيام دويلة على مقاس وطموحات القيادات الحالية التي لا تؤمن بالمقاومة، وخاصة الكفاح المسلح الذي هو حق مشروع ضد من شرد هذا الشعب من ارضه ودنس المقدسات وقتل واعتقل ابنائه.
- آخر تحديث :
التعليقات