قانون اللقاء الارثوذكسي، قانون النسبية، قانون الستين، قانون فؤاد بطرس... يطرحون، يتناقشون، يختلفون ويتراشقون بالتصاريح الاعلامية ويكيلون لبعضهم البعض الاتهامات، بأن الآخر يريد أن يفصّل قانوناً على قياسه، قانون يضمن له الوصول الى المجلس النيابي بأكبر عدد من المقاعد.. غريب، وهؤلاء الذين يكيلون الاتهامات على أي قياس يريدون أن يفصّل القانون الانتخابي الجديد؟ لا يحاولوا أن يقولوا لنا انهم يريدون قانوناً على قياس الوطن، فالغبي لن يصدّق ذلك، لو كان الوطن يهمّهم لكانوا قاموا بواجباتهم تجاهه كل من موقع مسؤوليته.

منذ بضعة أشهر عندما كان النواب يتناقشون بوضع قانون جديد للانتخابات في لبنان، أعلن وزير الداخلية مروان شربل أنه يعطي فرصة حتى أول سنة 2013 ليكون قانون الانتخاب الجديد جاهزاً وبالتالي يصبح أمام الوزارة متسع من الوقت للتحضيرات اللوجستية كي تقام الانتخابات في موعدها.. أذكر وقتها عندما كان أعضاء الأطراف السياسية يخرجون من المناقشات، كلهم كانوا يقولون نحن لا نريد قانون الستين والطرف الآخر يماطل حتى يتأخر اقرار القانون الجديد ونعود ونجبر على اجراء الانتخابات على أساس القانون القديم، وينهالون بالنعوت على ذلك القانون، ذي الذيول السورية. وأنا أتابع التصاريح، وأراقب النبرة التي كان يتحدث فيها كل طرف، تلك الثقة بالنفس بأنه على صواب والآخر مخطىء، وكأنه هو المخلّص لهذا البلد والآخر يأخذه الى الخراب. وقتها سألت وماذا عن الشعب اللبناني، ذلك الشعب الذي يتبعون معه سياسة التجويع كي يكون خياره الانتخابي متماشياً مع مصلحتهم، هل فكّر أحدهم برأيه في الموضوع، وان كان أصلاً يثق بهم في أن يختاروا له قانون انتخابي جديد وعليه مجلس نيابي جديد؟ قانون ومجلس يخدمون حقه؟ والمضحك المبكي في هذا الموضوع أن اللبناني أمام خيارين أحلاهما مر، فغير الذين اختاروا أن يكونوا نعاجاً للأحزاب والطوائف، سواء بإرادتهم أو بغير ارادتهم، هناك فئة تريد التغيير الحقيقي، تشعر أنها سئمت من هذا الطاقم السياسي برمته وتحتاج الى دم جديد قادر على التغيير، وهذه الفئة لا تجد البديل القادر على تحقيق طموحها في أن يكون هناك بلد بكل ما للكلمة من معنى وليس مزرعة طوائف! هذه الفئة لا تجد البديل المناسب، أو على الأقل من يسيطرون على اللعبة السياسية حصروا الفرصة بأتبعاهم ولم يعطوا أي فرصة لدم جديد، وعليه كل ما يمكن لهذه الفئة أن تفعله أن تمتنع عن التصويت أو تصوّت بورقة بيضاء كحد أقصى، والتي ان كانت تسجّل موقفاً ولكنها لا تغيّر أي شيء في المعادلة!

منذ نحو ثلاث سنوات تقريباً، وفي مقابلة أجريتها مع مسؤول في الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم حول الجهود التي تقوم بها الجامعة لتمكين المغتربين اللبنانين من المشاركة في الانتخابات، سألته وقتها برأيك لما يعرّقل المسؤولين اللبنانيين تصويت المغتربين، فقال لي لأن المغترب لا يحتاج اليهم ليوظفوا ابنه أو لأن يقدموا له الخدمات الاجتماعية، وعليه فصوته سيكون على أساس الكفاءة، كما يحصل في الخارج، وهذا يخيفهم!
المغترب اختار الرحيل بحثاً عن حياة أفضل قدّمتها لها البلدان الأخرى، وبالتالي قد يتأثر بمن يُنتخب في لبنان ولكن ذلك لن يؤثر على حياته شخصياً، ولكن المقيم فحاله متخلفة، والسؤال متى سيصبح للمقيمين موقفاً يحسب له السياسيين حساباً؟ الجواب برسم الشعب اللبناني!