حسب تقارير صحفية الثلاثاء 8 ديسمبر الحالي كشف نائب وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبد اللهيان أن المبادرة التي تقدم بها بشار الأسد الأحد 6 ديسمبر تمت مناقشتها بالتفصيل في طهران قبل ان يعرضها الرئيس السوري في خطابه الأخير وبضؤ أخضر ايراني. سأعود لموضوع النصائح الايرانية في فقرات لاحقة.


أوجه الشبه بين بشار والقذافي وعيدي أمين

خطاب بائس حقا يعيد للذاكرة خطاب القذافي في شباط 2011 عندما وجه خطابه الشهير ضد المتظاهرين الذين اتهمهم بالخيانة وهدد أنه سيطاردهم من بيت لبيت ودار لدار وزنقه زنقه. ومن هو فوق سن 45 عام ربما يتذكر خطابات عيدي أمين الغوغائية والفظة قبل الاطاحة به كطاغية يوغندا الأوحد. عيدي أمين الطاغية الجاهل حكم يوغندا بين 1971 و1979 وخلال هذه الفترة قتل ما يزيد عن 100 الف يوغندي من قبائل أخرى. قبيلة اللوغبارا التي ينتمي لها تشكل 4 او 5% من السكان. تميزت خطاباته بالمبالغات الساذجة والابتعاد عن الواقع واصبحت مصدرا خصبا للتندر والتنكيت.

والقاسم المشترك بين هذه الخطابات هي اللغة الغير مهذبة الفجة والفظة والوقحة والتي تحمل في طياتها التهديد والوعيد وهي لغة اليأس ولغة الأخرق الذي فقد الصواب.

خطاب بشار الأسد الأخير لم يطرح حلولا بل تصعيدا وتخبطا في الأفكار هدفه تخويف الخصوم ورفع معنويات الشبيحة.


البصمات الايرانية واضحة

قراءة متمعنة لخطاب بشار الأسد الأحد 6 يناير الحالي تشير انه ينقل أفكار ايرانية وبنكهة بعثية تهديدية حيث احتوى الخطاب على مزيج من الفلسفة الكلامية التي تتجاهل الواقع واقحام بعض العبارات الدينية مثل quot;سيحشروا في النار يوم القيامةquot; ولكن في نهاية المطاف لم يطرح شيئا واحدا ايجابيا يمكن استغلاله كفرصة لفتح حوار حقيقي مع المعارضة.


النصائح الايرانية

في اواسط ابريل 2012 وحسب تقاريرصحفية عربية وغربية استلم بشار الأسد نصائح من اشخاص لهم علاقات مع ايران بأن يقبل المبادرات ويوافق على مقترحات كوفي عنان تكتيكيا وللاستهلاك الاعلامي ثم المماطلة التي لا نهاية لها كما تفعل ايران في موضوع الملف النووي أي التفاوض والمماطلة والتأجيل والتأويل وشراء الوقت وبيعه. وموافقة النظام السوري على تعيين الأخضر الابراهيمي كوسيط جديد يأتي في هذا الاطار المعروف. وحسب موقع CNN وبتاريخ 15 ابريل قدم المستشار السياسي للسفير الايراني في دمشق نصيحة لبشار الأسد باستخدام لغة قوية وعنيفة. كما شملت النصائح الايرانية استخدام لغة العنف والقوة لاحباط المعارضة والتركيز على قضية فلسطين والمقدسات الاسلامية وخطف راية الاسلام من المعارضة. أي المتاجرة بالقضية الفلسطينية لخدمة انظمة القمع والدكتاتورية وهذا ما تفعله ايران ذاتها لكسب تعاطف الشارع العربي الساذج.

عودة الى الخطاب فقد طرح بشار مقترحا غامضا بالتحاور مع ما يسمى المعارضة الداخلية المدجنة وكونها في الداخل فهي غير قادرة على وضع مطالب شعبية حقيقية مثل الاصرار على تنحي الرئيس ومن يجرؤ ان يقول ذلك سيتم تصفيته حالا. وحتى ان هذه المعارضة الضعيفة أعلنت رفضها للخطاب لأنه لم يقدم بما فيه الكفاية من مقترحات للخروج من الأزمة.


خطة سلام لابقاء بشار في سدة الحكم

احتوى الخطاب على فهلويات وخدع هدفها الرئيسي ان يبقى بشار في سدة الحكم للأبد مدعوما من ايران وحزب الله وروسيا والصين وأن يهرب من الحساب والعقاب للجرائم والمجازر التي ارتكبها نظامه بموافقته واوامره وسكوته. ردود الفعل العالمية ادانت الخطاب حيث اعتبرته بعض الصحف البريطانية حيلة جديدة لشراء المزيد من الوقت واعتبرته صحف أميركية بأنه لعبة خادعة للتشبث في السلطة والهروب من العدالة. ولكن بالنسبة لايران وحزب الله وروسيا فهو خطاب عظيم يحتوي على برنامج عملي لحل الأزمة السورية. وهذه الاطراف المشجعة تشارك بشار في ايمانه ومواقفه ان الثورة السورية ضده هي مؤامرة خارجية امبريالية وصهيونية واستعمارية وارهابية وموسادية وسلفية وقاعدية وتكفيرية وقطرية وسعودية وتركية وبريطانية وأن الثوار هم خونة وارهابيين وطائفيين ولصوص وقطاعين طرق ورؤوس واسلاميين متشددين ومتطرفين ووهابيين وعملاء وجهاديين وقتلة ومجرمين ومخربين ومتآمرين وغيرها من النعوت الكاذبة متجاهلين الشعب السوري وحقه ان يعيش بكرامة ويتخلص من استبداد بشار وعصابات الاجرام التي حوله.


زنقة بشار الأسد

خطاب زنقة زنقة للقذافي كان بداية نقطة التحول في الموقف الدولي. عندما ترجم خطاب القذافي الى اللغة الانجليزية لرئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ووزير خارجيته وليم هيغ، اتصل كاميرون بالرئيس اوباما واقنعه انه لا بديل لاسقاط مجرم ليبيا. وبدأ التحرك الدولي للاطاحة بالقذافي وعصابته.

خطاب بشار الأخير سوف لا يخيف المعارضة والشعب بل سيزيدهما تصميما على التخلص منه. وقد يكون قد استعمل كرته الأخير في ترويع وترهيب الشعب الذي رفضه ورفض حكمه وضحى بالدماء والاشلاء ليحصل على حريته. اذا كان هناك ارهابي واحد في سوريا فهو بشار الأسد وزمرته من الشبيحة. تشجيع ايران لهذا الخطاب سيسارع في اسقاط الطاغية السوري.