هكذا دون مقدمات اكتشف البعض انه مهمش في العراق الجديد، رغم ان مجرد نظرة بسيطة لقاعة مجلس النواب العراقي ومجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية سيرى المراقب المنصف ان هذا الادعاء يحمل من الباطل الكثير والكبير. بداية خرجت مظاهرة الرمادي تحت يافطة المطالبة بكسر القضاء والدستور من خلال اطلاق سراح حماية العيساوي ومع مرور الايام اصبح هذا المطلب في سلة النسيان وفي خبر كان!! لان الامور توسعت وتمددت بشكل كبير وعظيم ولايشكل ذلك التوسع اي صدمة الا لفقير الفكر والعقل، والكلام في مثل هذه الامور لايحتاج الى سلوك النعامة ولا الى quot;المجاملات الوطنية quot; الفارغة ولاحتى الى quot; التقية quot; المزعومة، لان الجماعة طلاب حكم ليس الا... ويبدوا ان بعضهم لايريد ان يستوعب ان عقارب الساعة في العراق لم ولن ترجع الى الوراء واذا كان لابد من الارجاع القسري فسيكون ذلك على حساب اطلال العراق الواحد، فلن يكون في العمارة والبصرة والسماوة والنجف الاشرف وبغداد وغيرها من مدن الجنوب والفرات الاوسط محافظ من تكريت ومدير الشرطة من الرمادي والقائد العسكري من الموصل ومدير الناحية من سامراء فتلك قسمة quot; ضيزى quot; ولت ولن تعود تحت اي شعار او يافطة وطنية كانت او قومية او دينية.

واضح النفس الطائفي المقيت المتحكم بهذه المظاهرات كوضوح ان هذا النفس الاصفر لايمثل كل أهل المحافظة، لكنه واقع موجود على الارض وفي عقول تستوطنها احلام العصافير امتدت للبعض في مدن الحكم السابق. وقد تم شتم الغالبية الساحقة من الشعب العراقي ووصفهم quot; بالخنازير ابناء الخنازير الصفويون العملاء أبناء الزنى quot; و هذا الكلام موثق على لسان احد اعضاء البرلمان بل ان وزير شتم الحكومة واجهزتها الوطنية وكانه من حكومة quot; الواق واق quot; الاسطورية!! وحتى الشعارات المرفوعة جميعها لاتحتاج الى عناء التفسير والتمحيص حتى وان حاول البعض في الساعات الاخيرة العمل على تعديل ظاهري للشعارات وابراز وجوه وهيئات جديدة في محاولة مكشوفة لكسب الاخرين ونشر الفوضى في مدن الجنوب. بل ان نموذج الشيخ السعدي المعتدل كما توقع البعض قد برز جوهره الحقيقي في بيانه رقم 8 وهو يدعو قوات الشرطة والجيش الى التمرد على الدولة والحكومة العراقية وهو يربط الامور بالوضع السوري!! وهذا المثال يعطي صورة واقعية عن تبادل الادوار ومحاولة الضحك على الذقون بالتستر وراء بعض الشعارات الوطنية البراقة والبائسة بنفس الوقت.

ان من أهم مفارقات هذه المظاهرة ان يطلق عليها quot; ثورة او انتفاضة quot; فهذا اقتباس خائب لاينطبق على حال عراق اليوم وهي حلقة مفرغة من الدوران على النفس ليس اكثر، فصدى الشعارات الطائفية قد افرغ اي مضمون او اي وجه وطني مزعوم لهذه المظاهرة التي قطعت الطريق الدولي وبقصد او بدونه أطلقت كل عوامل التحفيز للذكريات الدموية لطريق الموت الطائفي هذا. ومفارقة اخرى وأنتهازية واضحة ان يتم رفع علم اقليم كردستان العراق في المظاهرة ولو بالمقلوب و الى جانب علم النظام الساقط!! ومفارقة اكبر ان يسافر النجيفي الى البرزاني ثاني ايام هذه المظاهرات لتنسيق المواقف حول الاحتجاجات كما تم التصريح بذلك انها سوق نخاسة انتهازية لم يوفتها عزت الدوري فدخل هو الاخر على نفس الخط.

مختصر الكلام وصريحه وباللغة التي يفهمها البعض ان بعض مطالب المتظاهرين محقة وتستحق المتابعة والتحقيق لكن الاهم ان بعض سنة العراق من العرب لم يستوعبوا حتى هذه اللحظة ان يكونوا جزء من منظومة حكم العراق الجديد وبشكل قانوني ودستوري رغم انهم حصلوا على اكثر بكثير من حجمهم الحقيقي لذلك احداث سوريا وتدفق الدولارات والتحريصات العربية الطائفية اعطتهم زخم غير منطقي ومنحتهم نوع من الحمل الوهمي بالعودة الى حكم الاقلية الطائفية، وهذا بؤس مابعده ولاقبله بؤس وخراب للبلد مابعده خراب وضياع للعراق مابعده ضياع وبصريح الكلام ان أهل العراق من أهله الشيعة هم الاغلبية الساحقة حتى وان اجتمعت كل المذاهب والقوميات الاخرى في البلد، فاما ان يحترم الجميع هذه الحقائق التاريخية على الارض واما كل طائفة وقومية ترى طريقها المناسب فلقد مللنا من دور quot; ام الولد quot; الشريفة الطاهرة الحريصة على العراق فيما الاخرون يمارسون العقوق بكبائره وصغائره، ولايمكن التعايش مع أفاعي وعقارب تتحين الفرص بالاغلبية وتصفهم بالخنازير. اما ترديد اغاني الحرب مع ايران و حرق العلم الايراني والتهديد بتحرير بغداد من أهلها والذهاب لاحتلال طهران!! فتلك نكته من النوع المسخ تبلغ ذروتها برفع صورة اوردغان العثماني والعلم التركي، فهذا اعتراف صريح بالعمالة والتبعية الحقيقية لسلطان الباب العالي والجيش الانكشاري.


[email protected]