في مقالتي (رياح التغيير في تركيا )قبل عام (ديسمبر 2011) ومن على صفحات ايلاف الغراء، قلت ان السياسة التي ينتهجها السيد رئيس الوزراء التركي رجب طيب اوردوغان تمثل تطورا نوعيا كبيرا في مواقف الدولة التركية الحديثه من الشعب الكوردي وحقوقه العادلة وقلت انه من المفروض ان تترجم هذه السياسة على ارض الواقع وضرورة اللجوء الى الحوار المباشر من اجل سلام حقيقي وعادل وها هو الرجل يتفاوض في خطوة جريئة جديدة مع زعيم حزب العمال الكوردستاني السيد عبد الله اوجلان داخل سجنه في ايميرلي وكل المعلومات المسربه تشير الى انه تم الاتفاق على اتخاذ خطوات عمليه باتجاه إقرار حقوق الشعب الكوردي و ارساء دعائم السلام والاستقرار في تركيا.

الاتفاق خطوة اولية في سلسلة اجراءات وخطوات متلاحقة لحل المسألة ومن الممكن ان تتعرض مسيرة السلام هذه الى انتكاسات وتوقف هنا او هناك ولكنها قطعا تشير الى رغبة وتصميم السيد اوردوغان وحكومته الى الوصول لحل يتفق ومطامح الشعب الكوردي المشروعه ويرسي اسس نظام ديموقراطي يحترم حقوق الانسان في تركيا الحديثه اكثر من أي وقت مضى وهو ما يستوجب موقفا ايجابيا حازما من قبل قيادة حزب العمال الكوردستاني والالتزام الكامل ببنود هذا الاتفاق الذي يفتح افاقا رحبة امام تحقيق الشعب الكوردي لمطاليبه العادلة كل العدالة.

من المؤكد ان محاولة السيد اوردوغان لحل المسألة الكورديه تواجه عقبات حقيقيه داخل تركيا فالطبقة السياسيه التي تربت ونشأت على ثقافة انكار وجود الشعب الكوردي وبأنهم اتراك الجبال وتحريم التحدث باللغة الكورديه طيلة سبعة عقود بالإضافة الى وجود اكثر من 45 الف ضحية وقرابة خمسة آلاف قرية مدمره وبضع آلاف يقبعون في ألسجون تقف كلها و بشراسة ضد ولادة تركيا الديموقراطية الجديدة التى يتمتع فيها شعب كوردستان بحقوق المشروعه هذا في الداخل اما على نطاق الشرق الاوسط فان السياسة التي ينتهجها رئيس الوزراء التركي تخلق له ولحكومته اكثر من عدو فحل المسألة الكوردية في تركيا حلا عادلا سيعيد بالتأكيد ترتيب الاوليات والأجندات لا في تركيا فحسب وإنما على نطاق الشرق الاوسط وفي مجال قضايا السلام والديموقراطية وحقوق الانسان والتزام الطرفين التركي والكوردي بالسير قدما في تنفيذ بنود الاتفاق في اوقاتها المحدده سيكون عاملا حاسما في ايقاف اية محاولات لإجهاض مشروع السلام الذي في حالة نجاحه سيجعل من تركيا الديموقراطية اكبر قوة اقليمية مؤثره في المنطقة وبالتأكيد فان هذا يتعارض مع توجهات اطراف اخرى في المعادلات الاقليمية التي لديها نفس المشكلة ولا تريد ان تقبل لا بلغة العصر ولا بقضايا احترام حقوق الانسان وحرياته الاساسية.

الشجاعة التي دعت بالسيد اوردوغان الى الاعتذار للشعب الكوردي عن مذابح تونجلي ( ديرسيم ) هي نفسها التي تواصل وتدير المفاوضات مع زعيم حزب العمال الكوردستاني السجين في ايميرلي ومن المفروض والمطلوب ان تتجاوب قيادة حزب العمال، التي اعلنت اكثر من مرة الهدنه ورغبتها في السلام والحوار البناء مع جهود رئيس الوزراء التركي.
لقد دفع الشعب الكوردي ثمنا باهظا من اجل نيل حريته وحقوقه المشروعة وعلى قياداته ان لا تدع هذه الفرصة التاريخية تمر دون تحقيق نتائج ملموسة وسلام حقيقي عادل والمثل الكوردي يقول : لا يمكن التصفيق بيد واحده.

bull;[email protected]