الهجمات الإرهابية بامتياز مشين التي تعرّضت لها مدينة quot;أربيلquot; عاصمة إقليم كردستان العراقي الشمالي، يوم الأحد الموافق التاسع والعشرين من سبتمير 2013 ، مستهدفة المقر الأمني العام في المدينة quot;الأسايشquot; وتبنتها المجموعة الإرهابية التي تطلق على نفسها زورا وبهتانا ونفاقا اسم (الدولة الإسلامية في العراق والشام)، وأدّت هذه العمليات الإرهابية التي الإسلام الصحيح بريء منها ومن المجرمين الذين قاموا بها إلى مقتل حوالي عشرة أشخاص من بينهم على الأقل اثنان من الإرهابيين المجرمين (لا رحمة الله عليهم وعلى من درّبهم وأرسلهم). هذه الهجمات الإرهابية الإجرامية من الواجب الاستنفار لإدانتها وفضح مرتكبيها الذين يتسترون باسم الإسلام ليس في إقليم كردستان فقط بل في العراق كافة حيث لا يمرّ يوم أو إسبوع بدون هذه العمليات الإرهابية التي بعضها لا يخلو من خلفيات طائفية مرفوضة ومدانة، حيث لم تسلم حتى اليوم أية طائفة من ألاف القتلي والجرحي وتدمير مساجد وحسينيات. وكان إقليم كردستان العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي كامل حيث له برلمانه ورئيسه الخاص وكافة المؤسسات والوزارات، قد شهد قياسا بباقي الجمهورية العراقية هدوءا واضحا، إذ أنّ هذه العمليات الإرهابية هي الأولى منذ عام 2007 .
وهل هي مصادفة أم تخطيط اجرامي متعمد،
أن يأتي توقيت هذه العمليات في نفس يوم إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية التي شهدها إقليم كردستان، وتمتعت بنزاهة وشفافية نادرا ما شهدها بهذا المستوى أي قطر عربي، حيث لم يتقدم أي حزب أو شخص ممن شاركوا في الانتخابات بالطعن في أية نتيجة أو تسجيل أية مخالفة شهدتها عمليات الانتخابات. والدليل الأهم للغاية على نزاهة هذه الانتخابات هو أنّ من أبرز نتائجها، خسارة حزب (الاتحاد الوطني الكردستاني) الذي يرأسه الرئيس العراقي جلال الطالباني، إذ جاء في المرتبة الثالثة بعد حزب (الاتحاد الديمقراطي الكردستاني) الذي يرأسه رئيس الإقليم مسعود البرازاني، وحركة quot;غورانquot; التي يرأسها نوشيروان مصطفى، وأغلب أعضاؤها ممن انشقوا أساسا عن quot;حزب الاتحاد الوطني الكردستانيquot; الخاسر في الانتخابات وجاء في المرتبة الثالثة بعد الحزبين المذكورين. من المعروف أن (حزب الاتحاد الوطني الوطني الكردستاني) كانت له شبه سيطرةكاملة ونفوذ واسع في محافظة السليمانية مقابل سيطرة (الحزب الديمقراطي الكردستاني) في محافظة أربيل، وقد شارك في هذه الانتخابات حوالي ثلاثين حزبا وشخصية كردية، وكان الإقليم قد شهد أول انتخابات برلمانية في مايو 1992 حيث سيطر عليها الحزبان الرئيسيان في الإقليم. والنقطة المهمة هي اعتراف حزب (الاتحاد الوطني الكردستاني) الذي كان مسيطرا منذ عام 1991 بخسارته الانتخابات، رغم أنّه قياسا على السائد في غالبية الانتخابات العربية، كان بإمكان الحزب تزوير الانتخابات في محافظة السليمانية على الأقل لصالحه، ولكن الحرص على نزاهة الانتخابات جعل (حركة غوران) المنشقة عن الحزب في غالبها هي الفائز الثاني، وبالتالي فمن المهم أن يراجع الحزب سياساته وممارساته الداخلية التي أدت أولا إلى هذا الانشقاق عنه، ثم فوز المنشقين بالمركز الثاني في الانتخابات البرلمانية، مما يعني مباشرة أنّ المنشقين برئاسة أو مبادرة نوشيروان مصطفى كانت لهم أسبابهم المقبولة من الشارع الكردي المؤيد للحزب أساسا، فانتخبوا هؤلاء المنشقين الذين أسسوا حركتهم الجديدة ففازت بالمركز الثاني، مما يدلّل على أنّ أطروحاتها الداخلية لاقت قبولا واسعا في الشارع الكردي، وهذا ما يؤكد من جديد ضرورة مراجعة حزب الاتحاد الوطني الكردستاني لسياساته وخططه الداخلية، على ضوء أنّ الشعب الكردي خاصة في محافظة السليمانية ينتظر ما ستحدثه (حركة غوران) من انجازات وتغيير في السياسات تؤكد تميزها عن حزب الاتحاد الوطني الكردستاني وأسبابها المقنعة ميدانيا في انشقاقها التأسيسي عن الحزب .
لذلك فحدوث هذه الأعمال الإرهابية في يوم إعلان نتائج هذه الانتخابات النزيهة للغاية دليل على إجرام هؤلاء الإرهابيين وعدم احترامهم لرغبة وإرادة الشعب الكردي التي عبّرت عن رغبته في تأسيس ديمقراطية حقيقية تليق بشعب ناضل الظلم ومصادرة حرياته سنوات طويلة بما فيها منعه من استعمال لغته الأم لسنوات طويلة. والملفت للنظر حقا هو مشاركة كل التوجهات والقوميات والطوائف في هذه الانتخابات، فهناك ثلاثة أحزاب وحركات إسلامية شاركت فيها، نال منها (الاتحاد الإسلامي الكردستاني) المرتبة الرابعة بين الفائزين في الانتخابات. كما شاركت فيها أحزاب اشتراكية وشيوعيه: quot; الحزب الاشتراكي الديمقراطي الكردستاني) الذي فاز بالمرتبة السابعة، وquot; الحرية للحزب الشيوعي الكردستانيquot; الذي فاز بالمرتبة الثامنة، وهناك خمسة أحزاب تركمانية شاركت في الانتخابات، وquot;قائمة التجمع الكلداني السرياني الآشوريquot; وشخصيات مستقلة. فلماذا يقف هؤلاء الإرهابيون ضد إرادة الشعب الكردي بكل طوائفه وملله وقومياته؟.
كيف يهاجم مدّعون للإسلام انتخابات تشارك وتفوز فيها الأحزاب الإسلامية؟
تطرح هذه الهجمات الإرهابية سؤالا مهما وهو: من هو الذي يسير حسب تعاليم الإسلام الصحيح؟ هذه الحركة الإرهابية التي تطلق على نفسها اسم (الدولة الإسلامية في العراق والشام) أم الأحزاب الإسلامية الثلاثة التي شاركت في هذه الانتخابات؟ لقد جاء الجواب على هذا السؤال على لسان quot;الحزب الإسلامي العراقيquot; الذي قال في بيان له، كما نقل تقرير الزميل أسامة مهدي في إيلاف: quot; هذه التفجيرات تعزّز القول إنّ العراق بكامله يواجه معركة مصيرية تستهدفه وطنا وشعبا، ولا بدّ من التكاتف جميعا لتجاوز هذه المحنة الخانقة التي يتعرض لها بلدنا الجريح...لقد ظلّ إقليم كردستان يمثل ملاذا آمنا لكل أهلنا ممن واجهوا أقسى الظروف، وظلوا طيلة السنوات الماضية يقابلون برعاية وتعامل أخوي كبيرquot; ومركزا على ضرورة quot;العمل الجاد لعدم امتداد العصابات الإجرامية ونشاطاتها إلى هذا الجزء العزيز من وطنناquot;. إذن من هو المسلم الحقيقي يا عصابات الدولة الإسلامية في العراق والشام؟
وموقف رئيس الإقليم الهادىء العقلاني،
الذي عبّر عنه الرئيس مسعود البرزاني، مطالبا الجميع بالهدوء واحترام نتائج الانتخابات، ومن لديه أية شكوى فعليه اللجوء للإجراءات القانونية، مطالبا بحزم وقف المظاهر البشعة المتمثلة في إطلاق الأعيرة النارية احتفالا بالفوز، وهي ظاهرة عربية خاصة في بلاد الشام، ليس عند ظهور نتائج الانتخابات البرلمانية فقط بل في الأعراس ونتائج الثانوية العامة والجامعات ومناسبات أخرى عديدة، وينجم عنها دوما قتلى وجرحى. ويطالب الرئيس مسعود برزاني قوات الأمن باتخاذ مواقف حازمة من كل المخالفين. إنّ هذه العمليات الإرهابية التي شهدها الإقليم رغم ضحاياها الإرهابية إلا أنّها منيت بهزيمة ساحقة من خلال اتمام هذه العملية الانتخابية البرلمانية التي تمتعت بنزاهة تؤسس لمسيرة ديمقراطية ناجحة في الإقليم، عملية انتخابية شارك فيها إسلاميون يؤمنون بالمسيرة الديمقراطية ويدينون علانية هذا الإرهاب الإجرامي الذي يرتكب باسم الإسلام البريء من هذا الإرهاب و مجرميه.
www.drabumatar.com