صراع بدأ يقترب من سنته الثالثة، ومعه بدأ يظهر مفهوم جديد للوطنية عند السوريين، مفهوم قام على اساسه ابناء البلد بتقسيم الوطنية كما قسموا البلاد والمجتمع، وأصبحت الوطنية ذات تبعية، ولكل طرف من أطراف النزاع في سوريا مفهومه الخاص عن الوطنية، وله تصنيفه الخاص.
كيف تصبح وطنياً في سوريا اليوم؟..
يجب عليك أن تقدم طلباً، للحصول على هذا الشرف من الطرف المانح، ولكن يجب عليك في البداية أن تقرر عن أي نوع من الوطنية تبحث، ومن أي طرف سوف تحصل على هذا الشرف، وبجب أن لا ننسى المواصفات المعينة التي يجب علينا أن نتمتع بها للحصول على هذا العلامة المسجلة.... فهناك شروط مفروضة من الاطراف quot; النظام والمعارضاتquot; على المواطن السوري..
فمن أي طرف أنت؟.. وما هي مواصفاتك؟.. وهل تستحق أن تكون وطنياً؟
كيف يرى النظام، المواطن وطنياً من منطقه ومنطلقاته:
مفهوم الوطنية عند النظام يتعلق بعدة عوامل وثوابت، والمواطن يصبح وطنياً عندما، أو يجب عليه:
أن يقدم ولائه التام للنظام، أن لا يكون معارضاً، وألا يكون له أي صلة بالمعارضة السياسية والعسكرية على جميع المستويات، أن يقاتل المعارضة وجميع من يؤيد المعارضة، أن يكون شبيحاً، فالتشبيح من أعلى مقومات الوطنية وأرقاها، أن لا ينطق بكلمة ثورة أو تغيير أو إصلاح، أن لا يطالب بأي حقوق مشروعة أو غير مشروعة فهو لا يعرف أين تكمن مصلحته، أن لا يتظاهر ويلقي هتافات ضد النظام (فالنظام يعني الدولة..)، أن يكون قومجياً، أن يكون مقاوماً أو يدعي المقاومة في أسوأ الأحوال، أن يكون مع نظرية المؤامرة بغض النظر إن وجدت أم لا، والكثير من العوامل والثوابت الأخرى التي أعجز عن ذكرها.. وعكس ذلك فهو ليس وطنياً وهو مندس أو خائن أو ارهابي.
أما المعارضات.. فقصصها قصص، ففي البداية يجب أن تعرف من يمثلك من المعارضات إن كان هناك من يمثلك بالفعل، لتعرف إلى من ستتقدم بطلبك..
مفهوم الوطنية بالنسبة للمعارضة لا يختلف كثيراً عن مفهومه عند النظام ولكنه معكوس تماماً بطبيعة الحال، إذن، المفهوم يتشابه بمضمونه ولكن يختلف بثوابته.. فهناك أيضاً، يترتب على السوري تقديم الولاءات، فيجب أن يكون ولائه لطرف لا لآخر، على سبيل المثال، عند الائتلاف (الذي لا يشكل إلا جزء صغير من المعارضة) يجب أن يقبل به السوري كممثل شرعي وحيد له، أن لا يكون جزء من معارضات أخرى، لا خارجية ولا داخلية، أن يكون ثورجياً بغض النظر عن معرفته بمعنى الثورة وأهداف الثورة، أن يقتنع باستمرارية الثورة وبقائها على مسارها الصحيح وعدم انحرافها عن أهداف الثورات السامية، أن يقاتل النظام وكل من يوالي النظام وكل من هم ليسوا مع المعارضة، أن يرفض الحوار والحل السياسي، أن لا يسعى إلى مصالحة وطنية، أن يعترف بكل المجموعات المسلحة على أنها تشكيلات ثوروية تدافع عن الثورة، أن لا يكون مع نظرية المؤامرة فهي ليست إلا فزاعة صنعها النظام، أن يدعم العمليات العسكرية المسلحة حتى لو كانت مبنية على أساس باطل (المهم هو إضعاف النظام والسيطرة على زمام الأمور على أرض الواقع حتى لو كان هذا على حساب البلد وأهل البلد، فليس هناك نصر من دون شهادة.. quot; واللي خرب وتدمر بيتعمر quot;....)، وغيرها وغيرها.. وعكس هذا، فهو ليس إلا مستفيداً وخائناً وشبيحاً.
أما بالنسبة للمجموعات الإسلامية والمتطرفة، فمن الصعب تحديد شروطها لمنح شرف الوطنية، هذا إن وجد هذا المفهوم في تلك المجموعات.. فالأهداف مختلفة نوعاً ما عن أهداف باقي الأطراف، والتقييم لك عزيزي القارئ..
وهناك نقطة مهمة جداً يجب أن لا ننساها، بأن الولاءات للأطراف ومن الأطراف، مع الأسف أصبحت تبنى على أساس تبعيتها وولاءاتها بالأساس إلى أطراف خارجية عربية، إقليمية ودولية، وعلى أساسها يتم تقييم الدرجة ومنح شرف الوطنية...
إذن عن أي وطنية نتكلم؟
أصبحت الوطنية كأي علامة تجارية يروج لها على أساس انتماءات ومحسوبيات، وتستعمل لتصفية حسابات معينة ما بين مجموعات لا ينتمون بالأساس لهذا الوطن، وهم بعيدين كل البعد عن الوطنية ومفهوم الوطنية...
إذن عزيزي المواطن، هل أنت وطني؟.. وإن كنت كذلك.. هل وطنيتك تنتمي إلى طرف معين؟
وإن كنت لا تنتمي إلى اي طرف.. كيف تقيم وطنيتك وعلى أي أساس تصف نفسك وطنياً؟
وهل أنت بحاجة إلى أي طرف لكي يقيم وطنيتك بالأساس؟
[email protected]
- آخر تحديث :
التعليقات