لم أتوقع أن يحدث تعليقي على قناة ال بي بي سي حول تقرير عن ألإتجار بالبشر والعبودية والإستعباد.. عاصفة مماثله للعواصف التي أتلقاها من التعليقات على مقالاتي في إيلاف..والتي وبرغم إستيائي من التعليقات إلا أنني أشكرها لأنها تفتح الباب للحوار والرأي الآخر...

في مقالة لإحدى الصحفيات على إحدى الصحف الألكترونية الجديدة.. نشرت مقالة كامله بدون ذكر إسمي عن ذلك اللقاء تتهجم فيه عليّ بل تدعو إلى محاكمتي على رأيي وعلى عدم ذكري للرق الصهيوني والأميركي.. بالتأكيد أشكر الزميلة الصحفية على فتحها لباب من أهم الأبواب لموضوع المرأة.. ولكني أعتب على تلك المجله التي لم تنشر ردي التوضيحي عن الموضوع.. لإثراء القارىء العربي.. في موضوع يحذر الكثيرون الخوض فيه..!!!

وأتمنى على إيلاف نشر ردي هذا ليس دفاعا عن النفس. بل لفتح باب آخر للحرية الفكرية..
مقالتها التي تنضح بالحيوية والشباب غاصت في مواضيع نقدية متعددة بحيث إنحرفت عن الموضوع الأصلي.. ولكني اوافقها الرأي بأن الحلقه كان من الممكن أن تبحث في الموضوع بشكل أوسع وأدق.. ولكن وللأسف قناة ال بي بي سي لم تعطة سوى ما بين 5-7 دقائق فقط.. بالرغم من أنه يستحق أكثر من ذلك..

الحقيقة أنه وبرغم تصديق الدول العربية على معاهدة إلغاء العبودية إلا أن مظاهرها موجودة في معظم الدول العربية وقد تطرقت إليها في بداية النقاش.. والأصول المهنية تتطلب الصدق والجرأة في طرح الموضوع بموضوعية.. وحيث أن موضوع حقوق المرأة من إختصاصي فقد كان من الواجب عليّ خاصة وبعد أن طرح المشارك اليمني أنه وفي القرن الحادي والعشرون هناك سوق معروفه في اليمن لبيع العبيد والجواري.. وسؤال المذيعة لي فيما إذا كان هذا نابع من ثقافة محلية.. وفي رأيي أنه لا يمكن ردها إلى ثقافة محلية خاصة لأن كل ثقافة مرتبطة بعقيدة أما تشجب وترفض وتنهى.. وإما تجد لها مبررا كما في هذه الحالة..وفي رأيي أن آية ما ملكت أيمانكم هي ما برر لإستمرار هذه الثقافة.. التي تبرر لإستعباد المرأة وبيعها كجارية للإستمتاع الجنسي بها في هذا القرن.. وتقبلها مجتمعيا.. كما يحدث في اليمن يحدث مستترا في دول اخرى..
تقول الكاتبة.. quot;quot; باللغة كلمة ldquo;ملكrdquo; لها معان عدة، أبرزها: زوّج، وهي أيضا كلمة نتداولها في العامية حيث نقول: أملك فلان على فلانة، يعني تزوجا، أما عند أهل الاختصاص فالإملاك يأتي من توافر السعة والقدرة، ولا يحمل مفهوما حصريا خاصا بسبايا الحرب والعبيد والإماء، ولكنه ذو خصوصية عامة، وقد حدده السياق القرآني بما لا مجال للالتباس فيه، وحسب أهل الفقه فإن التأليف والتزوير بالمعنى هو إقحام من أولئك الذين يحاربون الدين بما التبس عليهم من إعجازه اللغوي!quot;quot;

وأنا من جهتي أؤكد بأنني كنت أتمنى أن يكون هذا هو التفسير الصحيح ولكن هذا يقابله تفسير أهل العلم والإختصاص كالتالي..
quot; أوضحه الإمام ابن كثير في تفسيره لهذه الآية حيث قال:
والذين هم لفروجهم حافظون* إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين* فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون...
أي والذي قد حفظوا فروجهم من الحرام فلا يقعون فيما نهاهم الله عنه من زنا ولواط، لا يقربون سوى أزواجهم التي أحلها الله لهم أو ما ملكت أيمانهم من السراري ومن تعاطى ما أحله الله له فلا لوم عليه ولا حرج، ولهذا قال: فإنهم غير ملومين.

فالمقصود (بما ملكت أيمانهم ) إماء كانوا يملكونهن، فهن من جملة أموالهم،
وإنما يضاف المال إلى اليمين لأن الكسب يقع بها غالباً،
وقد تكلم بعض العلماء عن الحكمة في إباحة ملك اليمين بلا عدد بخلاف الزوجات،

وبه يتبين أن إباحة ملك اليمين رحمة من الله جل شأنه وتوسعة على عباده، ولكن أباح للمسلم أن يطأ بملك يمينه ما شاء دون تحديد بعدد لأنه غير ملزم بالقسم والعدل بين الإماء كما هو الحال في الزوجات فقصره في الزوجات على أربع لأن ذلك أقرب إلى العدل كما أوضح ذلك ابن القيم رحمه الله.

سؤالي للصحفية وللجميع... ألا rsquo;يعتبر هذا تبريرا كافيا لأن تبقى هذه التجارة منتشرة ومقبولة إجتماعيا؟؟؟؟ ألا يعتبر هذا غطاء شرعيا مبررا لإستعبادا للمرأه؟؟؟؟
علينا الإعتراف اولا بان الإسلام دين مثله مثل بقية الأديان.. ولكي نثري الجميع بالحوار المنطقي والعقلاني علينا توخي الموضوعية والصدق بأنه وبرغم إصرارنا على أنه لم يتغير. إلا أن الباحث الموضوعي في كتب التراث..يجد وبمالا يدع مجالا للشك بان هناك الكثير من التغيير..

والإعتراف أيضا بأن الإسلام توافق مع ما كان موجودا في زمانه حيث كان الغزو أحد أهم مصادر الرزق.. ومن الممكن أن نبرر حاليا بأن الآية جاءت من منطلق حماية المرأة ورعايتها وإعالتها إقتصاديا.. ولكن لا يمكن التبرير بالعمل بها في هذا القرن..

الحقيقة التاريخية المعروفة أن هذه الآية ما برر للملك عبد العزيز مؤسس المملكة السعودية بأن يمارس العلاقة الجنسية مع من كن يعملن في القصر. وعليه فإن أنجبت ولدا تعتق ويكون أميرا.. وإن أنجبت بنتا.. يكون لها مخصصات.. ملك اليمن وإبن جارية هو ما أدخل اعضاء البرلمان الكويتي في متاهة فيما إذا كان من الممكن تنصيب الأمير سعد العبد الله أميرا للبلاد لأنه كان إبن جارية.. إلى أن أتفقوا بأنها طالما rsquo;عتقت فهو حر وأهل لأن يصبح أميرا للبلاد.. أحد التبريرات لملك اليمين.. بأن كل إمرأة يستطيع الرجل الإنفاق عليها فهو ملك له ويحل له العلاقة الجنسية معها.... وهو ما يقع تماما تحت جملة الصحفية quot;quot; فالإملاك يأتي من توافر السعة والقدرة quot;quot;..

.. سيدتي أن السبب الرئيسي لتأخر السعودية في التصديق على معاهدة إلغاء العبودية التي صدرت عام 1948 من الأمم المتحدة إلى ان صادق عليها الأمير فيصل بن عبد العزيز رحمه الله عام 1962( أكبر نصير للمرأة تحدى الجميع حين أصر على تعليم المرأة ).. التأخير والتبرير كان بسبب quot;كيف له بإلغاء ما قرره الشرع.. فالعبودية موجودة ولم rsquo;يحرمّها الإسلام.. بدليل وجود quot;quot; فقه الرق quot;quot;.

ثم قول عمر بن الخطاب quot; فيم الإماء يتشبهن بالحرائر quot;quot; يؤكد وجود الأمه العبدة.. ويؤكد عدم مساواة المرأة الحرة مع الأمة.. بدليل أن عقاب الأمة الزانية نصف عقاب الحرة الزانية.. (كما جاء في سورة النور ).
الإسلام حاول سد باب الإمداد للعبودية.. حين فتح باب التخلص من الرق عن طريق العتق ككفارة. وفك رقبة.. ولكن كل ذلك لا يرقى إلى تحريم العبودية كما في تحريم الخمر والميسر ولحم الخنزير..
العبودية كانت موجودة ومقبوله في كل المجتمعات.. ولا زالت تجارة الإتجار بالبشر مزدهرة رغم تجريمها.. ممكن أن أتقبل ذلك في دول الغرب التي تهدف إلى الربح المادي فقط.. أما في دولنا الإسلامية.... فلقد حباها الله من الرزق الواسع.. والدين دعا إلى معاملة العبد والمرأة الحرة والأمة بالحسنى...

سيدتي إحترام كل الأديان واجب.. برغم أنها ساهمت في إضعاف المرأة وفي إنتهاك حقوقها..والإسلام دين أخذ من اليهودية الكثير من شرائعها.. ولكنه إرتقى شيئا ما حين أقر للمرأة بطلب الطلاق.. مع ما يتطلب ذلك من الكثير من التنازلات.. وأقر لها نصف الإرث.. وحان الوقت لإخضاعه كما في بقية الديانات الأخرى للبحث الموضوعي.. والخروج من ساحة التفسيرات والتأويلات والتحايل على موضوع نصف الإرث.. لعدم إضاعة الزمن.. فصل الدين عن الدولة ضرورة ملحه خاصة فيما يتعلق بحقوق المرأة التي ربطها المشرع بالمرجعيات الدينينة بحيث أفقد المجتمع كله قدرة التغير والتطوير.. وتجذير لاديمقراطية... وفصل الدين عن الدولة سيحفظ الإحترام له بالإيمان بدون إقحامه في تأويلات وتفسيرات بل بإيمان يرقى بإنسانية الدين كما هو القصد من حكمة الله..

أحب أن أؤكد للصحفية وللقراء إلى معرفتي التامه بأن إسرائيل غاصبه ومحتله للأرض الفلسطينية.وإرتكبت جرائم ضد الإنسان الفلسطيني بما يرقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.. وتخنق الإقتصاد الفلسطيني.. وتؤجر العمال الفلسطينيين بأجور غير عادله.. ولكني لم أسمع عن قانون الرق الصهيوني هذا وأتمنى عليها وعلى القراء أن يبينوا لي ما هيته ورقمه. أيضا أعرف أن أميركا إستعبدت الإنسان الأفريقي الأسود وأعرف أيضا أن الرئيس جورج واشنطن ألغى العبودية عام 1799.. وفي عام 1827 إعتبرت تجارة الرقيق نوعا من القرصنة عقوبتها الإعدام... ولكن حقوق المرأة في العالم العربي لا زالت تراوح مكانها لأنها وفي كل مرة تخضع لعمليات التأويل والتفسير.. بحيث أبقت المرأة أسيرة مستعبدة من الرجل ومن المجتمع.. فإلى متى؟؟؟؟؟؟

منظمة بصيره للحقوق الإنسانية