في كل يوم، عجائب وممارسات مثيرة خطيرة وجديدة في عراق المالكي ومليشيات الخزعلي والبطاط والعامري. ومع كل يوم إضافي من التغلغل الإيراني، سياسيا وثقافيا وسلوكيا وتجاريا وquot;سياحياquot;، تقدم مليشيات المالكي والجموع الشيعية المضللة بالمتاجرين بدم الحسين بدعا جديدة وشعائر مستوردة من إيران، لم يسبق أن عرفها العراق الحديث، و مارسها شيعته المتدينون. ونعرف أن التشيع ولد أصلا في العراق، ولم ترافق مولده شعائر دق الصدور وشج الرؤوس التي ابتكرها الصفويون وشوهوا بها التشيع كمذهب ديني.

حديث اليوم هو عما جرى في البصرة غيرها للتو، من اعتداءات همجية على مهندسي وعمال شركات أجنبية لأنهم رفضوا وضع اللافتات والأعلام quot; الحسينيةquot; على واجهات تلك الشركات وسياراتها. وقد رأينا صورة بريطاني مدمي الوجه بعد تعرضه لضربات بربرية متتالية. وأما حكومة المالكي، فقد طردت بعض عمال إحدى الشركات بحجة quot;العدوان quot; على الشعائر من أعلام ورايات باسم الحسين والعباس، وكأنما الحكومة الموقرة تريد ان يتحول كل البشر إلى ضاربي الصدور وشاجبي الرؤوس ورافعي الرايات، ليس فقط سنة العراق وحسب، بل حتى غير المسلمين من العراقيين ومن الأجانب العاملين في العراق.
في صغري وصباي، وقد بلغت اليوم عشية الرحيل، كنت أتابع المواكب الحسينية في محلاتنا والشوارع، وأحيانا أشارك فيها، ولكنني لم أر ولم أسمع عن صور تمثل الإمامين علي والحسين وراية باسم العباس يفرض رفعها على كل العراقيين. ولكن المليشيات الشيعية اليوم راحت تقيم جداريات في البصرة وغيرها، وتطلب من كل مواطن أن يضع راية [ سوداء أو خضراء]، ومن لم يفعل، فهو معاد للشيعة وللحسين، ومارق يستحق العقاب. والأنكى والأخطر ان مجموعات quot; منتخبةquot; من أفراد هذه المليشيات الإرهابية الطائفية قررت السفر بعشرات السيارات للموصل [ ذات الأغلبية السنية] مع رايات العباس، في عملية استفزاز طائفية مكشوفة وخطرة، وهذا بينما تستمر عملية التطهير المذهبي في أطراف بغداد والجنوب[ كمطاردة آل السعدون].
في رأيي، أن التنديد باستفزازات وممارسات كهذه واجب يتحتم خاصة على ممثلي المجتمع المدني والتيارات الديمقراطية التقدمية وجميع العلمانيين العراقيين. صحيح أن التحركات حول رواتب وتقاعد النواب مهم، ولكن الأهم عشرات المرات هو التصدي الحازم والسلمي للممارسات الطائفية، التي يغذيها ويحميها المالكي، وإدانة التغلغل الإيراني المستمر، ومن بين نتائجه خطف النساء الأشرفيات اللاجئات في معسكر أشرف، وإعدام 52 من اللاجئين هناك على أيدي قوات المالكي.
إن رفع الأصوات حول الرواتب الأسطورية لا يغفر الصمت الذهبي عما يجري اقترافه من جرائم ضد الإنسانية في أشرف وليبرتي، ولا يعفي أبدا من الإدانة الحازمة والواضحة للممارسات والتحركات لطائفية الاستفزازية الخطرة، التي تقوم بها المليشيات الشيعية، التي هي تحت إمرة المالكي ومكتبه، مثلما هي السجون والمعتقلات السرية في المنطقة الخضراء، والتي يشك في أن المخطوفين الإيرانيين اللاجئين السبعة محجوزون هناك ويتعرضون للتعذيب بمساعدة عناصر من فيلق القدس. ومعروف أن تلك المليشيات تشارك أيضا في تقتيل السوريين، ويستقبل الرسميون ورجال الدين النجفيون جثث من يقتل من أفرادها في المعارك هناك- كما تظهر الصور مرة بعد مرة. وهذا ما يفند قول المرجعية والحكومة عن الحياد المزعوم.
لا يلام المثقفون المؤيدون للمالكي عن صمتهم، سواء كان التأييد عن قناعة أو لأسباب غيرها؛ ولكن المثقفين وممثلي المجتمع المدني من الديمقراطيين والوطنيين العلمانيين سوف يدركون يوما ما أن صمتهم ساهم في مواصلة الجرائم والطائفية والتبعية لنظام الفقيه.