صرح وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية في الرياض عقب لقائه مع نظيره السعودي الأمير سعود الفيصل خلال الأسبوعين الماضيين، فقال quot;إن قيادة المرأة السعودية هي شأن سعودي داخلي، وهم مَنْ يقرِّرون متى يتم ذلكquot;. وهذا التصريح يذكرنا بنفس الأسلوب المستخدم في تصريحه الذي أزاح الحرب عن سوريا، حينما قال quot; إن الرئيس السوري بشار الأسد يمكنه تفادي ضربة عسكرية أمريكية، إذا سلّم كل الأسلحة الكيماوية التي لديهquot;. ولكن، قد فات على الوزير الأمريكي أن المواطن السعودي يعلم جيداً أن تصريح كيري بشأن قيادة المرأة السعودية مشابهٌ تماماً لتصريحه بشأن الكيماوي السوري.

كلا التصريحين يعزف على الأوتار الحساسة، كما هو يعتقد. فعلى الرغم من تنصّت دولته على أكثر من سبعة مليارات مكالمة سعودية، إلا أنه فيما يبدو لم يقرأ تقاريرَ تلك المكالمات التي فيها أن السعوديين يرون منذ البداية أن أمريكا تتدخل في الشؤون الداخلية السعودية دون وجهِ حق، وأن أمريكا تسعى دوماً للتأثير على السعودية بما يتناسب مع المصالح الأمريكية في المنطقة. كما أنه فيما يبدو لم يطلع على التحليلات الناتجة عن تلك التنصّتات، والتي حتماً وصلت إلى أن المرأة السعودية سوف تقود سيارتها عندما تقرّر هي ذلك، دون أن تسعى للحصول على موافقةٍ أمريكية لها.

فقيادة المرأة ليست معركة، وليس فيها تهديدٌ لأيِّ جهةٍ خارج السعودية. وبالتالي، كان من الأولى لجون كيري أن يراعي ذلك، عندما يعالج قضاياه التي تحلّق حول معاركَ حقيقيةٍ تسيل فيها الدماء في سوريا وفلسطين وغيرها، دون الزجِّ بالمرأة السعودية في قلب الحدث.

في سبتمبر الماضي، اتهم الرئيسُ الروسي فلاديمير بوتين جون كيري بالكذب على الكونجرس، فهل كان بوتين محقاً، أم أن كيري يكذب حقاً. إن تأكيد تلك التهمة سوف نراها عياناً، وذلك يتعلّق بتصريحه في فلسطين بعد زيارته للسعودية المرة الأخيرة، حينما حذر الإسرائيليين من اندلاع انتفاضةٍ ثالثة، في حال عدم تحقيق السلام، وقال quot;إن إسرائيل ستجد نفسها معزولةً عن المجموعة الدولية، إذا لم تتمكّن من صنع السلامquot;؛ فإنْ التزم جون كيري بما قاله، أو رأينا بالفعل التراجع الإسرائيلي وأصبح في المنطقة سلامٌ حقيقي، فحينها سوف يدفع جون كيري عن نفسه تهمة الكذب، وسيؤكّد عفوية تصريحاته الصادقة، علاوةً على أنه سيضحى وزيراً لامعاً في التاريخ، لا ممثلاً فيه.