لا يغيب عن كل من يروم الحق ولا عن الفنان والمثقف الوطني اسمٌ مثل اسم الفنان الكبير فؤاد سالم الذي هو علم من إعلام الفن العراقي والفن العربي على حدا سواء، و هنا سأشير ولا أتحدث عنه بصفته أول من أدى المسرح الغنائي الملتزم في العراق وبموصفات فنية عالية، ولا عن صوته الذي تميز بها عن جميع إقرانه من المطربين من جيل السبعينات جيل عمالقة الأغنية العراقية وعصرها الذهبي، ولا عن تميز صوت فؤاد سالم بالمساحة الواسعة والخامة النادرة والأداء المرتكز والمتأصل في الموروث الموسيقي العراقي. ولا أتحدث عنه باعتباره أول من غنى القصيدة الفصحى لشعراء عراقيين وبنجاح، وأؤكد على كلمة بنجاح، ومحافظا بذلك على تطور تراثنا من الضياع في خضم الفوضى الموسيقية التي غزت الأغنية العراقية منذ مجيء الدكتاتورية في العراق.

فؤاد سالم لم يكن مجرد مغن أو مطرب عادي إنه مناضل موسيقي كبير وصلب وظف الموسيقى و الغناء في مكانها الصحيح أي لخدمة الانسان والإنسانية وليس لتزييت صور القبح او لتمجيد الطغاة حيث لم يخضع لضغوط وإغراءات الدكتاتورية ولم يشارك في مهرجانات الردح و ولائم الغناء بعد كل موجة قتل وتشنيع بحق الناس الأبرياء من الشعب العراقي وشعوب الجوار بل بالعكس وظف كل إبداعه من اجل كرامة الانسان ومقارعة الدكتاتورية و التوق إلى الحرية وترجمها بأعلى المواصفات الفنية الموسيقية، ولم يقدم حجج واهية لتبرير الغناء الفاشي وتمجيد قاتل كما فعل الاخرين حتى بعد ان تركوا العراق.

الفنان الكبير والإنسان فؤاد سالم تغنى بالشعب وغنى للإنسان و للوطن وحمل راية المقاومة الإبداعية أينما حل وأرتحل موظفا كل طاقته التي وهبها له الله لخدمة قضيته الأولى وهي كرامة الانسان وحريته، لقد أفاض بفنه حتى على دول الجوار وقطع شوطا فنيا مبدعا في الكويت و البحرين والسعودية وسوريا ودول اوربية أبدع فيها أروع أغنياته التي لا مجال لذكرها لكثرتها.

فؤاد سالم من أوائل المطربين العراقيين وبشهرته الكبيرة عمل في إذاعات عملت على مقارعة النظام السابق وترك وراءه الجاه والمال والشهرة والحضور الكبير بين المعجبين في العراق ليلتزم قضية الانسان العراقي من خلال الإبداع الموسيقي الراقي.

رغم كل ذلك لم يلق المطرب الكبير فؤاد سالم الاهتمام الرسمي والحكومي من قبل مؤسسات الدولة بعد التغير الذي حصل في 2003 رغم ان الجماهير العراقية الغفيرة احتفت به حين عودته للعراق وغنى لهم في ملعب الشعب أكبر ملعب لكرة القدم في العراق، فكما ظُلم فؤاد سالم في عهد الدكتاتورية كذلك لم ينصف في العهد الجديد، ولكن الاحتفاء الشعبي والبقاء في قلوب الوطنين العراقيين والصورة المشرفة في ذاكرة الناس هي جل ما كان يطمح له.

بدأ فؤاد سالم الغناء عام 1963 وكان متأثراً بالمطرب العراقي الكبير ناظم الغزالي، ظهوره الاول على شاشة التلفزيون كان عام 1968، في بداية السبعينيات دخل معهد الفنون الجميلة ببغداد ودرس مع quot;الاستاذ غانم حدادquot; الة العود ولكن أنقطعاضطرارياًعن الدراسة بسبب عدم انتمائه لحزب البعث في العراق، له اكثر من 200 اغنية والعشرات المصورة منها، اشهر اعماله العربية والعراقية اغنية quot;يا دجلة الخير quot; للشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري و quot;غريب على الخليجquot; لبدر شاكر السياب و الاغنيتان من الحان الفنان طالب غالي.

الفنان الكبير فؤاد سالم لم تمت لأنها البداية حين انهيت مشوارك الفني الزاخر بنجاح و بكل الموصفات الانسانية والفنية والإبداعية، الان بدئت حيث اتممت صورتك في ذاكرة التاريخ الموسيقي العراقي وفي قلوب الناس. نم قرير العين والى رحمة الله.