منذ الانتهاء من عملية تحرير الكويت1990 آب من جيش صدام حسين التي شكلت مفصلا في تاريخ المنطقة، احتاج كل منا لمراجعة معاييره القيمية والايديولوجية، ومراجعة العقل التي انتجها ويتعامل معها. انهار العراق على كافة الصعد وبقي صدام حسين حامل سيفه يكذب على الناس وعلى العراقيين، ارتكب المجازر في الجنوب بعد أن كان انفل في الشمال- حلبجة- 1988 . رغم كل ذلك بقي صدام حسين حاكما مطلقا للعراق، حتى تم اسقاطه بالتدخل الدولي 2003.

في كل دول العالم التي انتقلت من الديكتاتورية للديمقراطية، كان للمعسكر الغربي في العالم وعلى راسه الولايات المتحدة الامريكية، دورا مهما لايقل أبدا عن دور العوامل الداخلية. أعرف أن هذه النقطة مثار خلاف ولايمكن التعامل معها كمسلمة، لكن من يراجع خارطة العالم اليوم يدرك تماما، مدى تمدد النفوذ الامريكي حتى وصل الماكدونالد إلى قلب موسكو، واحاط بروسيا من كل الجهات.

منذ ذلك التاريخ ونقاشات السجن حامية الوطيس، حول الموقف من التدخل الدولي من أجل اسقاط هذه الانظمة الشرذمة!! وكان للحوار مع بعض الرفاق لا اريد ذكر اسماءهم الآن لأنهم في الداخل!! دورا في رؤية واقع مر اثبته التاريخ يوما بعد آخر، أن هذه الانظمة كلها اتى بها نظام دولي، ولن ترحل إلا عبر دعم نظام دولي آخر أو حتى نفسه، مشكلة سورية أنها ابتليت بنظام اتى به نظام دولي، لم يعد موجودا نظام الحرب الباردة. والنظام الدولي الذي حل مكانه لايزال في الطور الاخير من تشكله، حيث امريكا لها الوزن الاكبر موضوعيا وذاتيا. في ظل هذا التشكل قامت ثورات الربيع العربي، وكان لامريكا دورا في نجاحها، في مصر وتونس واليمن وليبيا كان لها دورا واضحا في حقن دماء الشعوب، بغض النظر عن أن حقن دماء هذه الشعوب يأتي في سياق تحقيق المصالح الغربية عموما والامريكية خصوصا. لكنه حقن للدم تم على الارض. الروس منذ البداية كانوا قد وقفوا ضد حرية شعوب المنطقة، فدعموا القذافي في قتل شعبه، ومنذ عامين ونصف وهم يدعمون اسد الكيماوي في قتل شعبنا السوري. وصلنا بعد 150 الف شهيد في سورية، واستخدام الكيماوي وعشرات الولوف من المفقودين وملايين النازحين والمهجرين، وبلد دمرت تقريبا، وكان الموقف الغربي متخاذلا مع الثورة السورية ولم يقدم إلا ما ندر من أجل حماية شعبنا. الضربة الامريكية بعد ان استخدم الاسد الكيماوي، اصبحت عنوان اول في وسائل الاعلام كلها، والشعب السوري يترقب، اوباما يصرح أن الضربة تأديبية وليست موجهة لاسقاط النظام، كما أنها لا تلغي جنيف2 ولا الحل السياسي مع الطاغية. شخصيا إذا كانت الضربة من أجل جنيف2 كما هو في جنيف1 فهي هزيلة سياسيا.

لكن تعالوا لجماعة الثورة، من يرفض الضربة الامريكية إذا حصلت، وهذا الرفض بدأ قبل أن تحصل، يريد عمليا بغض النظر عن نواياه أن يشرعن للطغمة الكيماوية استخدام السلاح الكيماوي مرات ومرات ضد شعبنا. السياسة الامريكية مصالح، إذا كانت قوى الثورة السورية منذ بدء الثورة وحتى قبل اشهر قليلة كانت تقف ضد التدخل الدولي عسكريا، والخطاب ضد امريكا قائم على قدم وساق فلماذا تساعد أمريكا هذه الثورة؟ حتى الكيماوي الذي جرى طرح مشروع تدميره على بعض المعارضين منذ أقل من عام، تبنوا موقف النظام!! يجب أن يدمر مع تدمير كل اسلحة الدمار الشامل في المنطقة بما فيها إسرائيل. وهاهو استخدمه الاسد ضد شعبنا!! لا اريد التفصيل في هذه القضية الآن لأنها مهزلة المهازل. هيئة تنسيق وجبهة نصرة ودولة العراق والشام والبي دي وأكثرية ائتلافية ومجلسية كانت ضد التدخل العسكري ولم تطلب ذلك رسميا، فلماذا تتدخل أمريكا؟ الواجب الانساني والاخلاقي والقانوني دوليا يجب حماية حماية المدنيين، وعلى أمريكا أن تكون جزء من هذا الواجب، وعلى هذا الاساس موقفي من التدخل. لكن أليس حريا بالطرف المقابل، أن يكون ايجابيا؟ بعض الاسلاميين الذين لايختلفون عن هيئة التنسيق بفلس في هذا الحقل ( اليوم الاموي وغدا الاقصى) أليست مهزلة؟ لماذا امريكا تساعد هؤلاء؟ الاقصى ليس مهمتي.. ولا مهمة شعب يذبح بكل انواع الاسلحة فلم يتبق سوى النووي لم يستخدم بحقه.

حدث ما حدث في مصر، ولايزال الاسلاميين عندنا ماشاء الله يرفعون صور مرسي كقناع على وجوههم يغطون فيه فشلهم في موقع الثورة السياسي وفشل مرسي ومجموعته في ادارة حكم مصر، ماذا قدمت مجموعة مرسي للثورة السورية بغض النظر عن موقف العسكر الآن من الجالية السورية؟. لماذا أمريكا تساعد هؤلاء. أليست السياسة تبادل مصالح؟ أم مطلوب من أمريكا تغيير بشار الاسد ودعم القوى على قلتها وضعفها!! التي تريد تحرير الاقصى؟ كمثال على ايديولوجيا باهتة. اظن لولا تدخل أمريكا في تحرير الكويت لكان صدام لايزال حاكما في العراق والكويت معا.

حتى على مستوى الداخل كتائب انزلت علم الثورة السورية الذي غطى مدن سورية في التظاهرات السلمية ورفعت اعلامها السوداء..
نطالب الولايات المتحدة بالتدخل لحماية شعبنا، ووفقا لبرنامج سياسي واضح، ولسياسة تبادل حقيقي للمصالح، وغير ذلك ترهات. أما إذا كانت الضربة الامريكية في حال حصولها، فقط لجنيف2 دون وجود ضمانات حقيقية بتنحي الطغمة الاسدية فلافائدة منها سياسيا لأنه سيبقى يقتل شعبنا، بما يملكه من أسلحة.
إنها ثورة شعبنا وستنتصر مهما كانت الامور..