إن الحدث ألذي أصاب العراق بعد احتلال الموصل من قبل مرتزقة داعش وما رافقها من تداعيات خطيرة على المستوى العسكري والسياسي والمعنوي أظهر الى السطح ضعف العملية السياسية وضعف ادارة الدولة في ألنهج والممارسة وضعف الفرقاء السياسيين على حد سواء وايقظ جميع العراقيين على أيقاع خطورة المرحلة ومستقبل العراق في ظل تخبط تلك الأحزاب وارتباك جهاز الدولة برمته وعجزه عن ايجاد حل سريع وناجح أو-على اقل تقدير-ايقاف عملية التدهور التي فتحت الباب امام كل الاحتمالات في بلادنا.

ولا ننسى ان الحدث قد قوض بشكل لا يقبل الجدل التحالف الشيعي _الكردي الذي عبر عنه كبار الساسة العرب والكرد بأنه تحالف استراتيجي ,هذا التحالف الذي اظهر لنا كيف تعامل الاكراد عسكريا وسياسيا وجغرافيا مع الحدث بعد ان كان حلفائهم الشيعة العرب يخوضون معركة خاسرة فراحوا إخوانهم الاكراد يضمون كركوك ومناطق مهمة من العراق الى اقليمهم في شمال الوطن "دعما منهم لحلفائهم الشيعة العرب في بغداد" وتم تقاسم الغنائم التي خلفتها المؤامرة مع داعش بعد ان اصبحت دولة الخلافة الجديدة جارتهم. ان جزءا مهما من الوطن كان امناَ وينعم بالبناء والحياة المدنية ونظام مؤسساتي من طراز جيد اصبحت على حدوده المتاخمة دولة الخلافة لعصابات داعش الإرهابيه كيف ينظرون لذلك وماهي استراتيجيتهم لدرء الخطر عن الاقليم.لحد اللحظة لم نلمس من الاكراد غير امرين متناقضين الاول دعوة للانفصال, وهناك سجال عنيف حول مرشحهم لرئاسة الجمهورية العراقية علماَ ان داعش على الأبواب يتحين الفرص. ان وعياَ جديداَ يجب ان يحصل بالعراق وان تشكيلات ذلك الوعي عند شعبنا بانت بوادره عبر الاستغراب والحيرة والاحباط الشديد من السياسيين جميعا وهذا نذير استدارة حقيقية. شعبنا اليوم جاهز لمن يمسك به ويجعله على جادة الصواب ويخرجه من محنته التي تكاد ان تكون عقيمه في ضل أحزاب فاشلة لا تستطيع ان تحدد بوصلة النجاة مما يعني ان الشعب سينتج أحزابه وحركاته التي يؤمن بها بعد التداعي الخطير الذي اصاب العراق ومقدراته.

هذا على الصعيد الداخلي اما على الصعيد الخارجي ,خاصة أرتباك العلاقة بين الولايات المتحدة والعراق وعدم تفعيل الاتفاقية الامنية في ظروف بالغة الدقة والخطورة تضع الشعب أمام تساؤلات كثيرة واهمها كيف تنظر الولايات المتحدة الى العراق ألان وهل تنتظر مزيدا من التدهور والتفكك وكيف تنظر الى سلامة العملية السياسية البائسة التي أنشأتها وسلامة العراق ووحدة اراضيه بعد الاعلان عن الدولة الاسلامية في العراق والشام واعلان الخلافة مما يجعل للإرهاب منطلقا امناَ ومركز استقطاب لكل الإرهابين والخارجين عن القانون في العالم.

ان فشل العملية السياسية يكمن بالمرتكزات التي اعتمدتها الولايات المتحدة للعراق بعد ان فصلت النظام في العراق على اساس طائفي مما سهل مهمة الاحزاب المتطرفة العرقية -الطائفية للوصول الى السلطة الذي انتج لنا صراعا عرقيا-طائفيا مقيتا اوصلنا جميعا الى هذا المنحدر الخطير. حيث لا يمكن ولا يجوز قيادة عملية ديمقراطية من قبل احزاب طائفية فالديمقراطية والطائفية نقيضان لا يجتمعان كان من نتائجها تلك المهزلة المريرة. ناهيك عن الفراغ الامني الذي احدثه الانسحاب الامريكي وترك العراق ساحة مفتوحة للتدخلات الاقليمية والذي احدث الكثير من الشد والجذب بين الفرقاء السياسيين مما ترك الأثر البالغ بعدم الانسجام السياسي وخلق لنا أدارة سيئة ومفسدة للبلاد.كان هو الاخر سببا رئيسيا بعدم انجاح وانضاج التجربة العراقية , ولكل ما تقدم يجب على الولايات المتحدة أعادة النظر بجدية بمستقبل العلاقة بالعراق وكيفية ادارته ليس على الصعيد الداخلي فحسب بل على الصعيد الإقليمي والدولي وتحديد مكانته الصحيحة وفق النظرة المستقبلية لطبيعة الصراع الدولي في الشرق الاوسط أخذين بالاعتبار فشل التجربة بامتياز طيلة عشر سنوات خلت.

شعبنا العراقي ينتظر من الولايات المتحدة القول الفصل باعتبارها الراعية للعراق والتجربة السياسية لا أحد يستطيع من السياسيين العراقيين احزابا ومليشيات بأن يضع العراق على جادة الصواب ولااَحد يستطيع من الدول المحيطة به ان تنقذ العراق من حالته الأن.ان الولايات المتحدة هي الوحيدة القادرة على حل هذه المشكلة الخطرة وهي مدعوة اليوم اكثر من اي وقت مضى للتدخل الحاسم في العراق الان سيما وان شرعية الدعوة لها بالتدخل المباشر هي ابلغ واعمق من تدخلها عام 2003 قبل سقوط النظام الدكتاتوري،المرحلة اليوم اخطر واشد خطورة ليس على العراق وحدة بل على منطقة الشرق الاوسط برمتها.