أعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري، في 30 تموز/يوليو، أن الولايات المتحدة ستقدم مزيدًا من المساعدات الإنسانية بقيمة 378 مليون دولار للمتضررين من الأزمة السورية. بدءًا من الوضع المأساوي في غزة ووصولا لتهديد الانفصاليين في شرق أوكرانيا، هناك الكثير من المنافسة للاستحواذ على اهتمام العالم اليوم. ولكن من المكان الذي أجلس فيه في مقر السفارة الأميركية في بيروت، فإن الوضع في سوريا وخيم بدرجة لا يمكن تصورها– ولا يمكن تجاهلها بالنسبة لاستقرار لبنان. فمن أجل تخفيف حدة الألم ومعالجة جميع أبعاد هذه الأزمة، لا بد من إيجاد حل سياسي لإنهاء الحرب في سوريا. وحتى ذلك الحين، فإن هذه المساعدات الإنسانية ستظل تنقذ الأرواح، وقد جاءت في وقتها ولم تتأخر لحظة.
إن لبنان، الذي فتح حدوده بكرم وسخاء ويكافح حاليًا للتعامل مع أكثر من مليون لاجئ من سوريا، سيتلقى مبلغا إضافيًا قدره 93 مليون دولار من الولايات المتحدة كجزء من هذا الإعلان. وبذلك يرتفع إجمالي المساعدات الإنسانية الأميركية المقدمة إلى لبنان منذ بدء الحرب في سوريا إلى أكثر من 485 مليون دولار، بالبناء على شراكة قوية وطويلة الأمد قوامها التنمية والأمن بين لبنان والولايات المتحدة والتي نعتزم الاستمرار والتوسع فيها.
هل يمكنكم أن تتخيلوا ماذا يعني أن بلدًا يقطنه 4 ملايين نسمة فقط ومزقته حرب أهلية دامت 15 عامًا يكاد الآن يوشك على الانفجار من جراء تدفق أعداد هائلة من اللاجئين؟ وبعد أن ظل ولأكثر من ثلاث سنوات يستضيف اللاجئين بصدر رحب، فإنه الآن يشهد تدهورا في مستويات المعيشة لمواطنيه. إن أبناء الشعب اللبناني، الذين فتحوا منازلهم للسوريين وكانوا كرماء معهم، يجدون الآن المدارس والمستشفيات والخدمات في بلدهم وهي تئن من الضغوط الهائلة، والمجتمعات الأهلية تترنح على حافة الانهيار فيما تستمر الحرب.
إن الإشارات التي تدل على آثار الحرب تظهر للعيان في كل مكان، بدءًا من الأطفال السوريين الذين يعملون في مواقع البناء ويبيعون الأشياء البسيطة على نواصي الشوارع في بيروت، ووصولا إلى الأسر السورية التي يزدحم بها كل ركن من أركان البلاد، يجلسون القرفصاء في الأراضي الشاغرة ويستأجرون أي مساحة متوفرة – بدءًا من حظائر الدجاج إلى الأفنية الخلفية للمنازل. وثمة قلة محظوظة فقط كانوا من بين القادرين على إلحاق أبنائهم بالمدارس. المياه تكون شحيحة في أفضل الأوقات، ولكن الجفاف في هذا الصيف قد أضاف للأزمة التي يواجهها لبنان. لكن المهم هو أن أموال المساعدات الأميركية تعود بالفائدة على كل من اللاجئين والمجتمعات المحلية التي تدعمهم. إن ما نقوم بتوفيره يعتبر شريان الحياة للبنانيين وللأسر السورية المكافحة التي نزحت بسبب هذه الأزمة.
لقد أنقذ كرم اللبنانيين وسخاؤهم العديد من الأرواح، وإنْ كان قد كلفهم ذلك ثمنًا باهظًا. فالبلاد تحتاج مساعدات من جميع الأنواع- إنسانية واقتصادية وتنموية وأمنية. والولايات المتحدة بدورها نهضت من بين الصفوف وشجعت الدول الأخرى على أن تحذو حذوها. إننا سنواصل الوقوف مع لبنان، حكومة وشعبًا، لبنان الذي أبدى آيات التراحم اللامتناهي والإنسانية الرائعة ما دعم به، ولفترة طويلة، كثيرًا من المحتاجين.
قد يكون من الصعب، بالنسبة للكثيرين، أن يتصوروا ما الذي تعنيه هذه الملايين من الدولارات من المساعدات. بالنسبة لي، فإنها تعني مساعدة اللاجئين والأطفال اللبنانيين في الحصول على التعليم، وفي الحلم بمستقبل آمن وخالٍ من الحروب. وتعني ضخ المزيد من الدولارات في السوق اللبنانية حيث يقوم اللاجئون بإطعام أسرهم واستئجار المساكن دون خوف من الوقوع في مرمى إطلاق النيران في سوريا. وتعني أيضًا الحصول على مياه نظيفة. لقد وجدتُ، خلال العديد من حواراتي مع اللاجئين والعائلات اللبنانية، أننا جميعًا نشترك في الرغبة في التوصل إلى حل سياسي للنزاع في سوريا، ولكن من الواضح أن هذه المساعدات الإنسانية هي التي تجلب الأمل للملايين.

&* نائب مساعد وزير الخارجية الأميركية لمكتب السكان واللاجئين والهجرة
&