&
يبدو ان الآفاق لن تنفسح عراقيا ؛ سواء عاجلا ام آجلا، لمخارج ولو اسعافية، للقيح الذي تفاقم اليه واقع الاقليات،جرّاء الابادة والاقتلاع والصهر والتشريد..الخ.. فالمكونات الكبرى،وفضلا عن تناحراتها البينية بعضها ضد بعض،لا تبدو الا منهمكة حتى النخاع، في صراعات بنيوية، داخل خلية العناصر، التي تشكل وجود كلٍّ منها على حدة، والبينة ههنا لاتحتاج الى كثير من عناء، حتى يستدل احدنا بها،على ان الاقطاب العراقية الكبرى؛ من كرد وسنة وشيعة،غيرمؤهلين بفرض وجود نية صادقة، وجادة لدى كل منها، في البحث عن حلول، فالكرد منغمسون في خلافات ذاتية / داخلية كبرى،تدور رحاها حول الدستور، والرئاسة، وقيادة البشمركة، وطريقة ادارة وتوزيع المال العام، في الاقليم وهم مبتلون، خلا هذه التصدعات الحزبية، التقنية،المتعلقة بالحكم،وشكل الادارة بآفات فكرية / روحية، يمهد لها المد الاسلامي الداعشي، الذي بات يستميل سرطانيا،مساحات لايستهان بها، من عقول وذهنيات اكراد الاقليم الى الجهاد، والتطرف الديني، والتعلق بماورائيات، لوثت من فجاجتها الروح الكردية، ب " الأنا السلفية"؛هذه الروح التي ظهرت تربك، بالتفاعل مع عوامل الاضطراب، التي تم سردها فيما تقدم،الاحزاب الكردستانية الممسكة بزمام الامور؛لاسيما الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود البرزاني،الذي يقبض منذ عقدين واكثر،على قياد وقدرالاقليم باشتراك غير منصف، فوضعته امام مأزق حقيقي،لايُحسد عليه؛ بخاصة وان هذا الحزب؛ بل جملة الاحزاب المُعوَّل عليها، فقدت القدرة وآلية المبادرة،على مخاطبة ومتابعة استجذاب الذهنية الكردية وإدارتها؛ بمعنى استثمارها :ان سياسيا او قوميا،والتعاطي من ثم بصورة موضوعية وواقعية معها، فالاعتماد مثلا والمثل يسري على احزاب الاقليم كلٍّ حسب خصوصيته قاطبة على الكارزمة الشخصية للرئيس برزاني، والتعويل على تاريخ العائلة المجيد قوميا،او استحضار نضالات الحزب التي كانت مشرّفة، اوالمثابرة على بيع العواطف القومية،وشراء الذمم،وتثوير الروح العشائرية المُغلَّفة، بقشور مُرقَّقة،من دين واحياناعلمانية معا في المجتمع، كل ذلك لم يعد كافيا، لإقناع "المريدين القوميين "،وتحفيزهم على تبني النزعة الكردياتية،وإيثارهذه النزعة للثني من ثم عن النزوع الى الدين في كردستان، فالخطاب السياسي الكردستاني تراجع حسب مراقبين عن لفت واستجذاب جماهيرها، واضحى قديما،لا يناسب المجريات،اويعالج الواقع الخدمي والمعيشي والروحي المترديِّ،واستحال الى خطاب حزبوي، انقسامي، تنازعي،لايقود الا الى "شقاق الاخوة"،الذي اضاعت معه،الاطراف الكردية بوصلتها الراشدة،فتعزز بذلك "عدم الاهلية كردستانيا؛ "تارة في ادارة "ازماتها البينية"، واخرى في الخوض، في دعوى "اقلياتها الآيلة الى الزوال"،حيث راحت الشراكة الحزبية تدنو كما تشيرالحقائق والاحتمالات من انفراط عُقدها،وغدا دويُّ سجالات"الافرقاء الكرد"،على مستقبل الحكم في الاقليم، لاينذر سوى بشقاقات قد لايدانيها تفاؤل، فإحدى جلسات برلمان كردستان،التى انعقدت هذا العام 2015،كشفت عن هوة مستعصية،اكرهت ممثلي "الحزب الديمقراطي الكردستاني"،الحاكم الفعلي بعد تضييق مباغت، على الانسحاب من تلك الجلسة، بغية تعطيل نِصاب التصويت، وتاليا حجب توافق سواها من الكتل البرلمانية،على إقرار قانون الرئاسة في الاقليم ؛ذاك القانون الذي يرفع، إنْ تم تشريعه يد الرئيس برزاني، وحزبه، وعائلته عن مؤسسة الرئاسة، وربما تدريجيا عن مفاصل السلطات الاخرى، ويمهد لإنتخابات رئاسية،دون ان يكون البرزاني مرشحا لها..وخلاصة الحكي اوزبدته :إنْ ليس للاقليات المعنية بالقرار الكردستاني،ان تحلم إذاً بمخارج وشيكة،فالبيت الكردستاني الداخلي مُرشَحٌ ل"اضطرابات خلاقة"،و"فرسان مائدة كردستان المستديرة"، لهم مشغولياتهم الاخرى المصيرية،التي تتقدم في الاولوية على"قضية الاقليات،"فالرئيس برزاني الذي يحكم كردستانه، بموجب "مشروع دستور"،لايفرق كثيرا عن" الكتاب الاخضر" الذي كان "القذاقي"ابتدعه، اعلن قبل ايام: ان التوافقات الحزبية في كردستان،لاترضي طموحه وحزبه،وانه يعتزم "عرض مسألة "انتخاب رئيس الاقليم"، على الشعب مباشرة،"القول الذي يعني بالمفهوم المعاكس :انْ لا بتَّ في قضية الاقليات، الا بعد تجديد ولاية السروك برزاني الرابعة، والفضول قد يدفع في هذا المنحى صاحبه، كي يتساءل : ماذا لو افتى الشعب في كردستان ب: " الشعب لايريد السروك"؟!..كيف سيتم آنها تعاطي المؤسسات،والمكونات،والاحزاب الكردستانية،مع الواقع الذي وصلت الاقليات اليه؟
ثم لنفترض ان الاحزاب الكردستانية وهذا مانأمله توصلت في العراق، الى اجماع قاطع،على الشأن الكردستاني العام،وغدت جاهزة للبت في امر اقلياتها، فالفضوليُّ عينه قد يندفع،مثقلا بسؤال أثقلَ : كيف سيُحَلُّ النزاع بخاصة على شنكال / سنجار،مع حزب العمال الكردستاني ومؤيديه، من ابناء الاقليات العراقية ؛بخاصة من الايزيديين؟. واللوحة ذات الخلية المشرذَمة عينها،يمكن ان تنسحب لجهة عدم القدرة،او عدم الاهلية،او انعدام الإرادة عند المقدرة،على المكون العربي السني في العراق،مع اختلاف ان الاقليات لم تُبَدْ،او تشرَّد،اوتسبى حرائرها الا بلوثة داعشية، استحوذتْ على ذهنية معظم الوجود العربي / السني،فسلبته توازنه وسويته العقلية،ودفعته باسم الاسلام السني،كي يجهزعلى الاقليات،ذات اللون المختلف/ المخالف، ويعلم القاصي والداني ان المكون السني اصلا متعدد،متخالف الارؤس والنظر والارجُل،لكن حيال مصاب الاقليات،لايختلف ورغم كل بون فكري شاسع كل عنصر داخل بنية المكون السني،عن الآخر في المجاهرة، بقمع وصهر وتجاهل الاقليات وحقوقها، لأسباب قد تكون دينية، اومذهبية اوعرقية متزمتة،لذا فان رهان الاقليات العراقية،على إغاثة "الجار السني "، ليس فقط خاسرا وغير واقعي، بل هو ضرب من الخيال المجنح.اذا كان الامر على هذا النحو،بمن تستغيث الاقليات في التماس بناء حضورها وحقوقها ودورها عراقيا إذاً..هل يمكن،ان يكون للشيعة دوراستنجادي، في إنقاذ ما تبقى من انقاض،لاقليات عراقية عريقة،وهل لأهل الشيعة كمكون اصلا رأي او كلمة موحدة في العراق؟ في الواقع لا. ولايمكن البتة،التعويل على الوان الطيف الشيعي،فهي ماتزال منبهرة،لاتصدق وبعد عقد من سني ادارتها للعراق انها انعتقت من استلاب،وقمع الاخ العربي السني، لذا هي لاتتراءى الا حذرة ؛تُغرِق وهي تمسك بالسلطات المركزية في الديكتاتورية مُبعّثَرة، بل تائهة بين مرجعيات متناقضة،تتأرجح بين دينية،او مذهبية،اوحزبية،اوخارجية،اوقوموية اي: عربية وفارسية،اواحيانا قبلية،اوكثيرة اخرى،لايتسع السرد الآن لتسميتها،لذا وان كان بعض الشيعة وعد شيعته ؛من " تركمان تلعفر "،بالسعي نحو إقرار إقليم مشترك لأقليات الموصل فلا وقت،ولا رغبة وكذلك لا إمكان،اواهلية لدى "اهل الشيعة"،مثل سواهم من المكونات الكبرى في العراق، في رفع الحيف عن عراقيهم من ابناء الاقليات..كل الذي قُدِّم من واقع استبدادي،تقزيمي،فتناحري بين العراق ومكوناته العظمى،حال ويحول دون توفر "تصور اومشروع مستقبلي"؛ خاص بعراق حر، ديمقراطي،يشع بالمواطنة وحقوق الانسان..لا. فلاشيء يلوح في افق العراق البعيد اوالقريب، الا تعانفُ أقطابها الكبرى،بل تورط هاتيك الاقطاب، بعنف دموي،إبادي بعضها ازاء بعض، او مساهمةُ وتعجيل بعض هذه الاقطاب،في استئصال وقلع اقليات اصيلة، تتصل بسومر، وبابل،وآشور، وميديا من حضارة وتاريخ عراقها، او سكوتُ كثير من "القروش" العراقية عن تلك الإبادات وايما سكوت؟!..من السكوت ما كان قبولا و..من السكوت ما اباد!&
التعليقات