من الواضح ان العراق بوضعه الحالي يمر بأزمة بنيوية خطيرة تهدد مستقبله كبلد موحد متجانس يتمتع بالسيادة الحقيقية والأكثر وضوحا هو ان السبب الرئيس لهذه الازمة هو النظام الطائفي والمحاصصة السياسية التي تكاد تتجذر في المنظومة السياسية للبلد هذا النظام الذي شكل ولايزال يشكل أكبر كارثة حلت بالعراق بعد انهيار النظام الدكتاتوري المقبور.
حصاد هذا النظام الطائفي الفاشل هو اكثر من مليونين ونصف مهجر داخل البلاد ومثل هذا العدد او ربما اكثر مشرد في بلدان الجوار ودول العالم المختلفة وانتشار غير مسبوق للفساد الذي استولى على عشرات مليارات الدولارات من ثروات الشعب العراقي وبقيت مئات المشاريع الحيوية مجرد حلم ببال العراقيين كالماء النقي والكهرباء والعدد الكافي من المدارس والمعاهد العلمية ودور الصحة والمستشفيات هذا بالإضافة الى الانتكاسة الحادة التي شهدتها المنظومة الأمنية في البلاد وسيطرة القوى الإرهابية على ما يقارب ثلث مساحة العراق وبلوغ ااعداد ضحايا العنف العراقيين أرقاما فلكية سواء الذين تم تصفيتهم من قبل القوى الإرهابية او اللذين ذهبوا ضحية الصراعات الطائفية الدموية والانتقام المجنون الذي يبدو وكأن لا نهاية له.
لقد أدى النظام الطائفي المتخلف والفاشل لا فقط الى تمزيق لحمة العراق ووحدة العراقيين عربا و كوردا واقليات قومية وانما فتح الأبواب لتدخل القوى الإقليمية واستباحة سيادته وثرواته واخضاعه لأجندات تتعارض كليا ومصالحه الوطنية والكل يتسابق للحصول على جزء من الكعكة العراقية المغرية تحت مختلف المسميات والشعارات.
امام هذا المشهد والواقع المحزن والخطير يبقى السؤال الأهم هو: الم يحن الوقت لكل القوى السياسية والمراجع الوطنية ان تعيد النظر في السياسات التي اتبعتها طيلة الفترة السابقة والمبنية على الطائفية والمحاصصة وتحقيق المكاسب الضيقة الجهوية او الفردية؟
الم يحن الوقت لتفعيل حقيقي لموضوعة المصالحة الوطنية المبنية على عقد اجتماعي يحترم حقوق الجميع وينظم العلاقات بين مكونات الشعب العراقي انطلاقا من روح الدستور وقيم الحرية والعدالة والديموقراطية؟
الم يحن الوقت لمصالحة وطنية مبنية على الاحترام المتبادل لحقوق كل مكونات الشعب العراقي والتزام الجميع برفض العنف وحل الإشكالات القومية والطائفية بالطرق السلمية والحوار الحضاري الصادق؟
الم يحن الوقت لمصالحة وطنية تعترف بأخطاء الفترة السابقة المدمرة لمقومات الدولة العراقية والبدء ببناء مجتمع متكامل متناغم ومتصالح مع نفسه ومع الاخرين يعتمد الكفاءة والنزاهة والجدارة في إدارة البلاد ومرافقها الحيوية دون الرجوع الى الانتماءات الطائفية والحزبية والجهوية؟
ان استمرار الوضع الحالي دون الغاء الطائفية السياسية والمحاصصة الفاشلة، دون الاحترام الكامل لحقوق كافة مكونات الشعب العراقي سيؤدي دون شك الى تمزق العراق ونسيجه الاجتماعي وبالتالي سيطرة القوى الأجنبية من جهة والعصابات الإرهابية من جهة أخرى وهو ما يتعارض تماما والمصالح الأساسية لكل العراقيين هذا إذا كان هناك من يزال يؤمن بضرورة حماية هذه المصالح وبمستقبل أفضل للعراقيين
المصالحة الوطنية ليست شعارا انيا وامرا قابل للتأجيل والتأخير ولا هي فقط ضرورية لإعادة الحق لأصحابه ورفع الحيف عنهم ولضمان السلام والامن الاجتماعي ومحاربة الفساد وتحقيق الاستقرار والتنمية وانما هي ضرورية لبقاء العراق أساسا كبلد موحد ذي سيادة يحترم حقوق مكوناته ويحوز على احترام العالم المتحضر.
&
التعليقات