الاشتباكات التي تشهدها طرابلس بين الجماعات والمليشيات المتناحرة تعكس بداية تشكل خريطة فوضى جديدة تهدد بحالة انفلات امني غير مسبوق في المناطق الغريبة القريبة من الحدود التونسية.
حروب العصابات تفاقمت بعد انهيار مشروع المبعوث ألأممي برنار دي ليوني والذي حاول إعادة تركيب الصورة المتهرئة في ليبيا لصالح بقايا حزب العدالة والتنمية الذراع السياسي للإخوان، والحديث عن نهاية مهمة المبعوث ألأممي وقرب تعيين مكلف جديد بالملف سيعيد مرة أخرى الأوضاع إلى نقطة الصفر في محاولة جديدة لإضاعة الوقت وانتظار ما سيقرر على مهل في العواصم المعنية بالحل والذي لن يخرج في أفضل الحالات عن تدخل عسكري لضرب الجماعات الإرهابية، وإن كان الخوف من ضياع الوقت والتدخل المتأخر سيكون له نتائج سيئة جداً على الأمن والاستقرار في منطقة البحر المتوسط والدول المجاورة لليبيا.
فشل حوار الصخيرات قاد الأوضاع في ليبيا لمرحلة خطيرة مع تصاعد الصدامات بين الجماعات الإرهابية المسلحة في طرابلس والمناطق القريبة منها ودفع لمرحلة جديدة من أشكال العنف والمعارك تجسدت بعجز ما يسمى حكومة الأمر الواقع في طرابلس عن نقل الأموال لمؤيديها وعناصرها وإجبارها على استعمال طائرة هليكوبتر تم إسقاطها من قبل عصابات متنافسة نهاية شهر أكتوبر الماضي وقتل فيه اثنان من كبار قادة المليشيات، وتصاعدت مع هجوم ميليشيات الإرهابي هيثم التاجوري في طرابلس ومحاولته السيطرة على المطار العاصمة.
تردي أوضاع مجموعة ما يسمى المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته في طرابلس يرافقه حالة تمدد للمليشيات وعصابات الجريمة المنظمة والاتجار في البشر وورائهم جماعات إرهابية تتمدد وتفرض سيطرتها على الكثير من المناطق في الغرب الليبي وخاصة داعش في المناطق القريبة من الحدود مع تونس مما يمهد لتصاعد غير مسبوق في عمل وتحرك الإرهابيين سواء لفرض سيطرتهم على الأوضاع في الغرب الليبي وإعلان إمارة جديدة لداعش في طرابلس أو باتجاه تحريك مجموعات لتنفيذ هجمات إرهابية مؤلمة في تونس مع تصاعد أعداد الإرهابيين العائدين عبر تركيا إلى طرابلس وما سيقود لتغييرات خطيرة وغير مسبوقة بعمل وتحرك هذه المجموعات عبر ليبيا باتجاه تونس والجزائر.
المخاوف من الأوضاع في ليبيا وانعكاساتها على دول الجوار تتصاعد مع انهيار ما يسمى بجماعة "فجر ليبيا" وتفتت مكوناتها وانحسار تأثير جماعة الإخوان المسلمين وأجنحتها العسكرية والسياسية في طرابلس والمناطق التابعة لها مما يجعل تمدد الجماعات الإرهابية وعصابات الجريمة المنظمة امرأ واقعاً يهدد أمن واستقرار تونس في المدى المنظور.
محاولات الجماعات الإرهابية التحرك من ليبيا باتجاه تونس بدأ يتجسد مع محاولات التسلل عبر البحر بمراكب صيد لقادمين من سوريا تمهيداً لشن عمليات إرهابية كبيرة، وهذا يؤكد حجم الانفلات الأمني التي تعيشه مناطق الغرب الليبي وما يمكن أن يجسده من تهديد لأمن الدول المطلة على حوض البحر الأبيض المتوسط.
في انتظار بدء المبعوث ألأممي الجديد لمهمته الجديدة على أمل التوصل لحل سياسي لا يبدو منتظراً بين الفرقاء الليبيين ترتفع وتيرة المخاوف من فوضى وصراعات خطيرة ومتفاقمة بين جماعات الفوضى والإرهاب وعصابات الجريمة المنظمة في الغرب الليبي وهذه الصراعات تعطي في محصلتها الفرصة كبيرة لداعش وأنصار الشريعة للهيمنة على الواقع الغارق في الفوضى وتحقيق إقامة وجود لقوى الإرهاب يتمدد ويفرض مزيداً من التهديد لأمن واستقرار المنطقة.&
التعليقات