إنشغل الشارع اللبناني، بخبر قيام مواطن بإنتحال صفة ضابط برتبة نقيب، وإرغامه عناصر حاجز الدرك في شارع عبد الكريم الخليل في الشّيّاح بالضاحية الجنوبية على التنحي جانباً، من اجل تسهيل مرور السّيّارات والدّراجات النّاريّة إلى المنطقة من دون أي تفتيش.

الخبر كان لا بد وان يمر مرور الكرام، أو يتم نشره في قسم المنوعات على وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة، لولا الظروف الإستثنائية التي يمر بها لبنان، ومنطقة الضاحية الجنوبية تحديدا التي شهدت تفجيرين انتحاريين الأسبوع الماضي، كما انها مهددة دائما بالاستهداف من قبل داعش والنصرة.

المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي أصدرت بيانا توضيحيا قالت فيه، "جرى تداول مقطع فيديو على بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، يُظهر شخصاً يرتدي بزّة ضابط في قوى الأمن الداخلي، وقد التقطته كاميرا مراقبة داخل أحد المحال التجارية في محلة الشيّاح أثناء تبديله ملابسه، وترافق الفيديو مع شائعات سرت عن أن هذا الشخص يريد التحضير لأعمال إرهابية، مما أثار الخوف لدى المواطنين". واشار البيان إلى أنه "نتيجة للمتابعة والاستقصاءات، تمكنت سرية الضاحية الجنوبية في وحدة الدرك الإقليمي من توقيفه بتاريخ 18/11/2015 في محلة الليلكي وضبطت البزّة العسكرية بحوزته، ويدعى: م. ص. (مواليد عام 1997، لبناني)". المديرية العامة طمأنت اللبنانيين، "أنه ومن خلال التحقيق معه تبيّن انه لم ينتحل الصفة الأمنية بهدف القيام بعمل أمني أو ما شابه وإنما بسبب إضطرابات نفسية يعاني منها، وهو ليس من عديد قوى الأمن الداخلي"، لافتة، "إلى "أنه لا صحة لما تناقلته بعض وسائل الإعلام أو مواقع التواصل الاجتماعي عن أن هذا الشخص من عديد قوى الأمن الداخلي أو أي جهاز أمني آخر، والتحقيق جارٍ بإشراف القضاء المختص".

الحادثة مدهشة، والبيانات التوضيحية مدهشة أكثر، فوفق المديرية العامة للأمن الداخلي، الشخص الذي قام بهذا العمل يبلغ من العمر ثمانية عشر عاما، أي لا يحق له الإقتراع، بحكم ان سن الاقتراع في لبنان 21 عاما، كما ان سن الضابط برتبة نقيب، لا يمكن ان يكون أقل من ثلاثين عاما، فهل من المعقول ان لا يتم التمييز بين شاب صغير وبين رجل يزيده عمرا بأكثر من اثني عشر عاما.

بالإعتماد على رواية المديرية، يتبين ان الجاني مصاب بإضطرابات نفسية، وهنا يطرح سؤال مشروع، كيف لشخص يعاني من هذه المشاكل النفسية، ان يقوم بهذا العمل أمام أناس تلقوا تدريبات كثيفة قبل توكيلهم مهمة الحفاظ على الوطن، ولكن في نفس الوقت لا يمكن ان نسقط عن اذهاننا حادثة "أخوت شانية والمير بشير"، عندما نجح الأول في الإمتحان الذي فشل فيه

مستشارو الأخير، وإبتكر طريقة سحرية لجر المياه إلى قصر "بشير الشهابي"، مما يعني أننا في لبنان متعودون على هذه الأمور.

الأهم ان منتحل صفة النقيب، تفوق على العقول الشيطانية لتنظيم داعش، والذين يحاولون وبشتى الطرق اختراق الحواجز الأمنية اللبنانية لتفيذ أهدافهم، فقد سحب منهم وسيلة قد يفكرون بها مستقبلا للوصول إلى هدفهم، هذا في حال تعلم الأمنيون درس المصاب بإضطرابات نفسية.

في القانون اللبناني، يعاقب منتحل الصفة بالسجن لمدة قصيرة، ولكن في حالة (م.ص) تتغير الظروف والإجتهادات تصبح مطلوبة، ذلك الشاب المضطرب نفسيا جاء في وقت استثنائي، وفتح العين الساهرة على أمن الوطن، على جملة أمور قد يستخدمها داعش وغيره للنفاذ إلى الداخل، وبالتالي وجب تكريمه، لا معاقبته، ولكم في فيلم ليوناردو دي كابريو&(Catch Me If You Can)، عبرة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

Catch Me If You Can: فيلم من إخراج ستيفن سبيلبرغ وبطولة ليوناردو دي كابريو، يروي قصة فرانك أباغنيل المزور الشهير (يبلغ من العمر 19 عاما)، والذي يصبح هدفا للملاحقة من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي (اف بي اي)، وبعد القاء القبض عليه يقوم بالعمل لصالح المكتب من أجل كشف المزورين مقابل منع السجن عنه.