في مقالات كثيرة سابقة، توقفنا عند هوس اوباما بالتوصل لاتفاق نووي مع إيران مهما كان الثمن، باعتباره سيكون تاج ولايته والمعجزة التي عجز الاخرون عن صنعها. وقد اتبع في استراتيجيته الايرانية سلسلة مواقف وتكتيكات مبنية على تجاهل مثير لحقائق ووقائع معروفة للجميع، في مقدمتها-
&1- الفصل المتعسف بين النشاطات النووية الايرانية وبين ممارسات ايران في المنطقة والعالم، وخاصة تدخلها في شؤون الاخرين والتخريب ونشرها للطائفية، كما فعلت، وتفعل، في لبنان والعراق واليمن وافريقيا....فضلا عن ممارسات ارهابية من خلال حزب الله والمليشيات العراقية، والتي وصلت بلغاريا والارجنتين...ولا يجهل اوباما ومستشارته ومستساروه كيف ان النظامين السوري والايراني تعاونا مع قاعدة بن لادن لعرقلة تقدم العراق بعد سقوط صدام ولمشاغلة القوات الاميركية في العراق، وذلك لاكثر من عشر سنوات. وحين يفضل قاسم سليماني اخذ صوره في سامراء، فان الادارة الأميركية تعرف دون شك دور ايران في تفجيرات سامراء عام 2006 و هو ما كشفه الجنرال كيسي قائد القوات الاميركية في العراق حتى 2006 ... وقد اكد انه قدم للمالكي كافة الأدلة على ذلك، غير انه لم يكترث.. ونعرف كيف اشتعلت الحرب الطائفية وضحاياها على ايدي الميليشيات والقاعدة.. ومنذ ايام نشرت معلومات مثيرة عن تواجد قيادات من قاعدة الظواهري في ايران، ولاسيما في مدن طهران ومشهد وزاهدان بإشراف حزب الله اللبناني [ومنهم الزعيم السابق لكتائب عزام السعودي صالح العرقاوي]، ووضع خططا لضرب اهداف اميركية في دول عربية.. ولا تعارض بين هذا التعاون وبين المشاركة في الحرب على داعش في العراق. فالتنظيمان متخاصمان وايران تلعب في العادة على اكثر من جبهة وبكل الأوراق.. وهي تستغل وجودها العسكري في العراق لتشديد الهيمنة على العراق وتحويل القوات العراقية الى ما يشبه حراس الثورة.. ان خطر داعش المتفاقم لا ينبغي ان يصرف النظر عن الخطر الايراني، لاسيما وايران دولة اقليمية كبيرة ولها قدرات هائلة وحلفاء اقوياء كروسيا والصين، وادوات كثيرة على نطاق المنطقة والعالم.....
2- تجاهل طبيعة النظام الايراني الشمولي الدموي والطائفي التوسعي. وفي 2009 لم ينطق اوباما بكلمة تضامن مع انتفاضة الشعب الايراني. وهو اليوم يقف الموقف نفسه من حملات الاعدام الجماعية في ايران ولاسيما في عهد روحاني، والتي شملت النساء والقاصرين ...
3- تدوير القضية النووية من قضية دولية الى خلاف ثنائي أميركي وإيراني.. فاذا اتفق الطرفان فالبقية تتبع، خصوصا وأن روسيا والصين متضامنتان مع إيران. كما وافق على سلسلة تنازلات في الموضوع النووي، ومن ذاك التخلي عن القرار الدولي بوجوب تسليم ايران جميع ما لديها من يورانيوم مخصب للوكالة الدولية، وغلق المنشئات ذات الهدف العسكري الصارخ لكونها تنتج البلوتونيوم المطلوب في صنع القنبلة النووية.. أما اليوم، فاوباما يطرح صفقة تجميد النشاطات النووية لمدة عشر سنوات للتوقيع على اتفاق نهائي ورفع العقوبات- أي ايران تحتفظ بكل قدراتها النووية والتي تمكنها من صنع القنابل النووية... وكانت ايران قادرة حتى عام 2007 على صنع قنبلتين كما صرح للبر ادعي في حينه. هذا قبل سنوات، وقبل تراكم الخبرات والقدرات والمنشئات..أجل، اوبا مصر على الاتفاق النهائي مهما كان. صيغة اوباما لن تعيق ايران عن تصنيع القنبلة، التي لا تستهدف اسرائيل، بقدر ما تستهدف الدول العربية لابتزازها ولفرض هيمنتها الكاملة على المنطقة.وتحقيق حلم العظمة..
ان صفقة التجميد بدل التفكيك مغامرة كبرى مليئة بالألغام والمخاطر، ولكن الرئيس الاميركي ماض في هذا السبيل...
ايران أعلنت عن رفض الصيغة، واكن التوصل لتسوية وسطية محتمل. الا ات حدثت مفاجئة ..
&اوباما توعد الكونغرس باستخدام حق النقض لو عارش الاتفاق او فرض عقوبات جديدة ..انه يتصرف كأي حاكم فردي في قضية كبرى تخص الامن العالمي وامن اميركا نفسها....
&