طموح وأحلام سيدة البيت الأبيض تفوق ربما بكثير قدراتها وإمكانياتها لتعود مرة أخرى بدور جديد من حرم الرئيس كلينتون إلى سيدة المكتب البيضاوي الذي لم يسبق لسيدة أن قادت حكم الولايات المتحدة منه.

الذكاء والشخصية القيادية والإصرار الغير عادي على النجاح جعلت من حرم الرئيس السابق والتي يعتبرها الكثيرون سبب نجاحه، تتجاوز دور صانعة نجاح الآخرين إلى البحث عن صناعة نجاحها لتكون سيدة أمريكا الأولى بما للكلمة من معنى سيادي وليس برتوكولي.

تجارب هيلاري كلينتون في السياسة والإدارة تناقض كثيراً دورها في الحياة فالمرأة القوية القادرة على تحدي الصعاب وتجاوزها لم تستطع أن تكون وزيرة خارجية ناجحة وشخصية مؤثرة في سياسة بلادها أسوة بسابقتها مادلين اولبرايت، واكتفت في أقصى تطورات دورها بالوقوف وراء جون ماكين عراب الخراب العربي، والموهوم بصناعة الأزمات وإدارتها، مما وضع واشنطن في خانة تسديد فواتير حماقات ماكين وهيلاري كلينتون الذين توهموا قدرتهم على إعادة صياغة خرائط للمنطقة متناسبة مع أحلام تمنوها في مكاتبهم بواشنطن.

هيلاري كلينتون فتحت باب السباق إلى البيت الأبيض في الحزب الديمقراطي مبكراُ لمحاولة لجمع اكبر حشد ممكن من أنصار الديمقراطيين لدعمها وتوجيه رسالة لمن يفكر بالمشاركة في السباق أن معهم حوت كبير يفرض عليهم التفكير مئات المرات قبل خوض التجربة.

الحالمون بمنصب الرئيس الأمريكي القادم كثر من الحزبين والسباق لم ينطلق بعد وإن كان البعض بدأ يعبر عن أمنياته بالبدء في رحلة الألف ميل للوصول إلى الكرسي، لكن بين الأحلام والواقع المعقد في والوصول لتحقيق الحلم تبدأ إرهاصات السياسة والمال تنتشر بقوة لتحدد ملامح والتزامات الرئيس القادم والتي لا تزال غامضة تماماً عن عيون الجميع.

المجتمع الأمريكي الجامع للتناقضات بمختلف تباعدها الإنساني والفكري والثقافي لم يستطع أن يقدم للعالم ضمن فكرة تصدير الحلم الأمريكي صورة المرأة القائد أو صاحبة الدور المميز في صناعة المشهد للقوة الأعظم في العالم، وهذا الواقع قد يكون له تأثير إيجابي على حظوظ هيلاري كلينتون بالفوز تماما مثلما يكون عقبة أمامها نحو الحلم، في ظل غيابها عن هذا الدور على مر تاريخ الحكم في أمريكا.

أمريكا ستبدأ قريباً مرحلة العودة للاهتمامات الداخلية والسياسة الخارجية لم تكن أبدا عنصر مؤثر في نتائج الانتخابات الرئاسية والأصوات لا يكسبها المرشحون من مواقفهم في السياسة الخارجية بل من تفاصيل صغيرة تعطي الفارق في القضايا التي يعتبرها المزاج الانتخابي الأمريكي معبرة عن رغباته.

في انتظار استكمال بقية استعدادات انطلاق السباق بين مرشحي الحزب الديمقراطي لاختيار مرشحهم ونفس الشيء للجمهوريين بدأت الاستعدادات لسنة قادمة سيكون فيها السباق الانتخابي على أشده في انتظار أن نرى الرئيس الأمريكي القادم على عتبة البيت الأبيض.

هيلاري كلينتون تدخل السباق محملة بنتائج عملها وزيرة للخارجية والتي غرقت فيها واشنطن في سياسة خارجية قادها زعيم الأغلبية الجمهورية جون ماكين وحصدت نتائج فشلها وفقدانها للسيطرة على مفاصل سياسية كانت خاضعة لها تاريخياً وفقدتها على أمل صياغة فوضى خلاقة تحولت لعبث سياسي هدام أفقد واشنطن الكثير من مكاسبها التقليدية في العالم العربي.&