حدث اليوم دوليا غرق سفينة في المتوسط كانت تحمل مئات مؤلفة من اللاجئين القادمين من أفريقيا... هنا الحدث ليس الأول من نوعه منذ سنوات، ولكن الأكثر مأساوية. وقبله حادث سفينة أخرى من الأفارقة، راح المسلمون فيها يقذفون بزملائهم المسيحيين إلى قعر البحر. فيا للجبن.& في القارة الأفريقية مآسي وحروب ونشاط التنظيمات الجهادية... وأحوال منطقتنا لا تقل سوءا وخطورة. ومن المفارقات، أن القذافي كان السد المنيع أمام تدفق اللاجئين السريين إلى أوروبا بعد أن كان قد طبّع العلاقات مع الغرب، وعقد اتفاقات مع إيطاليا وغيرها لفرض رقابة صارمة على الشواطئ وأدى ذلك نسبيا الى تعطيل جزئي لموجات الهجرة غير الشرعية.. وأوروبا، وإيطاليا بالذات، تعاني الكثير من هذه الموجات.
نظرا لما فيها من أزمات اقتصادية، ولما يتطلب قبول المهاجرين من تبعات مالية كبرى... ولكنها تضطر& في الغالب الى قبول القادمين. أما أمر المهاجرين والنازحين في العراق وسوريا واليمن وعيرها ، فالاسباب، في الغالب، سياسية، من حروب ونزاعات، واضطهاد ديني أو طائفي، أو ممارسات وحشية لانظمة مستبدة...
ان ملايين النازحين والمهاجرين السوريين& يعانون مأساة بعد مأساة، بين براميل الموت، وبرابرة داعش، والإجراءات التمييزية كما في العراق. قبل شهور حظرت محافظة كربلاء دخول نازحين من المناطق السنية. في حين ان النازحين الشيعة وضعوا في فنادق الدرجة الأولى. واليوم تضع محافظة بغداد من خلال وزارة الداخلية التي هيمنت عليها ميليشيا بدر، أمام لاجئي الانبار، مما اضطر الكثيرين منهم للعودة الى مناطق الحظر. فيا لعار هذا الوضع البائس. ولم يرحم الفساد النازحين الايزيديين والمسيحيين في نينوى وما وراءها حيث لم يعد سرا ان معظم ما خصصته الحكومة لكل واحد منهم لينهب علنا..
والعالم الثالث، لا يزال يقذف العالم بمآسيه ومشاكله، والعيون تتطلع الى الغرب للانقاذ... إنها لا تتطلع إلى روسيا أو إيران أو كوبا وإنما إلى هذا الغرب المآكول المذموم الذي تعتبره أعداد غفيرة من المسلمين، الذين هربوا اليه من الجور والفقر، عدو الإسلام وساحة التمييز الديني... ومن يأتون من أفريقيا، ينزلق منهم المنزلقون الى العنف وتجارو المخدرات.
مهما يكن فإن مشكلة الهجرة الى العالم الغربي مشكلة متعددة الجوانبولا يمكن التوصل الى حلول عاجلة لها، فالأمر يخص مسؤوليات دول الأصل وحكوماتها وليس فقط مسؤوليات غربية... وبمقدار ما تعمل حكومات هذا العالم "الثالث" بعدالة وتمنع الفساد وتعمل على الارتفاع بالاقتصاد ومستويات المعيشة، او مكافحة البطالة واطفاء مواقد النزاع، فإنه لا يمكن تقليص الهدرة تدريجيا.
صحين أن هناك من مهاجرين لا لكونهم كانوا جياعا أو مضطهدين وإنما ليحصلوا على مستوى أفضل ومنهم من يغش في التعامل مع دوائر المعونة والعلاج الطبي أما الغالبية الساحقة فيدفعها الفقر وخطر الموت وسياسيات القمع المحلية.
ومسألة شائكة أخرى، فيما يخص المشاعر السلبية تجاه الهجرة، ولا سيما مع الأزمات الاقتصادية. واستطاع اليمين الغوغائي كسب قطاعات واسعة من السكان تحت شعارات تطالب بوقف الهجرة نهائيا، الشرعي منها وغير الشرعي. ومما ساهم في ذلك، لحد كبير، بعمليات الإرهاب الجهادي والأعمال العنيفة الأخرى. وثم من يطالبون بالخروج من معاهدة شنكنغ التي تبيح لكل حامل هوية من دولة في الاتحاد الأوروبي دخول أغلب الدول الأخرى في الاتحاد... ومشاعر الشك لا تتجه فقط نحو المسلمين، بل راحت نحو القادمين من الدول الشرقية، حيث تنتشر بينهم عصابات المخدرات، والمتاجرة بالنساء وتهريب الأموال. وفي فرنسا اصطدم المجتمع كله بسيرة المجرم البولوني الذي كان قد سجن أكثر من مرة في فرنسا ومنع من العودة اليها. ولكنه استطاع العودة وخطف صبية واغتصبها وقتلها.. قصة مرعبة ومثيرة حقا. وهي لا تصب لصالح الهجرة والمهاجرين.
&