منذ اندلاع التظاهرات العراقية التي انطلقت في بغداد ومحافظات الوسط والجنوب بدعم من المرجعية بضرورة الاصلاح والضرب بيد من حديد وكشف الفاسدين، والعبادي يكثف من ظهوره على شاشة القناة العراقية الناطقة باسم الحكومة محاولا ارضاء وإصلاح مايمكن تنفيذه استجابة لمطالب المحتجين، يحاول الرجل جاهداً ان يقدم الكثير من القرارات والتوصيات التي لو ترجمت فعلا على ارض الواقع للمسنا الاثار الإيجابية لها،. اخر هذه القرارات كان هو الغاء المنطقة الخضراء التي شكل حدودها الامريكي المحتل. وفتحها امام المواطن بعد ثلاثة عشر عاماً، تحصن المسؤولين فيها حماية لهم تاركين المواطن يلاقي مصيره، نيابة عنهم، القرار الثاني الذي أمر به العبادي أيضاهو اعادة عقارات الدولة التي تم الاستيلاء عليها بعد عام 2003 من خلال تشكيل لجان قانونية لاعادة النظر في كيفية ماتم من بيع وشراء وإيجار هذه العقارات واعادة الاموال التي تم الاستيلاء عليها بالغبن، الى الدولة.

في هذه الخطوة نشك ان القرار في اعادة النظر فيما تم بيعه او شراءه او تأجيره من املاك الدولة السابقة سيطبق بحيادية ولم يستثن من ذلك اصحاب الرؤوس والحيتان الكبيرة التي تملكت قصور المنطقة الخضراء بسعر بخس وقتها.

الشعب والمرجعية، لاتشك في اخلاص السيد العبادي ولا في وطنيته ولا في جهوده لكن السؤال الاكثر أهمية هل حصل شيء على ارض الواقع؟؟؟ بالرغم من ان بعض احزمة الإصلاحات التي اختصت باقالة نواب الرئاسات الثلاث وحماياتها حصلت على اجماع كامل بالموافقة داخل قبة البرلمان.

نعم تم التصويت فعلا لكن حجم الاعتراضات والتصريحات المضادة خلف أبواب وجدران البرلمان تجعلنا نشكك في تطبيقها، اعتراضات صدرت من الكتلة الكردية وباقي الكتل على ماتم الاتفاق والتصويت عليه، في هذه الحالة يصبح من حقنا ان نتساءل عن مدى مصداقية وتنفيذ مايطرحه العبادي على ارض الواقع، ومدى التزام الأطراف الاخرى لاقواله وإصلاحاته ومدى جرأته عليهم في تنفيذ القرارات الى افعال، فإذا كانت القرارات التي صوت عليها البرلمان امام الشعب بالموافقة محاطة بالشكوك في تنفيذها فكيف علينا ان نؤمن وان نقنع أنفسنا ان باقي حزم الاصلاح القادمة من قبل العبادي والأخرى التي أعلن عنها التي خصت مثلاً اعادة النظر في تملك المسؤولين عقارات الدولة التي تم الاستيلاء عليها بالغبن وعدم اتباع السياقات القانونية وقتها ستكون مورد تنفيذ حقيقي الان؟؟؟:::: هناك من يعمل بالخفاء على إجهاض هذه القرارات ومن جميع الكتل السياسية من دون استثناء، خوفاً من المستور.

كل الكتل السياسية متورطة في الفساد وهدر الاموال وجميعها فاشلة في مواقعها وعناصرها وأدائها.

وبالتالي من حق المحتجين ان لايتفاءلوا كثيرا بحزم الاصلاح التي نسمعها كل يوم بقدر ان نعتبرها ماهي الا حلول ترقيعية، وحلول تخديرية، خاصة ونحن نشاهد ان هناك من السياسيين الفاسدين والفاشلين من يريد تجيير هذه المظاهرات وتغيير مسارها لخلط الاوراق حمايةً لهم والتستر عليهم.

ليس من مصلحة العبادي والكتل الباقية التأخير في ورقة الاصلاح فحكومة بغداد تحارب وتخوض معركة ضروس في الحدود الغربية على عناصر داعش الإرهابية، تكلف الدولة الملايين من الدولارات خسارة كل يوم، اضافة الى سقوط العشرات من الضحايا يوميا، فلا بد لها ان تكسب ثقة مواطنيها من الداخل وتلبية المطالب المشروعة بكشف الفاسدين خوفاً من استغلال داعش لهذه التظاهرات وتحويلها الى ساحات وخيمات اعتصام لعناصرها في بغداد.

ايضاً هناك عناصر معروفة تشترك في العملية السياسية تحاول تجيير هذه المظاهرات وحرفها عن مسارها السلمي لأغراض سياسية تستثمر لمصالح دولية اقليمية ولا نستثني اي من هذه الدول بالتخوف على مصالحها ازاء مايحدث في العراق الان، مادام هناك عملاء ومأجورونيعملون من داخل ارض العراق لصالح هذه الدول.

كل الدول الإقليمية مشتركة مع اقليم كردستان لاتريد العراق ان يمتلك حكومة مركزية قوية تستطيع ان تسيطر على ارضه ونفطه ومياهه، وما تم من استقطاع مساحات واسعة من حدود الاراضي العراقية لصالح دول اخرى من جهة وبناء السدود وتقليل حصة العراق المائية وانشاء الموانيءالبحرية كميناء مبارك الذي يحاصر منافذ العراق البحرية او التنازل عن حقل فكة النفطي كلها كانت حقائق تؤكد ضعف الحكومة المركزية وتؤكد ان من حكم العراق بعد التغيير ليسوا سياسيين حقيقيين فأداءهم في الحكم لايرقى اكثر من كونهم سماسرة لبيع الوطن في المزاد العلني لدول الجوار وإلاّ لما وصل العراق من الاذلال والضعف الى هذا المستوى المتدني امام اصغر دول المنطقة المحيطة به.

من خلال تجربتنا مع سياسيي العراق الجدد الذين اصدعوا رؤوسنا بالوطنية تارة ومحاضرات الدين والتدين تارة اخرى اصبح لدينا واضحاً اننا لم نشهد من هذه الطبقة ولاء واخلاص لهذا الوطن الجريح بل الكل يتسارع مع الزمن لمليء الجيوب فقط، وهذا ما يذكرني بما اشار اليه الحاكم بريمر المنصب من قبل الأحتلال في كتابه ومذكراته ( عام قضيته في العراق ). يذكر عندما كان يدعوهم الى اجتماع ما صباحاً لم يكن يلمس منهم اي التزام او حرص على الوقت، ففي الوقت الذي هو يكون حاضرا الساعة السابعة صباحاً مستعداً ومتهيئاَ، يرى أغلبيتهم من يحضر متأخراً حتى الساعة الحادية عشر ظهرا، كما يذكر كيف كان من الصعب عليه إقناعهم في مسالة توزيع المناصب والخلافات الحاصلة فيما بينهم.

في النتيجة لخص الحاكم بريمر كلمة بحقهم وقال، لم اشهد اي ولاء منهم اتجاه العراق،

الكثير ممن يراقب الوضع في العراق ومايجري الان لايتفاءل كثيرا وان التوقعات القادمة لهذا البلد المنكوب تتجه نحو السيناريو الأسوء وهذا مالانتمناه أبدا للعراق وللشعب العراقي الذي عانى الأمرّين من النظام البائد قبل التغيير ومن حكومات مابعد التغيير.

اهم المعوقات التي تواجه السيد العبادي هو ارتباطه بحزب الدعوة، فهو لم ينو حتى ان يجمد عضويته من حزب الدعوة ثلاث سنين فقط فترة ترأسه الحكومة استجابة لمطالب المحتجين، ولم ينه انتماءه الى كتلة التحالف الوطني الشيعي. تحفيزا لالغاء كل مسميات الكتل الاخرى ثم الغاء المحاصصة المقيتة، كما لم نشهد احالة اي من عناصر الجيوش الفاسدة كما وصفها ابراهيم الجعفري الى القضاء لاستعادة المليارات المسروقة بصفقات وهمية هرّبت الى دول العالم واتخمت بنوكها، كما لم نسمع اي قرار يقضي بتطهير القضاء وعلى رأسهم مدحت المحمود المتهم الاول بالتستر على شبكة الفساد العنكبوتية. الجماهير المحتجة تطالب العبادي بتعطيل الدستور او تعديل الكثير من فقراته والغاء العملية السياسية العرجاء التي بنيت على أساس الحقد والكراهية.

صحيح ان السيد العبادي صرح انه قد يستجيب الى مطلب الجماهير بتعديل فقرات الدستور وحتى إلغاءه لكنه اشترط انه لن يفتي بذلك الاّ في حال حصوله على تفويض شعبي.

نشرح في قضية تعديل الدستور او إلغائه اكثر ونقول اذا كان البرلمان المنتخب يمثل الشعب والآن الجماهير تطالب باصلاح الدستور او استحداث دستور اخر لم يخرج من رحم الرغبة الامريكية، فلماذا لايتم التصويت عليه من داخل البرلمان مادام ينطق عن لسان هذا الشعب ووصل باصواته الى البرلمان.

لم نعهد من البرلمان يوما كان حريصاً على المطالبة بحقوق الشعب بل عهدناه دائماً يبحث بقوة عن مخصصاته وحماياته وأمواله التي تكلف الدولة سنويا ملايين الدولارات. البرلمان العراقي تحول الى متجر لبيع المواقع وبيع الصفقات، وكل من صوت لأعضائه يعض الأنامل اليوم، وافتخر لنفسي انني لم يحدث ان صوت لأي واحد منهم في كل الانتخابات الماضية وقد كتبت مقالة حول ذلك وتم نشرها في جريدة الرأي عنوانها ( مرجعية النجف الاشرف توصينا بانتخاب الافضل والانزه ونحن نقول ياسيدنا ومولانا دلونا من هو الافضل ) وقد استلمت الكثير من الانتقادات حينها.

الدستور ليس كتاباً وقراناً منزلا من الله، ولا هو احاديث نبوية للرسول الاكرم (ص) ولا هو توصيات من قبل الرسل السابقة، يستطيع العبادي وفؤاد معصوم وسليم الجبوري ان يقرروا ويأمروا بالغائه او تعديل فقراته التي قسمت البلد الى طوائف محتربة فيما بينها وأزهقت آلاف الأرواح بسببه فاحتراماً واستجابةً لمطالب الجماهير النازلة للشوارع يجب الغاء الدستور او العمل سريعاً الى تعديل فقراته.

السيد العبادي عليه ان يتحلى بالجرأة وان يكن مسؤولا ويتحمل عبيء المنصب المخول اليه ويكشف امام الجماهير الغاضبة عن الطرف الرافض لهذا التغيير والإصلاح الذي يخص مصير العراق، والا ان الأمور ستفلت عن موازينها ولا يصلحها الا تشكيل حكومة انتقالية بأحكام عرفية.

العبادي لم يهديء ويخفف غليان الجماهير بل اتجه الى حلول ترقيعية لاترقى الى مستوى الطلبات التي رفعها الشارع العراقي الغاضب، بل تصرف عكس إرادة المطلوب عندما اجتمع قبل ايام مع قادة التحالف الوطني الشيعي فَلَو كان العبادي جادا بقراراته ماكان عليه ان يجتمع مع شخصيات رفضها الشارع العراقي اولا. ثم انه مجرد الاجتماع بقادة التحالف الشيعي حصرياً في هذه الظروف يؤكد انه ماضٍ في المحاصصة وليس هناك قرارات جدية قادمة في الطريق.

تفسير اجتماعه مع كتلة التحالف الوطني والاقرار باستمرارية وجوده في هذا الضرف يعني إعطاء الاحقية باستمرار بقاء مسميات الكتل الاخرى السنية والكردية على حالها،&

السيد حيدر العبادي يطالب رؤوساء الكتل بتنظيف كتلهم من الفاسدين وإبعادهم من العملية السياسية، البعض يوجه الخطاب الى السيد رئيس الوزراء عليه ان يبتدء بالحزب الذي ينتمي اليه اولاً ثم البدء بكتلته التي ينتمي اليها، ثم مخاطبة الآخرين، ليحذوا حذوه.

نعم لم يحدث في تاريخ العراق ان يحصل رئيس وزراء تأييد مطلق من الشعب وتفويض مطلق من المرجعية مثلما حصل السيد العبادي على هذا الدعم الكبير لكن الغريب لايزال السيد رئيس الوزراء متلكاءاً ومتخوفاً ولايستغل هذه الفرصة.

اذا اراد العبادي ان يمتص حرارة غليان الجماهير عليه ان ينفذ الخطوة الاولى ويجمد عضويته في حزب الدعوة وان يترك عضويته في التحالف الوطني باعتباره رئيس وزراء لكل العراقيين، ثم يبدأ بالخطوة الاخرى في اقالة مدحت المحمود الى القضاء النزيه ويكشف امام العالم اين ذهبت صفقات الكهرباء البالغة 37 مليار دولار ومن هم المتورطون في صفقات السلاح من روسيا وكيف صرفت الاموال التي خصصت لبناء الجيش العراقي والتي بلغت 149 مليار دولار والذي فشل امام اول منازلة له مع داعش في الموصل ( نقدر ان بيع الموصل تم من قبل متامرين ولابد من محاسبتهم جميعاً لكن في نفس الوقت يجب ان نقر ان بناء الجيش العراقي تم على أساس بيع المناصب بالترضية والمجاملات، جيش مسيس لايملك عقيدة وطنية في القتال )، وفي ملف الامن لابد من محاسبة المتورطين في صفقة كشف المتفجرات المزيفة.

الشعب العراقي يريد ان يفهم كيف تمت سرقة عائدات النفط العراقي التي بلغت بحسب السيد عادل عبد المهدي 850 مليار دولار منذ عام 2003 حتى عام 2014 ولانستبعد ان تكون هناك دول مشتركة ومتورطة في ملفات الفساد العراقي.

وبحسب ماذكره عبد المهدي ان معدل الانتاج اليومي من الموظف العراقي في مؤسسات الدولة لايتعدى اكثر من 20 دقيقة في اليوم، لإأدري اين الدولة التي تحاسب المقصرين؟؟.

. بلد ينتج موظفوه عشرين دقيقة في اليوم اين يمكن ان نضع مستوياته قياساً امام الدول المتوسطة وليس الدول الحضارية الكبرى.

العبادي لم يبقى من شعر راْسه الا القليل والتحديات التي يعيشها هذه الأيام قد تفقده ماتبقى له من الشعرات القليلة فوق راْسه.

نؤمن بان العبادي لايملك عصا موسى السحرية ونؤمن انه محاط بتحديات جمة تكبل تفكيره قد لاتجعله ينعم بنوم هاديء، ضغوطات اقليمية وداخلية من قبل كل الكتل السياسية واخرى من الحشود النازلة في الشارع تريد منه الكثير وبالشكل السريع.

احد الاحراجات التي واجهها السيد حيدر العبادي قبل ايام هو تواجد وحضور قاسم سليماني بين بغداد وكربلاء والنجف الغير موفق في هذه الفترة الحرجة بالذات مما اثار غضبة الشارع العراقي.

يفسر بعض المراقبين هذا الوجود هو من اجل تدارك الوضع الخطر و لملمة البيت الشيعي خوفا من انفراطه،&

وقد تسربت بعض الأخبار نقلاً عن قاسم سليماني ان ايران لإتعارض الإصلاحات التي ينوي حيدر العبادي إجراءها ولاتعارض حتى عزل المالكي لكن تعترض على تقديم السيد نوري المالكي الى القضاء، لان ذلك سيعطي رسالة بفشل التجربة السياسية للكيان الذي مثله المالكي ثمان سنوات.

يبدو ان العبادي لم يكن راضياً،، عن تواجد قاسم سليماني على الارض العراقية لان ذلك يعطي فرصة قوية وسهلة لباقي دول الجوار في التدخل في هذه الفترة وبالتالي ستفلت الأمور عن مسارها الطبيعي وتفسح المجال امام داعش في السيطرة على زمام الأمور لتكهنات لاتحمد عقباها ولانتمناه.

&

السيد حيدر العبادي أمامه ثلاث خيارات:

الاول ان ينفذ توصية المرجعية والضرب بيد من حديد على كل الفاسدين ويرفع شعار من اين لك هذا ( ارصدة وعقارات وشركات وفضائيات )، والأهم من كل ذلك ان يتحرر من حزب الدعوة وقد يؤدي هذا الخيار حياته.

ثانيا ان يقمع المتظاهرين وهذا يعني سقوطه امام الشعب وامام المرجعية وربما يكلفه هذا الخيار حياته ايضاً.

الثالث ان يلجأ الى خيار الاستقالة وتشكيل حكومة مؤقتة بأحكام عرفية لايمكننا التكهن في الكيفية التي سيصار اليها، وهذا مايتوقعه الكثيرون، نتمنى ان يحمي الله العراق والعراقيين.

&