&

&
&
&
المنهج العلمي والشرعي والأخلاقي حينما يتناول موضوعة "المشكلة" أو "الأزمة"، دراسةً وتحليلا ليحدد الأسس السليمة لحلها ومعالجتها، يضع قاعدة أساسية في إستراتيجية العمل الناجع، تمثل نقطة الانطلاق لإيجاد الحلول، هذه القاعدة قائمة على أساس أن معرفة حل المشكلة يتطلب معرفة أسبابها الجذرية أو الأكثر احتمالية، فالبحث عن السبب وتشخيصه هو الموصل للحل، ولذلك قالوا أن معرفة الأسباب هو مفتاح حل المشكلات،
مليشيا الحشد الشعبي بات من اخطر المشاكل التي عصفت وتعصف بالعراق، بسب ما ارتكبه ويرتكبه من جرائم وممارسات فاقت حد التصور والخيال، يضاف إلى ذلك أنَّه بات القوة المسيطرة والمتسلطة على مقدرات العراق وشعبه، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي، وفي جميع المجالات الأمنية والسياسية وغيرها، وهذا أمر لا يستطيع إنكاره احد، حتى السيستاني صاحب الفتوى التي تأسس على خليفتها الحشد، وحتى الحكومة التي وفرت له الغطاء القانوني..
وبالرغم من أن قضية الحشد وخطورته باتت من البديهيات، إلا أن مشكلة علاجها لازالت غائبة، لأن ما سمعناه ونسمعه من مواقف ناقمة ومُدينة ورافضة للحشد عبارة عن ردود أفعال آنية على النتائج والجرائم، سرعان ما تضمحل تدريجيا، يضاف إلى ذلك هو غياب التحليل والتشخيص الموضوعي لأساس المشكلة، فنجد التركيز على النتائج دون النظر في أسبابها وتشخيصها ومعالجتها، وبالتالي فان المشكلة قائمة وستظل قائمة في ظل غياب المنهج العلمي الشرعي الأخلاقي لمعالجتها،
وهذا ما أشار إليه وشخصه المرجع العربي الصرخي مرارً وتكرارً، ومنها ما ذكره سياق الحوار الذي أجرته معه جريد العربي الجديد، حيث كان مما جاء فيه قوله:
((الواجب الديني والأخلاقي على الجميع تشخيص الأسباب ومعالجتها، وعدم اقتصار النظر وردود الأفعال على النتائج والجرائم حين وقوعها، فلا يصح ولا يجوز التغرير بأبنائنا وإيقاعهم ضحية الانتماء إلى حشدٍ طائفيّ أو تيارٍ تكفيري سنيٍّ وشيعيٍّ ، كما لا يجوز عندما تقع الجرائم أن نَصبَّ جام غضبنا وانتقادنا على أبنائنا المغرر بهم فقط ونترك الذين غرَّروا بِهم ، من الواضح إنّ هذا المنهج والسلوك لا يحل المشكلة بل يفاقمها)).
ومن هنا يتضح أن الاقتصار على خطابات الشجب والاستنكار والإدانة والاتهام والتركيز على النتائج فقط، وغض الطرف عن فتوى الجهاد الكفائي وصاحب الفتوى التي خلقت الحشد وما تمخض عنها من نتائج كارثية، لا يحل مشكلة الحشد وجرائمه، ومما يضحك ويبكي أن أصحاب تلك الخطابات لازالوا يدورون في فلك مؤسس الحشد، ويختزلون مصير ما تبقى من العراق وشعبه فيما يصدر منه، متجاهلين أن ما جرى ويجري وسيجري في العراق من ويلات ومآسي هو من نتاجات مواقف وفتاوى مؤسس الحشد وزعيمه الروحي ، ويبدوا عندهم أن الدماء التي سفكت والأرواح التي أزهقت والمقدسات التي دنست لم ترتقي بعد إلى وجوب إعادة النظر في مواقف وفتاوى السيستاني، وهذا يدفعنا إلى التساؤل عن جدية المجتمع الدولي وغيره ممن يبحث عن حلول لإنقاذ العراق في ظل تغاضيهم وصمتهم عن مواقف صاحب فتوى التحشيد، فضلا عن البقاء في فلكه واختزال المواقف والقرارات فيما يصدر منه فقط، ولقد صدق "ألبرت اينشتاين" حينما قال: (لا يمكننا حل مشكلةٍ باستخدام نفس العقلية التي أوجدت تلك المشكلة) .&
&
&