&
الكرد &أوفياء , أذكياء ,برغماتيون , قاتلوا في العراق على مدى عشرات السنيين كل الحكومات العراقية المتعاقبة وفاوضوها أيضآ , حتى ظفروا بالحكم الذاتي في سبعينيات القرن المنصرم ,ورغم الإنتكاسة التي حدثت في تطبيق مفهوم الحكم الذاتي آنذاك &وإلتفاف البعثيين على هذا الإتفاق وإفراغه من محتواه , إلا إن اليأس لم يأخذ من الكرد مأخذآ بل كان دافع لهم لمواصلة الإصرار على تحقيق حلمهم الذي إنتظروه &طويلآ لكن مع الكثير من التأني والعقلانية ومراعاة &لكل الظروف المحيطة بهم وبالمنطقة , وقراءة جيدة لكل المتغيرات السياسية على الساحة الدولية ,لقد إتبع الكرد سياسة التدرج ومفهوم سياسة &الخطوة خطوة الشهير , ولم يحرقوا المراحل , بل تركوا مشاكل المنطقة تنضج وهم سبب مهم من أسباب نضوجها , فَتَرنُح العراق جعلهم لا يُضَيعون الفُرصة بل حققوا الكثير من المكاسب على حساب الدولة العراقية الضعيفة المتداعية , فوسعوا مناطق نفوذهم &فيه, ونالوا إعترافآ بفيدرالية شكلية لكنها في الحقيقة كونفدرالية &بكل معنى الكلمة أدت الى ترسيخ الإستقلال والإعتماد على النفس .
وعلى عكس الشيعة في العراق الذين تحركهم العاطفة ويفتقدون للقيادة وليست لديهم رؤى وأهداف واضحة إستطاع الكُرد أن يَكسِبوا صداقة الكثير من الدول صاحبة القرار وخاصة الولايات المتحدة وفي الوقت نفسه إحتفظوا بعلاقات جيدة مع إيران ,مما جَعلهم يَحصلون على الدعم من أطراف تكن العِداء لبعضها لكنها تجتمع أو تتفق على مُساعدة الكُرد وهذه حالة فريدة من نوعها في ظل التنافس على النفوذ والمصالح وخاصة بين الدول الكبرى, وفي سوريا الساحة الملتهبة الأبرز حَقق الأكراد نصرآ معنويآ وسياسيآ كبيرآ , علاوة على تقدمهم العسكري الملحوظ ,عندما إلتقت مصالح القوتين العظميين المتنافستين على الساحة السورية , الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا الإتحادية على دعم الكرد , وهو دعم لم تحظى به أية جماعة أو جهة أخرى &, فروسيا تدعم الحكومة الشرعية في دمشق بينما تدعم الولايات المتحدة بعض الفصائل المناوئة للنظام السوري, إلا الكرد فهم ينالون الدعم من الجميع وهذا يُحسب لهم حيث إستطاعوا أن يكونوا عنصر توازن مهم وموثوق به &في المعادلة السورية وهم سائرون بخطى واثقة لإقامة كيان في شمال شرق سوريا شبيه بنظيره في العراق على الرغم من معارضة الأتراك المستميتة لمثل هكذا سيناريو , فإنجازات الكرد والدعم المقدم عالميآ &لهم تعتبره أنقرة تهديدآ وجوديآ &لها فهي &ترى إن وحدات حماية الشعب الذراع العسكري لحزب الإتحاد الديمقراطي السوري ما هي إلا إمتداد لحزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا الذي يقاتل الدولة التركية منذ أكثر من ثلاثين عامآ لنيل حكمآ ذاتيآ لمناطق جنوب تركيا ذات الغالبية الكردية وهي ما إنفكت تحاول إقناع حلفاءها الأطلسيين بالكف عن دعم الكرد .
إن الطموح الكردي البعيد أو المتوسط المدى في الإستقلال بكيان يلبي الخصوصية الكردية كقومية هو طموح مشروع لتحقيق حلمهم المؤجل , لكن يبقى السؤال المهم الذي تَصعَب الإجابة عليه هو هل يمكن أن يحافظ الكرد على هذا التوازن في علاقاتهم بالكثير من الدول الفاعلة والتي لها أجندات مختلفة وخاصة في سوريا &وتقدم لهم الدعم بصورة مباشرة وتنسج معهم علاقات سيتراتيجية &أم إنهم سيميلون لجهة على حساب جهة أخرى وبالتالي يفقدون هذا الزخم المتعاظم من التعاطف من دول مختلفة , وهذا ما ستشكفه لنا الأيام والأشهر القادمة وخاصة في الأزمة السورية ؟
&
&