لاثبات تورط النظام العراقي في استخدام الاسلحة الكيمياوية ضد المدنيين العزل نستند ايضأ الى قرارات محكمة الجنايات الدولية العليا في( لاهاي ) في( ٢٣ ديسمبر ٢٠٠٥ ) بعد ان حكمت على (فرانس فان انرات ـ Frans van Anraat )(1 ) بالسجن( ١٥) عاماً وغرامة مليون يورو، وذلك بتهمة المشاركة وبيع المواد الكيمياوية للنظام العراقي البائد وجاء في لائحة الاتهام : ان (فرانس فان أنرات) سلم للعراق أكثر من( ١٠٠٠ ) طن من مادة (ثيوديجليكول) ، وهي مادة يمكن أن تستخدم لصناعة غاز (الخردل) ، لكن لها أيضا استخدامات مدنية، وإن (٨٠٠) طن من هذه الشحنة استخدمت في ساحة القتال ، كما انكر المتهم معرفته امام المحكمة بذلك وقال في دفاعه : (ان العقوبة يجب ان تقع على من صنع السلاح الكيميائي وليس بائع المادة الكيميائية)....., كما اوضحت هيئة الادعاء العام للمحكمة بان المتهم بقي يمد نظام صدام كيميائيا منذ عام (١٩٨٤ حتى ١٩٨٨) وجنى ارباح خيالية من ذلك وبقي يستخدم تجارته الكيميائية مع نظام صدام حتى بعد الحظر الدولي من خلال شركات صغيرة تحايل بها على القرار الدولي

كما استندت محكمة لاهاي في حكمها على ( انرات ) الى وثيقة موجهة من رئاسة المخابرات العراقية إلى رئيس هيئة التصنيع العسكري مؤرخة في( ٨ يناير ١٩٩٢) جاء فيها : ( سبق للمذكور وأن قدّم خدمات جليلة للقطر خلال فترة الحرب العراقية – الإيرانية، حيث زوّد مؤسسات الدولة وخاصة هيئة التصنيع العسكري بمواد كيمياوية محظورة ونادرة معرضاً نفسه إلى نتائج في غاية الخطورة، وبأسعار معقولة قياساً بالعروض التي سبق وأن قدّمتها شركات أخرى )

في الرسالة ذاتها تطلب رئاسة المخابرات أن يتم تخصيص سكن مناسب لـ( انرات ) ولأسرته وراتب شهري. وتذكر الرسالة أنّ ( أنرات) قد أصبح عاطلاً عن العمل ويمرّ بضائقة مالية.

ووفقا لتصريحات ممثل الادعاء العام الهولندي التي ادلى بها خلال فترة المحاكمة عام (٢٠٠٥ )، فإن (فرانس فان انرات)، كان قد بدأ بشراء المواد الكيميائية من اليابان مع شريك ياباني يدعى (هيسجيرو تاناكا ) ، وفيما بعد من الولايات المتحدة ، ثم نُقلت هذه المواد بحرا عن طريق مواني (أنتيروب) ، و (روتردام)إلى ميناء(العقبة)الأردني ، ومن هناك، نُقلت برًّا إلى العراق .

وحسب الوثائق المحلية والدولية هناك شركات اجنبية عديدة زودت ايضأ النظام العراقي البائد بالاسلحة الكيمياوية والمبيدات والسموم القاتلة مع الاجهزة والادوات . و حسب تصريح المسؤولين عن لجنة الكشف عن اسلحة الدمار الشامل العراقية لجريدة (البولتكن الدانماركية ـ politiken. ) بان من ضمن (٢٥) شركة زودت النظام العراقي بالسلاح الكيمياوي ومعداتها , ١٧ شركة منها (المانية ), وايضا هناك دول قامت بتزويد نظام صدام بالخبراء أو بالمواد الكيمياوية اللازمة لانتاج الاسلحة المحرمة دوليا .

كما حصل النظام العراقي على مكونات غاز (الخردل ) من بريطانيا , الا ان الشركة المصنعة ادعت انها باعت للنظام العراقي تلك المواد على اساس انها مبيدات زراعية , وقامت شركة بريطانية اخرى بيع ١٠٠٠٠ قطعة من معدات الوقاية والاقنعة المضادة للاسلحة الكيمياوية وبعلم كامل من (وزارة الدفاع البريطانية ).

كما نعرض هنا لاهمية الموضوع جزء بسيط من كتاب ( شبيه صدام ـ In the Shadow of Saddam لمؤلفه ـ ميخائيل رمضان )(٢) الذي كتب كتابه ويروي فيه ما قام به ( كشبيه لصدام حسين خلال ١٨ عام ,اضافة الى ما سمعه شخصيأ من صدام حسين , و كشاهد على أحداث مهمة غيرت تاريخ العراق ) ... وهنا نشير الى لمحة سريعة عن ابرز الاحداث التي وردت في الجزء السادس فقط من الكتاب المذكور, والمخصص لكشف جرائم الابادة بحق الشعب الكردي ...

كتب ( رمضان ) تحت عنوان ( صدام يأمر بضرب حلبجة بالاسلحة الكيمياوية ) , وهنا اضع خط احمر عريض تحت عنوان ( صدام يأمر بضرب حلبجة بالاسلحة الكيمياوية ) ويقول :(

قبيل نهاية الحرب العراقية الإيرانية في عام 1987بدأت ترجح كفة العراق فيها , ولاسباب عديدة منها : ضعف المبادرات الدبلوماسية الامريكية من جهة , ومن جهة اخرى النتائج المباشرة لاستخدام صدام حسين (السلاح الكيمياوي ) ضد المواقع والمدن الايرانية .

اطلق صدام العنان لحملة صاروخية لمدة شهرين على طهران بوحشية بالغة , بحيث ان العديد من الإيرانيين نزحوا عن المدينة , انفجرت بعنف مفاجيء اعداد كبيرة من القذائف المميتة في المدينة لتبين القدرة العراقية والرغبة في استخدام الاسلحة الكيمياوية على العاصمة الايرانية . .

قرر (صدام حسين) رسميأ رفع مستوى التدمير للشعب الكردي الى مستويات لم يسبق لهامثيل , وعليه عين ابن عمه ( على حسن المجيد ) حاكمأ مطلقأ على كردستان .

بدأ (علي حسن المجيد) بشن حملة واسعة في المناطق الحدودية مع إيران وتركيا , بهدف تجريدها من السكان . ومن هنا بدأت أولى حملات التهجير الجماعي والقسري للقرى الكردية , بعد ان تم ترحيل الالاف من المواطنيين بعد إجلائهم عن اراضيهم وقراهم , فتمت وبقرار من (صدام حسين) إزالة مئات القرى والقصبات الكردية وسويت مع الارض ....)

يتبع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١ ـ اكبر تاجر هولندي , لقب بتاجر السموم ـ زود النظام البعثي بمواد كيميائية استخدمت في قتل الاف المدنيين العزل في مدينة (حلبجة )عام( ١٩٨٨) . في يونيو (١٩٩٠)، اختار (فرانس فان انرات) بعد اعتناقه الإسلام اسمًا جديدًا لنفسه , وهو( فارس منصور رشيد البزّاز ) .وبعد اصدار محكمة لاهاي الدولية حكمها بحق المتهم (أنرات) سنة (٢٠٠٥) بالسجن( ١٥ )عاماً، أُعيدت جلسات المحاكمة في( ٢٠٠٧/٤/٢ إلى ٢٠٠٧/٥/٩ ) (٦ ) مرات ليتم فيها تجديد الحكم وتمديده إلى( ١٦ سنة ونصف) لبيعه (غاز الموسترد وغاز الأعصاب) في الثمانينات من القرن الماضي لنظام صدام حسين ، فيما تم تبرئته من تهمة الإبادة الجماعية.

٢ ـ ميخائيل رمضان , اسمه الحقيقي ( مخلف رمضان صالح ) , بسبب الشبه الذي كاد يصل الى قرب التطابق بينه وبين صدام حسين , جعل اخباره تتناقل الى صدام وعليه تم استداعه من قبل صدام حسين في عام( ١٩٧٩) , وطلب منه العمل كشبيه له , بعد موافقته , اجريت له عمليه تجميلية وتم اعداده اعدادا جيدا من حيث الحركة والسكون والنطق والخ ... وظل يعمل كشبيه لصدام الى عام( ١٩٩٧), وفي شهر ديسمبر(١٩٨٠ ) قام ميخائيل رمضان بأول مهمة له كشبيه لصدام حسين, وكانت زيارة مستشفي للأطفال في حي المنصور, ونجحت المهمة, وتكررت الزيارات للمستشفيات والمدارس والمصانع وجبهات القتال لتتحول إلي مانشيتات في الصحف العراقية عن (القائد صدام حسين ) الذي يحب أن يكون وسط الشعب دائما...!! , وبعد الزيارة المذكورة قال له صدام حسين ( يا ميخائيل قريبا ستتمكن من خداع أمي نفسها) . منحه صدام حسين العديد من الاوسمة والنياشين منها (وسام الشرف المدني العراقي من الدرجة الاولى ـ نجمة صدام ) بعد ان نجى من محاولة اغتيال عن طريق وضع السم له في الطعام من قبل ( احد طباخي القصر الجمهوري) وعليه جن جنون( صدام ) واعتقل ثلاثة خدم وأعدموا فورا بينما بقي رئيس الطباخين (حنا جيجو )في منصبه لأن (صدام) كان يثق به جدا . ذهب ميخائيل إلى خنادق القتال الامامية وهو يرتدي زيا عسكريا كاملا برتبة (مهيب ركن) , وابتهج الجنود وهم يرون (القائد المهيب ) بينهم وسط القتال الضاريمع الايرنيين , لكن في اليوم التالي أصابت رصاصة إيرانية ساق (ميخائيل ) ونقل إلي غرفة خاصة في مستشفي ابن سينا, وبقي هناك لمدة ثلاثة أسابيع تحت العلاج, وزاره( صدام حسين) ومنحه (وسام الرافدين لشجاعته الفائقة ولاداء دوره ببراعة شديدة, كشبيه شجاع) , وأخبره( صدام) بأنهما أصبحا الآن شبيهين أكثر من أي وقت مضي, لأن( صدام) سبق أن أصابته رصاصة في ساقة في أثناء اشتراكه في محاولة اغتيال الشهيد (عبدالكريم قاسم ) عام(١٩٥٩) .

يشير الكاتب في كتابه الى تفاصيل مدى وحشية النظام العراقي بحق الشعبا لعراقي واساليب التعذيب المختلفة وتحليل عقلية وشخصية (صدام حسين ) عن قرب بما يوضح احتقاره وعدم مبالاته بأي اعتبار انساني او غيره مادام يحقق شهوته الى التسلط .... , كان (صدام ) يوفد الشبيه الى الاماكن التي يرى انه معرض فيها للمخاطر , ويستعذب الشعور بانه يخدع الاخرين بارسال الشبيه ليقابلهم ويتمتع ويفرح بانه نجح في خداعهم . كما عرض ( رمضان ) في كتابه مجموعة من الصور للقائه (كشبيه صدام حسين ) ببعض القادة العرب , وتظهر هذه الصوره الى اي حد يتمادى (صدام) في السخرية والخداع والاستخفاف بقادة ورؤساء العرب . وللعلم يقول ( رمضان ) في كنتابه با ن(صدام حسين) كان له اكثر من شبيه يقومون بادوار عديدة نيابة عنه و يحلون محله في المناسبات الرسمية, منهم ( نادر رافع العجيلي ) و( مهدي محمود ) الذي اغتيل اثناء زيارته الى مدينة العمارة ( فالرصاصات التي قتله استهدفت صدام اصلا ) ...!! بعد حرب الخليج الثانية بعدة سنوات نجحت المخابرات الأمريكية من تهريب ميخائيل إلي الولايات المتحدة الأمريكية .