١ ـ يروي لنا السيد ( رجائي فايد في مداخلته ، مشاهد سريعة من هولوكوست البعث البائد فيقول :
كنت مسافراّ من أربيل إلى بغداد واسترعى نظري بالقرب من( قوش تبه)(١ ) ، قافلة من الدبابات تتجه إلى إحدى القرى ومن خلفها الجرافات، كي تؤدي المهام القتالية الأشاوسية ضد هؤلاء القرويين البؤساء ) ( انتهى الاقتباس ) .
وهنا اقوال كشاهد عيان على تلك الحقبة الدموية بان هذه القافلة التي تحدث عنها السيد ( فايد ) كانت متوجهة الى قرى منظقة ( كَرميان ) في نيسان عام (١٩٨٨ )والتي سميت بـ( المرحلة الثالثة من جرائم الانفال ) , وبسبب وحشية النظام المقبور والتي بلغت ذروتها في مثل هذا اليوم في عام الانفال، تم تدمير وحرق مئات القرى في منطقة (كَرميان وهي جزء من منطقة كركوك تمتد بين نهر الزاب الصغير ونهر سيروان أو نهر ديالى) , فحتى المساجد والكنائس والاديرة لم تنجوا من براثن الوحوش والتدمير والحرق, كما طُمرت أغلب عيون المياه والابار , وحتى الطيوروالحيوانات والحشرات والزواحف قد أبيدت بالسلاح الكيمياوي والنابالم والقنابل الفسفورية والانشطارية المحرمة دوليا ، اضافة الى حرق مساحات كبيرة من حقول (الحنطة والشعير) والبساتين المثمرة في تلك المناطق المغدورة , وذالك اعتمادا على قراراصدره (علي حسن المجيد ـ الملقب بعلي الكيمياوي ) المرقم (٤۰۰۸ )في(۲۰ / ٦ / ۱٩۸۷) , يذكر جنوده وازلامه وعصابته الباغية (بالانفال وبالغنائم ) و بالاستيلاء على الممتلكات الضحايا , من ( اهالي القرى الابرياء ) وبقرار منه شخصيا وفيما يلي نص الكتاب الذي وقعه المجرم (علي حسن المجيد) وعممته على اجهزة القمع و الارهاب الصدامي , حيث كتب فيه نصا وباخطائه اللغوية و النحوية :-
( من قيادة مكتب تنظيم الشمال الى قيادة الفيلق الاول / قيادة الفيلق الثاني / قيادة الفيلق الخامس .
موضوع / ( التعامل مع القرى المحظورة امنيا) .
بالنظر لانتهاء الفترة المعلنة رسميا لتجميع هذه القرى و التي سينتهي موعدها يوم (٢١ حزيران ١٩٨٧)قررنا العمل ابتداء من يوم صعودا بما يلي:
( ١ ) تعتبر جميع القرى المحظورة امنيا و التي لم تزل لحد الان اماكن لتواجد المخربين عملاء ايران و سليلي الخيانية و امثالهم من خونة العراق ( . ) , ( ٢) يحرم التواجد البشري و الحيواني فيها نهائيا و تعتبر منطقة عمليات محرمة و يكون الرمي فيها حرا (غير مقيدا ) باية تعليمات مالم تصدر من مقرنا ( . ) ,
( ٣)يحرم السفر منها و اليها او لزراعة والاستثمار الزراعي او الصناعي او الحيواني و على جميع الاجهزة المختصة متابعة هذا الموضوع بجدية كل ضمن اختصاصه( . ) , ( ٤) تعد قيادات الفيالق ضربات خاصة بين فترة واخرى بالمدفعية و السمتيات و الطائرات لقتل اكبر عدد ممكن يتواجد ضمن هذا المحرمات وخلال جميع الاوقات( ليلا و نهارا) و اعلامنا ( . ) , ( ٥ ) يحجز جميع من يلقى عليه القبض لتواجده ضمن قرى هذه المنطقة و تحقق معه الاجهزة الامنية و ينفذ حكم الاعدام بمن يتجاوز عمره ( ١٥ )سنة داخل صعودا الى عمر( 70 ) سنة داخل بعد الاستفادة من معلوماته و اعلامنا ( . ) , ( ٦ ) تقوم الاجهزة المختصة بالتحقيق مع من يسلم نفسه الى الاجهزة الحكومية او الحزبية لمدة اقصاها ثلاثة ايام و اذا ستوجب التحقيق اكثر من هذه المدة عليهم اخذ موافقتنا هاتفيا او برقيا و عن طريق الرفيق (طاهر العاني) ( . ) , ( ٧ ) يعتبر كل ما يحصل عليه (مستشارو افواج الدفاع الوطني او مقاتلوهم يؤول اليهم مجانا ) ماعدا الاسلحة الثقيلة و الساندة و المتوسطة اما الاسلحة الخفيفة فتبقى لديهم و يتم اعلامنا باعداد هذه الاسلحة فقط و على قيادة الجحافل ان تنشط لتبليغ جميع المستشارين و امراء السرايا و المفارز و اعلامنا بالتفصيل عن نشاطاتهم ضمن افواج الدفاع الوطني ( . ) , مكرر رئاسة المجلس التشريعي ( . ) , رئاسة المجلس التنفيذي ( . ) , جهاز المخابرات ( . )رئاسة اركان الجيش ( . ) , محافظة ( رؤوساء اللجان الامنية ) نينوى , التاميم , ديالى , صلاح الدين , السليمانية , اربيل , دهوك ( . ) , امناء سر فروع المحافظات اعلاه ( .) , مديرية الاستخبارات العسكرية العامة ( . ) , مديرية الامن العامة ( . ) , مديرية امن منطقة الحكم الذاتي ( . ) , منظومة استخبارات المنطقة الشمالية ( . ) , منظمة استخبارات المنطقة الشرقية ( . ) , مدراء امن محافظات - نينوى , التاميم , ديالى , صلاح الدين , السليمانية , اربيل , دهوك ( . ) يرجى الاطلاع و التنفيذ كل ضمن اختصاصه ( . ) , انبؤونا . التوقيع , الرفيق علي حسن المجيد عضو القيادة القطرية / امين مكتب تنظيم الشمال ).
2ـ اعتمد النظام البائد في تدمير كردستان على (بعض )من رؤوساء (الافواج الخفيفة)(2 ) , وهنا اقول بعض لان بعض الاخر منهم كانوا يتعاونون مع الاحزاب الكردستانية ، وكان ولائهم ليس كولاء الاخرين للحكومة العراقية البائدة ,لذالك يجب ان ناخذ هذه النقطة المهمة ايضا بنظر الاعتبار ,ولحسن الحظ ان هؤلاء معروفون على صعيد الشعبي ايضا ولا داعي هنا ان اذكر اسمائهم .
اعتمد النظام البائد في تدمير كردستان على بعض من كبار الجحوش الذين تورطوا بارتكاب جرائم الابادة بحق شعبهم وارضهم, وذالك لمعرفت هولاء (الصداميين الاكراد ) للطبيعة الجغرافية لكردستان واسرارمداخلها وخفايا طرقها الجبلية الوعرة والمسالك الصخرية المؤدية الى قمم جبالها وبطون كهوفها وعيون ميائها وسهولها ووديانها والطرق المؤدية اليها و طرق الانسحاب منها , وعليه استخدمهم النظام العراقي البائد كادلاء في الغزوات والانفالات والمعارك ضد قوات البيشمركة والقرى الكردستانية المغدورة, اضافة الى نهبهم ومصادرتهم الممتلكات والحيوانات العائدة لاهالي المنطقة من الذين تركوا كل شئ في قراهم وهربوا قبل ان تضيق عليهم فرص النجاة , (وخاصة بعد ان منحوا من قبل النظام البائد حق التصرف المطلق على كل ما يحصلون عليه في عزواتهم من الاسلحة الخفيفة والمواشي والسيارات والجرارات والمحاريث الزراعية والحبوب والمحاصيل الزراعية ( راجع ما ورد في الفقرة السابعة من كتاب قيادة مكتب تنظيم الشمال المرقم( ٤۰۰۸ في۲۰ / ٦ / ۱٩۸۷ )والذي عرضناه اعلاه ) .
كما لعبوا المرتزقة دورا قذرا في اسر واعتقال عوائل منطقة ( كرميان) ومناطق كثيرة اخرى وتسليمهم ايّاها الى مسالخ النظام وخاصة النساء والاطفال والشيوخ وذالك باعطائهم وعود كاذبة بعدم تعرض الجيش لهم في حال بقائهم في اماكنهم ,ولكن مع بدء جرائم الانفال تم اعتقالهم وارسالهم الى مجمعات السلخ والاغتصاب والقتل في مسالخ ( طوبزاوة )(٣ ) , و( قلعة نزراكي)(٤) , و( نقرة السلمان )( ٥ )حتى وصل الامر الى ان يتفوه صدام حسين ويقول : ( بدونهم بعد الله لما وصلنا الى قراهم) .. !!
ان مساهمة المرتزقة في تدمير كردستان كانت معروفة فقد نشرت صحيفة (الثورة ) الصدامية في عددها الصادر يوم ( ١٨/٤/١٩٨٨) اسماء عدد من رؤوساء وكبار المرتزقة ( الجحوش ) الذين شاركوا في عملية الانفال .
وهنا اسأل كل من يهمه الامر :هل كان باستطاعة (الجنود والعسكريين وقوات المغاوير والوية القوات الخاصة والفيالق الصدامية ) ان يصلوا إلى سفوح ( جبل شيرين , جبل هندرين , سه ري بردى , سرى حسن بك , باليسان , مه له كان , شيخ وسان , خواكرك , كافيا, جبل كاره ,جبل كوسرت , جبل اوه كرد , سيوسينان , ياخسه مه ر , زيني سران , دولى اكويان , كروى منجل , كبكى حمد اغا , نهله , نزارى , كافيا ,ييك ماله , هيرياش , سركلو , جبل هلموند , كيل كيل , والخ من المناطق الجبلية الوعرة والصعبة جدا بدون ان يكون معهم (جحوش) ادلاء مخلصين لهم و لنظامهم البعثي الفاشي ؟
يتبـع
ـــــــــــ

١ ـ (قوش ته به ) , ناحية تابعة الى قضاء مركز اربيل, يتكون الاسم من كلمتين تركيتين، (قوش ) و (ته به ) , (قوش) تعني (الطيور) و (ته به ) تعني التل ـ اي( تل الطيور) , شيد فيها اكبر مجمع قسري للبارزلنيين الذين كانوا محاصرين بازلام صدام وكانوا في وضع لا يحسدون عليه حيث تعرضوا الى شتى انواع التعذيب النفسي و الجسدي على يد البعثيين وروبوتاتهم . وفي (٣١ /٧ الى ١٠ / ٨/ ١٩٨٣ )وبقرار جائر تم القاء القبض على حوالي (٨ ) الاف بارزاني من ساكني المجمعات القسرية (قوشتبة , بحركة , ديانا , حرير) وكلهم من (الذكور) ممن تراوحت اعمارهم بين (١٤ و ٦٠ ) سنة وتم نقلهم فورا بباصات ذات النوافذ الداكنة الى بغداد و بالتحديد الى القصر الجمهوري , ثم تم نقلهم بوجبات الى الصحراء الغربية حيث تم دفنهم و هم احياء .
٢ ـ الافواج الخفيفة ( الجحوش المرتزقة) وبلغ عدد منتسبيها اكثر من (٤٥٠ ) الف مسلح (وفق صحيفة الثورة الصدامية في( ٢١ /٣/ ١٩٨٥ ), ولمعرفة المزيد عن دور هؤلاء (الجحوش) في جرائم الانفال راجع الصحف والمجلات الصادرة من قبل النظام العراقي البائد ( الثورة , العراق ,هاوكاري لعامي ( ١٩٨٧ - ١٩٨٨ ) , اضافة الى وثائق والاحكام الصادرة بحق مجموعة من المتورطين من رؤوساء وكبار المرتزقة من قبل المحكمة العراقية الجنائية المختصة .
٣ ـ طوبزاوة : مسلخ طوبزاوة يقع في قرية (طوبزاوه) التي تقع على بعد ( ١٥ كم ) جنوب غرب مدينة كركوك , تلقى المعتقلون في سجن طوبزاوه شتى صنوف الممارسات اللا انسانية على سبيل المثال لا الحصر : ( التعذيب والقتل والاغتصاب, ) وفيه تم فرز وتصنيف المؤنفلين حسب (الجنس والعمر) , قبل ان يرحلوا الى مجمعات قسرية وسجون في مناطق اخرى , ومنه كانوا يدفعون بهم الى وسط وجنوب العراق لدفنهم في مقابر جماعية وخاصة الرجال والشباب .
٤ ـ قلعة نزراكي : بنيت هذه القلعة الواقعة في شرق مدينة دهوك في بداية السبعينيات واستعملت لغاية عام ١٩٧٦ كثكنة عسكرية من قبل نظام البعث آنذاك، ، وفي نهاية الثمانينات تم تحويلها إلى سجن رهيب ومرعب للغاية أثناء مجازر الأنفال ، سميت في البداية بـ(قلعة دهوك) ولكن تسميتها بـ(قلعة نزاركي ) هي تسمية شعبية جاءت لمجاورتها قرية (نزاركي) ،مساحة البناء (١٥) ألف مترمربع، مؤلفة من(٨٠) غرف متعددة الاحجام ,عرفت بـ(غرف الموت والانظار) , و يتوسطها باحة واسعة شهدت على قتل وتعذيب الرجال امام انظار الاطفال والنساء من ضحايا الانفال وفيها تمت عملية فصل النساء عن الرجال , اما الجانب الغربي للقلعة يضم عشرات النوافذ الصغيرة كانوا يستخدمونها للمراقبة، وما زالت الجدران الداخلية تحتفظ بشعارات حزب البعث البائد .
٥ ـ نقرة السلمان : أحد أقدم السجون في العراق, يقع في محافظة المثنى في مدينة السماوة ناحية السلمان في منطقة صحراوية بدوية بالقرب من الحدود (العراقية السعودية) , أسس السجن من قبل القوات الإنكليزية في عشرينيات القرن الماضي، لكون المنطقة نائية وهي منفى في ذلك الوقت حيث اختار الإنكليز منخفض (السلمان) أو ما يعرف بـ(نقرة السلمان) ، لتكون موقعأ لهذا السجن علما ان هنالك سجنين في (نقرة السلمان ) أولها هو السجن الذي بناه الإنكليز والآخر بني على أحد تلال (السلمان )في ستينيات القرن الماضي من قبل الحكومة العراقية، وهو أكبر من سابقه بكثير.