تصعيد نظام الملالي في إيران للقمع الداخلي ليس بالأمر الجديد، لكنه يبدو الآن أكثر وضوحاً في سياق التحديات المتزايدة التي يواجهها داخلياً وإقليمياً. يحاول النظام تعويض خسائره الإقليمية وانحسار نفوذه عبر مزيد من القمع داخل إيران، وذلك بسبب التوترات الاجتماعية والاقتصادية.

أدت السياسات التي يتبعها هذا النظام إلى تدهور تام على كافة الصعد، وخاصة الوضعين الاقتصادي والاجتماعي، مما تسبب في تصاعد السخط الشعبي ونشاط المقاومة الإيرانية داخلياً وخارجياً، خصوصاً مع نمو تأييد أبناء الوطن للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ومنظمة مجاهدي خلق الإيرانية. وقد قامت وحدات المقاومة بعمليات نوعية مكثفة داخل إيران، مما يشكل تهديداً مباشراً للنظام.

نتيجة لتراجع نفوذه الإقليمي وتأثيره في دول مثل سوريا ولبنان والعراق وفلسطين بسبب المتغيرات الإقليمية، يجد نظام الملالي نفسه مضطراً للتركيز على الداخل لقمع أي محاولات للقضاء عليه. بعد فقدان سوريا كقاعدة إقليمية بسبب تراجع الدعم الروسي وتغير التوازنات الإقليمية، يمارس النظام شتى وسائل القمع، مثل الإعدامات الجماعية، لترهيب المجتمع وإرسال رسالة مفادها أن أي نشاط معارض سيواجه بأقسى العقوبات تحت مسمى حفظ الأمن.

منذ استيلائه على السلطة، يمارس النظام حالة من الحرب النفسية مستخدماً أدواته الإعلامية للترويج لنظرية المؤامرة ضد النظام وتبرير أفعاله، وقمع أي تحرك احتجاجي للحفاظ على سيطرته. وتشمل اعتقالاته التعسفية الصحفيين والنشطاء والمعارضين السياسيين، كما تعد الرقابة على وسائل الإعلام والإنترنت من أهم وسائل القمع للتغطية على حملات القمع الدامية بحق المحتجين.

ازدياد القمع ضد النساء وممارسة أقذر أنواع التعذيب
تصعيد النظام الإيراني ضد النساء يعكس خوفه من تأثير الحراك النسائي ودوره المحوري في إحياء الاحتجاجات الشعبية، خاصة بعد الحركة الواسعة التي أعقبت مقتل مهسا أميني على يد شرطة الأخلاق. النساء في إيران أصبحن رمزاً للمقاومة ضد الظلم، مما جعل النظام يستهدفهن بالاعتقالات الممنهجة والتعسفية وبدون أوامر قضائية.

تشير تقارير حقوقية إلى تعرض النساء المعتقلات لأبشع أنواع التعذيب، بما في ذلك التحرش الجنسي والاعتداء الجسدي والنفسي. ويُستخدم التعذيب كوسيلة لترهيب النساء ودفعهن لعدم الانخراط في النشاطات الاحتجاجية. كما يعيد النظام فرض الحجاب بصرامة، ويعاقب من يرفض الالتزام بالعقوبات القاسية.

هل يعيد التاريخ نفسه؟
يحاول نظام الملالي منع تكرار المشهد السوري داخلياً، لكنه يواجه شارعاً لم يعد يعرف الخوف. تصعيد القمع قد يعجل بانهيار هذا النظام الفاشي بدلاً من إطالة أمد بقائه، خصوصاً إذا تضافرت الجهود الشعبية مع ضغط دولي منظم.

إن تبني المقاومة الإيرانية لحملات داخلية وخارجية واسعة لمواجهة دموية نظام الملالي يعكس تصميمها على تحقيق الحرية والديمقراطية للشعب الإيراني.

ردود الفعل الدولية
على الرغم من وجود إدانات واسعة لجرائم النظام، إلا أن الاستجابة العملية محدودة. يبقى تيار المهادنة الغربي عائقاً أمام اتخاذ مواقف حازمة، لذا يجب اتخاذ خطوات أكثر فعالية، مثل وضع حرس الملالي على قوائم الإرهاب ودعم جهود توثيق الجرائم.