لا شك أنَّ بروز أحمد الشرع كقائد عام للعمليات العسكرية، ومن ثم تشكيله حكومة انتقالية برئاسة محمد البشير، يعد من المحطات المفصلية في تاريخ الثورة السورية. قد تكون الثورة قد تجاوزت واحدة من أخطر المراحل التاريخية التي تمر بها حتى الآن. فالحالة الفصائلية التي أعقبت اندلاع الثورة أضرت بها كثيراً، واستثمر فيها النظام بدوره بشكل كبير.
مع بدايات الثورة، برز الجيش الحر كجبهة موحدة ضد النظام، وحظي بتأييد شعبي وعربي كبيرين. إلا أن الانقسامات سرعان ما سرت إلى بنيته الأساسية، فانشقت عنه جبهات عدَّة، ثم برزت الجماعات الإسلامية تحت قيادات متعددة ومختلفة. وكانت هذه فرصة لا تقدر بثمن حظي بها النظام، ما أطال في عمره سنوات عديدة.
إنَّ بروز قيادة موحدة منذ انطلاق العمليات العسكرية الأخيرة من إدلب، يعد حدثاً لا يقل أهمية عن دخول دمشق وإسقاط نظام بشار الأسد.
عندما دخل الجيش السوفييتي أفغانستان، خاض المجاهدون الأفغان حرباً طويلة ومكلفة ضده، ثم ضد الحكومة الأفغانية الموالية لموسكو، حتى النصر الكامل ودخول كابل في عام 1992. ومع ذلك، فإنَّ حكومة المجاهدين الجديدة سرعان ما مزقتها الحالة الفصائلية، وتطورت الحالة إلى حرب أهلية ثانية انقلب فيها المجاهدون على المجاهدين. وأسهم ذلك بمزيد من الخراب والدمار، وذهبت تضحيات المجاهدين أدراج الرياح.
في ليبيا، أسقطت المعارضة المسلحة نظام القذافي، لكنها لم تسقط حالة الانقسام التي أعقبت النصر. انقسمت البلاد حتى الآن بين حكومتين متنازعتين، وهو ما قد يمهد الأرضية لاحتمالات التقسيم مستقبلاً.
إقرأ أيضاً: حزب الله.. قبول ما لا يمكن قبوله!
وفي السودان، وتحت وطأة الضغط الشعبي المستمر، اضطر عمر البشير للتنحي. بدا أن الأمور قد تسير نحو حكومة وحدة وطنية، لكن سرعان ما تسارعت الأحداث وانقسمت البلاد أيضاً إلى قيادتين متصارعتين، ما أدخل البلاد في حرب أهلية طاحنة. وأطل شبح التقسيم مجدداً على الحالة السودانية، خصوصاً مع وجود تجربة سابقة، حيث كان انفصال جنوب السودان نتيجة لحرب أهلية مماثلة.
في سوريا، ورغم نجاح الثورة في إسقاط بشار الأسد واستلام الحكم، إلا أن نجاحها النهائي مرهون بمستقبلها. وأكبر أخطار الثورة يأتي من داخلها وليس من الخارج.
التعليقات