&

لا شك بأن خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي سبب وسيسبب إرتباكا عاما في كل نواحي الحياة للمواطن البريطاني . مماثلا تماما للإرتباك الحاصل في الإتحاد الأوروبي بين الدول ال 27 الباقية . مما يضع علامة إستفهام كبيرة على إستمرار الإتحاد . حيث أطلت الأحزاب اليمينية المتطرفة برأسها لتطالب بإستفتاء مماثل لما حصل في بريطانيا. وبينما يزداد الجدل الدائر حول تسريع خروج بريطانيا أو إبقائها للسنتين القادمتين, يرقص المواطن البريطاني على أنغام الإستقلال من مؤسسة بيروقراطية دفع لها الكثير. حقيقة أن الهجرة كانت على قمة اولويات المواطن البريطاني الذي صوّت للخروج . ولكنها ليست وحدها ما دفعه لهذا القرار!

ما يهمني في هذا التحليل هو كيف ستتأثر المرأة البريطانية من جراء هذا الخروج؟؟ وهل لديها الإستعداد الكافي للثورة فيما لو تأثرت مكتساباتها؟؟ وهل ستعود بريطانيا للوراء أم ستتغلب البراغماتية والواقعية؟

مما لاشك فيه بان رصد الإتحاد ما يعادل 6.7 بليون يورو لصرفه خلال الفترة الزمنية 2014-2020 على برامج ومبادرات تعمل على إلغاء أي شكل من أشكال عدم المساواة للمرأة الأوروبية . ولكن ومما لا شك فيه بان بريطانيا نفسها كانت أكبر الممولين لهذا الصندوق . بما يعني أن هذه الأموال ستعود للمواطنه البريطانية بشكل أو بآخر للمحافظة على مكتسباتها السابقه .التي كانت في الإتحاد مثل:

تجريم التمييز على أساس الجنس

والمساواة في الأجور

تمويل مفتوح لمنظمات العمل المدني التي تعمل على تمكين المرأة

تمويل المنظمات العامله على الحد من الإتجار بالبشر وخاصة النساء

أقرار إجازة وضع للمرأة لمدة 14 أسبوع بعد الولادة . وتشجيع الزوج على المشاركه في تربية الطفل من خلال حوافز لأخذ إجازة مماثلة.

فهل ستخسر المرأة هذه المكتسبات لمجرد قرار المواطن البريطاني الخروج والإستقلال وبناء بريطانيا مرة اخرى؟

أسئلة كثيرة تؤرق السياسيين . وتؤرق منظمات العمل المدني خاصة منظمات المرأة .. ولكن لنقر بحقيقة مؤكدة من خلال تجربتي في المنظمات النسائية البريطانية . بأن هناك وعي تام لدى المرأة ولدى السياسيون بأن المرأة مفتاح التماسك المجتمعي الذي يخشون إنفراطه وهو الأمر الذي دعا حكومة ديفيد كاميرون لرصد 20 مليون جنية إسترليني لتعليم المرأة وبالذات المسلمة اللغة الإنجليزية لتعي حقوقها في المجتمع الجديد.

ما ستتأثر به المرأة المسلمة ليس حقوقها في المساواة الجندرية وعدم التمييز وفرص العمل وإجازة الوضع . ولكن أية رموز مظهرية للغلو في الدين والتدين خاصة وهي غير إجبارية أو ’ملزمه&كالنقاب مثلا, الذي لا أستبعد إتخاذ خطوة مماثله للدولة السويسرية التي ستبدأ العمل على حظرة في السادس من الشهو القادم . أما مظهرها بالحجاب وإن كان غير مرغوب به, وقد يستفز المواطن الآخر كما حدث قبل أيام في ألمانيا حين رفعت إمرأة ألمانية الحجاب عن رأس إمرأة مسلمة . سيبقى متروك لها ومدى حرصها على إحترام مشاعر المواطن الآخر خاصة وأنا أستمع لرأي الكثيرات من تأثرهن بمظهر طفلة لم تتجاوز الثمانية أو العشرة اعوام تضعه على رأسها . وسؤالي لم ’تسرق طفولتها أليس من المفروض ان يكون خيارا.. كيف لطفلة لم تصل سن النضج أخذ مثل هذا القرار؟

نعم أنا أؤمن بأن بريطانيا ذات الديمقراطية العريقة والتي تستند إلى مؤسسات تعمل مع منظمات العمل المدني لتقديم أفضل الخدمات للمواطن – المواطنة البريطانية, لن تتخلى عن أي من هذه الخدمات . خاصة ومع حرصهم على الحفاظ على التماسك الإجتماعي والمواطنة الحفاظ على أعلى المستويات لتمكين المرأة . ما سنتوقعه لفترة قد لا تزيد عن السنة هو إعادة النظر في الكثير من مراكز الخدمات التي ضعفت خلال الفترة السابقة . كالضمان الصحي والتعليم وغيره من الخدمات لإعادة البناء وتقوية التماسك المجتمعي ولكن لن يكون ذلك وبأي حال على حساب أي من القيم الديمقراطية العريقة التي يفخر بها البريطاني .. الشعب البريطاني والعقلية البريطانية تقوم على البراغماتية بدون التنازل عن القيم خاصة تلك التي تصب في مصلحة المجتمع وتساعد وتحافظ عليه من الشغب او التفكك . وبالتالي فإن فكرة تحسين الوضع هي التي ستتغلب على اي مصاعب قد تواجهها المرأة ..والمثل الحي امامنا في إمكانية ترشيح وزيرة الداخلية تريزا ماي لمنصب رئاسة الوزراء التي إتخذت الخيار الأحكم والموزون في بقائها على الحياد طوال فترة الحملات الإعلامية حول البقاء أم الخروج مما اكد بأنها المرشح العقلاني الآمن .. بينما لم تحظى إمرأة واحده بمنصب رئيس للإتحاد الأوروبي بين الخمسة رجال الغير منتخبين!

&