&

لولا حب العراقيين لتغيير نظم حياتهم ودعمهم الضمني غير المباشر للقوات الامريكية لغزو بلادهم واسقاط نظامهم القمعي السابق لما سقط بالسهولة التي سقط فيها، فقد احتملوا كل انواع العذاب لايام معدودة وعايشوا اهوال حرب ضروس استعمل الغزاة فيها كل انواع الاسلحة غير التقليدية ولم يقوموا باي حركة تنم عن احتجاج اومقاومة، وتركوا القوات الدولية تنجز مهامها الانسانية بسلام ولتقطع دابر المفسدين الى الابد، وهكذا كان...حقب من الظلم والعدوان والجرائم ولت الى غير رجعة وجاء نظام جديد بفكرة جديدة وسياسة تقوم على اساس الديمقراطية والفدرالية والدستور والشراكة وحياة يمارس فيها العراقيون حقوقهم الضائعة في دولة المواطنة، ولكن شيئا من هذا لم يحدث، وما حدث ان نفس السياسة القمعية القائمة على فرض الارادات والاجندات سادت وترسخت، ولكن بصورة اعمق واخطرواكثر تهديدا للمجتمع العراقي، وفور استلام النظام الطائفي الجديدالحكم، بدأ بفتح جبهات حرب مع السنة والكرد وقتل من اهل السنة مئات الالاف في حرب شعواء استمرت لسنوات، فيما فرض حصارا اقتصاديا جائرا على الكرد يعانون منه اشد المعاناة، ومازال يرسل تهديده بشن حرب عسكرية ضدهم بعد الانتهاء من تنظيم داعش الارهابي في الموصل..

فاذا كان العراق في زمن البعث العروبي قد تحول الى البوابة الشرقية للامة العربية، فانه في زمن الطائفيين تحول الى الحديقة الخلفية لايران وبوابتها الغربية لنشر الفتن الطائفية في المنطقة.. ورغم العداء الظاهرالذي كان النظام الطائفي يبديه للنظام العنصري السابق ويدعو الى اجتثاثه، فانه حذا حذوه ورفع نفس شعاراته ومفاهيمه السياسية التي تدعو الى الانصهار في الوطن والوطنية وضرورة خضوع جميع الاطياف والمكونات العراقية لحكم مركزي قوي تقوده الاكثرية الشيعية وهذا عين ما كان تدعو اليه حكومات البعث المتعاقبة التي ارتكبت افظع الجرائم في ظل هذه الشعارات المضللة بحق العراقيين وبحق الكرد بشكل خاص من القصف الكيمياوي على مدينة"حلبجة"والقيام بعمليات التصفية الجماعية(الانفال)وغيرها.. لم يتوقف النظام الطائفي الجديد عن العمل لحظة واحدة من اجل تحويل المجتمع العراقي الى اكبر ثكنة عسكرية ميليشياوية (عسكرة المجتمع) في المنطقة، وقد قطع من اجل تحقيق ذلك شوطا كبيرا، ونجح في تحويل كل ركن من اركان البلاد الى جبهة مواجهة حربية مع عدو ظاهري"داعش"او عدو مختلق من السنة والكرد، ولكي يستمر الصراع مع هؤلاء الاعداء لابد ان تثار ازمات سياسية دائمة ومواجهات مستمرة لاتنقطع، وقد اشتهر"المالكي"بأثارة هذه الازمات والصراعات المتتالية؛ صراع مع طارق الهاشمي وصراع مع اسامة النجيفي وسليم الجبوري واقطاب الكتل السنية وصراع طويل مع مسعودبارزاني وهكذا سلسلة من الصراعات والازمات انتجت في النهاية 45 ميليشيا شيعية مسلحة رعاها ولملمها "علي السيستاني" في هيئة حشد طائفية وضمها "حيدرالعبادي" الى الحكومة واعطاها الصفة الرسمية واخذها "قاسم السليماني" ليحولها الى حرس ثوري عراقي ويكون قوة طائفية تحت الطلب!