&
&
لا يزال قرار الاستفتاء في إقليم كردستان العراق يثير الكثير من التداعيات وردود الفعل داخل العراق وخارجه، واخرها رد الفعل الأميركي المطالب بالتأجيل. شخصيا اخمن ان القيادات الكردية اتخذت قرارها كورقة ضغط وتفاوض وليس كمشروع للاستقلال الفوري عن العراق. لماذا اخمن ذلك؟ ان القيادات الكردستانية ذات التجارب المريرة الكثيرة لا يمكن ان تجهل ان قيام دولة كردية اليوم في العراف سوف يثير ثائرة جميع القوى العنصرية في الدول المجاور وداخل العراق. وهي لا تجهل ان حكام تركيا وايران لن يقفوا على الحياد وعندهم الغالبية الساحقة من اكراد المنطقة. وليس من الصدف ان يزور قائد القوات الإيرانية تركيا فجأة في هذه اللحظات بالذات.&
ان حق تقرير المصير للأمة الكردية، والى حد الانفصال، هو حق قانوني ودستوري معترف به دوليا. ولكن جميع الظروف والأوضاع الداخلية والإقليمية والدولية غير مؤاتية لقيام دولة كردية تستقل عن العراق. وهذه الدولة ستنون عاجزة تماما عن مقاومة وصد المؤامرات والاستفزازات التي سوف يفجرها الحدث الجديد.
ان من يتابع تطور الاحداث العراقية يعرف ان القيادات الكردية الحصيفة كانت ترفع دوما شعارات تعزيز الوحدة الوطنية العراقية، عربا وكردا واقليات. ومرة بعد مرة كانت تصرح بإرادة البقاء في عراق اتحادي ديمقراطي يحترم حقوق القوميات والأقليات ومبادئ الديمقراطية وميثاق الأمم المتحدة. لكن ما يجب قوله بوضوح ان الحكومات المركزية المتعاقبة سابقا ومنذ سقوط صدام لم تلتزم بالعهود والاتفاقات حول القضية الكردية. ولنتذكر مثلا سلسلة الازمات التي افتعلها سلف العبادي، بما في ذلك إجراءات مالية اضرت بسكان الإقليم ومستوى معيشتهم. كما نتذكر تصريحات ذلك المسؤول وهو يقول "انا ولي الدم" مخاطبا الأكراد. ان الفرصة لا تزال قائمة للتوصل الى اتفاق سليم بين الإقليم والمركز الاتحادي في بغداد. ان حكومة العبادي مدعوة الى مراعاة بنود الدستور حول الأراضي المتنازع عليها وإعادة النظر في الإجراءات المالية والاقتصادية التي اتخذها المالكي ضد الإقليم. كما ان على قيادات الإقليم التحلي بالصبر والتزام المرونة خلال اية مفاوضات مع الحكومة المركزية. ان المسؤوليات مشتركة. واضيف أيضا ولغرض الاستعبار ان القيادات الكردستانية وضعت منذ سقوط صدام كل بيضها في سلة الأحزاب الإسلامية الشيعية واعتبرت ذلك تحالفا استراتيجيا. وسبق ان انتقدنا مرارا هذا التوجه بدلا من التركيز على تجميع وتعزيز القوى والتيارات الديمقراطية العراقي وتقوية التحالف معها وذلك دون اهمال الأحزاب الإسلامية. وقد تلك التحالفات (الاستراتيجية) الى الموافقة على عودة المالكي للسلطة رغم فشله في الانتخابات الأخيرة.
لقد قدم الشعب الكردي انهارا من الدم من اجل حقوقه القومية. والاكراد لم يستغلوا ارتباك حكومة صدام بعد حرب الكويت، ففضلوا الاتحاد الاختياري داخل العراق الموحد.
ان حق الاكراد في دولة مستقلة متآخية مع جيرانها حق مبدئي ودولي ولكن لكل امر وقته وظروفه المناسبة وسيأتي ذل اليوم لتتم العملية بهدوء وسلام كما حصل مثلا في تشيكوسلوفاكيا وليس على مثال باكستان والهند المتردية علاقاتهما دوما. وبين اكراد العراق وعربه وبقية سكانه علاقات تاريخية وثيقة يجب ان تتعزز حتى لو قامت يوما ما دولة كردية مستقلة.
اننا اليوم في حرب شعواء ضد وحوش داعش، الذين من سهلوا مهمتهم الدموية لا يزالون دون حساب. وقدمت البيشمركة تضحيات كبرى في هذه الحرب وهي مدعوة للمساهمة ببطولات وتضحيات جديدة وهو مما سيعزز أواصر الثقة الوطنية في العراق ويساعد على وصول الشعب الكردي ذات يوم لتحقيق امانيه المشروعة.
فإلى الحوار الهادئ والتفاوض البناء تحت شعار الغد الديمقراطي الأفضل للجميع.
&