&هنالك أسئلة&كثيرة&حول&الإسباب الحقيقية وراء تفجر الإحتجاجات الجماهيرية الراهنة، التي يشهدها اليوم العراق ومُدنها المختلفة، فثمة من&يدعي&ان&المظاهرات&السلمية،&التي اندلعت&من&ساحة&التحرير&ببغداد،&هي&ليست سوى&مؤامرة&ضد حكومة&عبدالمهدي&وتسيرها&أيادٍ&خفية،&فيما&يدعي&بعض آخر&ان ما يجري اليوم هو&بمثابة&ثورة&حقيقية&لا غبار عليها&لأبناء&البلد&ضد&النظام السياسي والاحزاب&المسيطرة&على&الساحةالسياسية..&والحق ان الأمر&بحاجة الى وقفة&حتى ولو كان&الأمر من باب ما يمكن إعتباره إعادة&غربلة&الوعي السياسي إزاء أمور ربما تلتبس&على المرء&أحياناً من حيث&يدري أو&لا يدري!.

&عندما نود أن نفسر حدث سياسي ما، علينا أولاً&أن ننطلق مما هو حاصل في الواقع.&ولا مراء من ان الواقع السياسي والمجتمعي للشعب العراقي&هو&مزرٍ&للغاية من كافة&النواحي، وبات الأمر&للجميع&ليس سوى&مسلمة للتذكير فقط&ليس إلا،&ذلك&لأن&الدولة ومرافقها، وبكل صراحة،&لم تقدم&شيئاً&يُذكر&للمواطن&منذعام&(2003م) الى يومنا هذا&حتى&يقع العكس&ويؤول البلد الى غير ما آل اليه اليوم!،&أو&نتوقع&علاقة&جيدة،&أو&تفاعل&ما&بين الطرفين،&والذي&لا غنى عنه&لإرساء الحد الأدنى من الإستقرار السياسي في&أي&بلد&وتجنب هذا الأخير&لأي&صدام&حقيقي.

&&فالدولة&هنا، في العراق،&فشلت&فعلاً فشلاً&سياسياً وإدارياً وإقتصادياً وأمنياً&ذريعاً،&وحتى&النصر العسكري على الإرهاب بدأ&الآن&يفقد بريقه شيئاً فشيئاً، لاسيما&مع معاودة الهجمات الإرهابية،&التي&يُنفذها&تنظيم داعش&منذ فترة وبشكل متواصل في&الكثير من المناطق والمدن،&ما يعنى أنه&لم يعد حتى النصر هذا،&نصراً،&وإنما&تحول،&هو الآخر،&فعلاً&الى&مجرد&مادة دعائية&سياسية حزبية لا يشعر بها إلا الذين يعانون اليوم من التدهور الأمني في&مدنهم،&وأولئك الذين لا يثقفون&حتى الآن&بتحقيق إستتباب&أمني حقيقي&ليعودوا&مطمئنين&الى مناطق سكناهم وهم بالملايين&طبعاً&وليس الآلاف!.&

إذن، من المُعيب أن لا&نعي ونفهم&هذا الواقع الموضوعي،&الذي يشكل المصدر الأساس لأسباب إنطلاق المظاهرات الحالية&وتفسير&مواصلتها حتى اليوم أو ربما الى أجل غير مسمى!،&و&لاجدوى&من&الإشارة&هنا&ثانيةً&الى&الأرقام والإحصائيات&المفزعة التي تتعلق&بنِسَب&ظواهر&الفقر والبطالة في المحافظات العراقية العديدة وكل ما يبرر الغضب الشعبي&من إنعدام الخدمات والمشاريع العمرانية وتفشي الفساد الإداري والمالي ونهب المال العام وغياب العدالة والقانون والمواطنة وما الى ذلك..، ففي&هذا الميدان، يشيب الراس ويضيق القلب لحد&التألم والبكاء على&ما&آل اليه&حال البلاد والعباد..!

&&ومع ذلك، لا شك أن كل ما&يجري&من أحداث وتطورات&في البلد، لن تفلت&في النهاية&من&فخ&السياسة!،&واللعنة هنا!، فالمشكلة هي ان&كل حركة أو نشاط إجتماعي ومدني لايمكنه&في آخر المطاف&الخروج&على&سلطان&السياسة والحسابات السياسية الضيقة&وألاعيب&الساسة الأشرار،&لاسيما إذا ما تأملنا&مليئاً&في الصراعات الحزبية والطائفية والقومية والمذهبية&التي كسرت ظهر الشعب&منذ اكثر من عقد ونيف،&وشلت&قدرات البلد&تماماً&في توفير شروط إعادة البناء&وبالتالي إفقار&العقل السياسي&عندنالحد&الإنحطاط،&الذي يتجلى&اليوم&في إستغلال&واضح وفاضح لأي تعبير حقيقي&وموضوعي&للشعب&وقواه&الإجتماعية الفاعلة&عن إحتجاجها&ورفضها&للأحوال المزرية التي يعيشها البلد.&

&&بمعنى أوضح&وأدق، نعم ثمة&اليوم&تدخلات ومؤآمرات&داخلية وخارجية&فضلاً عن&خطابات شعبوية&ماكرة&تصاحب الحركة الإحتجاجية إنطلاقاً من&ترديد مخادع للشعارات&والمطالب المشروعة&لفئات الشعب&وتسويقها لمرامٍ سياسية&وحزبية ضيقة&لا من أجل نصرة مطالب المتظاهرين ولا لتحقيق الإمن والحياة والعيش بكرامة.

&&وهذه الحقيقة وإن كانت بحاجة الى&المزيد من&حرص&الدولة&على سلامة المواطن،&فإنها&لاتسوغ،&بأي حال من الأحوال،&قسوة&الأجهزة الأمنية&في التعاطي&العنيف&مع الشارع، ولاسيما&بذريعة وجود عناصر مندسة لم تفلح&الدولة حتى اليوم ان&تُظهر&لنا&صحة وجودها أو عدمها&بدلائل ووثائق&مقنعة&يثقا&بها&المتظاهر&والرأي العام&العراقي.

*كاتب وأكاديمي&–&كُردستان العراق

&