لاشك ان الظهور المفاجيء لثورة تشرين&ولانتفاضة الشابات والشباب العراقي الثائر، والعفوية التي انطلقت بها،&والشبابية التي تميز بها المحتجين والمنتفضين،&وغياب البيانات والقرارات القيادية،&عوامل&جعلت من&الثورة تظهر وكأنها بلا قيادة وبلا برنامج سياسي واقتصادي واجتماعي،&وقد تكون&المجابهات&الامنية والقمع الدموي للسلطة والمليشيات المسلحة&تجاه الانتفاضة الثورية المدنية&من اهم اسباب&غياب القيادة،&لهذا فان&المشهد&المتسم&بالمعوقات والمعرقلات&والمجابهات العنيفة&قلل من&فعالية وتأثير الثوار السلميين في ساحة التحرير وبقية الساحات في بغداد والمحافظات الجنوبية&على&إحداث التغيير المطلوب ودفع السلطة&الحاكمة على الاذعان لتلبية المطالب الشعبية&للاحرار الثائرين المدنيين.

وفي الحقيقة ومن خلال الكشف الميداني&في الساحات المنتفضة،&والاستناد الى&المعلومة الصحافية الاستقصائية،&تبين ان معوقات كثيرة تتقدم مسار الثورة، وتعيق مسار الانتفاضة،&ومازالت سبل نجاحها غير متاحة بالدرجة الكافية لايصال الثوار السلميين الى شاطيء الامان، ولا يخفى ان الضحايا الكبيرة من الشهداء المكرمين بالمئات والجرحى المصابين بالالوف&المقدمة كقرابين للثورة العراقية مازالت بعيدة&عن نيل غاياتها وتحقيق اهدافها،&ولكن بالرغم من المعوقات الكثيرة التي تحيط بها فان مسار الطريق صائب&وجاري بعفوية شبابية رائعة&لتحقيق التغيير والاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي.

ولكي نقرأ&مشهد&الثورة والانتفاضة العراقية الحاصلة&باطاره الصحيح، نستعرض اهم المعوقات التي تعيق&وتحيط بها&بغية تحليلها ومعالجتها لصالح المحتجين السلميين لتحقيق الاهداف المنشودة&لصالح&العراقيين، والمعوقات هي:

(1)&وجود حضور تعددي وتنوعي&غير موحد&لمجموعة من الحركات والمجاميع الشبابية&في ساحات الثورة والانتفاضة وخاصة في بغداد، حيث تلاحظ&مجموعات شبابية تابعة للتيار الصدري بقيادة مقتدى الصدر&في ساحات التحرير والخلاني والسنك والوثبة، ومجموعات تابعة&للحزب الشيوعي العراقي تتمركز وجودها وحضورها في ساحةالتحرير، ومجموعات&تدعي العلمانية وتطالب بفصل الدين عن الدولة وتطلق على نفسها&اسم&الجوكر&تتمركز في ساحة الطيران&ونفقها وحديقة الامة وساحة الخلاني، ومجموعات&شبابية اخرى&تشم منها رائحة البعث&البائد تطالب بعودته&تتمركز&في بناية المطعم التركي وساحة التحرير&والخلاني وجسر الاحرار،&ومجموعة مثقفة تمثل الادباء والكتاب واهل الفن&والصحافة والاعلام تتمركز امام نصب الحرية تقدم فعالياتها بنبرة&ثورية سلمية ووطنية عراقية&تعبيرا عن هموم&المواطنينوطلبا للخلاص من النظام الفاسد&المارق&المخيم&على صدور العراقيين منذ عقد ونصف من الزمن الرديء.

(2)&نفس الحضور&التنوعي غير الموحد&الوارد&اعلاه تسجل في المحافظات الجنوبية الناصرية والنجف وكربلاء والبصرة والديوانية والسماوة والعمارة والكوت، ولكن بدرجة اعلى&تتشكل المظاهرات الشبابية من المحسوبين على التيار الصدري&وثم المستقلين والعلمانيين&والمثقفين&وثم انصار الشيوعيين.

(3)&عدم تشكيل قيادة موحدة للاطراف المشاركة&في المظاهرات والمحتجين السلميين في ساحات الانتفاضة بالرغم من مرور فترة&على بدء الثورة،&وظهور اثار سلبية عليها نتيجة لغياب القيادة&لاصدارالقرارات&وبيان&المواقف.

(4)&تعدد التنسيقيات للجموعات الشبابية&التي تسير التظاهرات والاحتجاجات،&وابداء التنسيق&فيما بينها&فقط&خلال التجمعات التظاهرية&الاحتجاجية، وعدم استغلال واستثمار هذه العلاقة فيما بينها لتوحيد وتشكيل قيادة موفقة للثورة.

(5) عدم&اتخاذ الموقف الحاسم من المستقيل&عادل عبدالمهدي&ووزراء حكومته&والمسؤولين الأمنيين&والمجموعات المسلحة المضادة للثورة والانتفاضة، وذلك للمطالبة بتقديمهم للمحاكم واتخاذ الاجراءات القضائية والقاونية ضدهم.

هذه باختصار اغلب المعرقلات التي تعيق&وتواجه&مسار ثورة تشرين العراقية والتي تستفاد منها الجهات والاطراف والمجموعات المحلية والاقليمية&المعادية&للانتفاضة&والثورة&والتي تقمح&الثوار الاحرار&بكل وحشية وعدوانية&بائسة.

ولغرض قراءة مشهد الثورة من منظور&استنباط سبل نجاحها وايصالها الى بر الامان وتحقيق الانتصار للعراقيين على الحكام الفاسدين المارقين، فاننا نطرح مجموعة اقتراحات&عملية وواقعية ومنطقيةللاستفادة منها وللاستناد اليها في تحقيق اهداف&الثورة، وهي:

(1)&تشكيل قيادات&سلمية مدنية في كل محافظة منتفضة وفي بغداد الثائرة،&نابعة من ميدان ساحات الاحتجاج، ومتسمة بالرؤية السياسية&الواضحة والناضجة&لمجمل المسائل السياسية،&ومحملة بافكار&واقعية وموضوعية واستراتيجية&للتعامل مع الواقع وذلك للخروج&بالوسائل والادوات المتاحة لاحداث&التغيير وفرض الاصلاح.

(2) تشكيل قيادة عليا موحدة من كل القيادات الممثلة لبغداد والمحافظات، ممثلة باعضاء قياديين&مخبرين ومجربين&لهم القدرة&الناجحة على اقامة وادارة التظاهرات والتجمعات الاحتجاجية&واجراء الحوار والمجادلة والتفاوض والتحاور بسلمية ومدنية عالية، وقادرة&على صنع القرار المناسب والموقف الملائم&اعتمادا على الاسس الثورية السلمية المدنية لتورة تشرين، وباسم&(المجلس الاعلى لقيادة ثورة تشرين).

(3) تشكيل غرفة عمليات قانونية&بمشاركة&اهل الخبراء والحكماء المختصين&ومن النقابات والجمعيات المعنية لكتابة المسودات&الطارئة&لتغيير وتعديل القوانين والقرارات التي لا تنسجم مع مصلحة العراقيين ولا تلائم اهداف&الثورة، وتقديمها الى رئاسات الجمهورية واالبرلمان&لاصداره في سبيل خدمة المرحلة الراهنة وضمان التغيير والاصلاح.

(4)&وضع رؤى&سياسية&واقتصادية واجتماعية&للثورة&وطرحها واعلانها امام الرأي العام العراقي،&وعلى ان تكون&متسمة بقراءات&تحليلية&واضحة وعقلانية للحاضر بكل&مشاكله وازماته&القائمة، ومرفقة ومستنبطة بحلول واقعية وعملية واستراتيجية&لمعالجة المعاناة الحياتية والمعيشية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها العراقييون بجميع مكوناته&والمرتبطة&بجميع قطاعات الحياة&اليومية والعامة.

(5)&تشكيل مجلس استشاري من اهل الخبرة والحكمة&والرؤية الاستارتيجية،&لا يقل عدد اعضائه عن ضعف عدد اعضاء&المجلس الاعلى لقيادة ثورة تشرين، وبجميع الاختصاصات&والمجالات&والشؤون&التي تختص بها ادارة الحكومة والدولة، للتنسيق واتخاذ القرارات الصائبة&من قبل&قيادة الثورة.

باختصار، المقترحات الواردة اعلاه تمثل الارضية&المناسبة لضمان سبل نجاح ثورة تشرين&في احداث عملية التغيير والاصلاح بالعراق من كافة جوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمعيشية والحياتية،&وذلك لتحقيق&مصلحة كل العراقيين بجميع شرائحهم&ومكوناتهم&وخاصة الشباب منهم الذين صنعوا&ثورة تشرين اكتوبر العراقية&بتضحية ارواحهم الطاهرة&واجسادهم المجروحة&ومواقفهم الشجاعة الصلبة،&وما الفوز الا&لهذه الثورة الاصيلة،&وما التوفيق الا من عند الله والشعب.

(*) كاتب وباحص سياسي