مع تقديم السيد عادل عبد المهدي رئيس مجلس الوزراء العراقي استقالته واستقالة حكومته، يدخل العراق نفقا مظلما لا قبس &نور في نهايته، فالحراك الشعبي لا يقبل بأقل من التغيير الكامل للطبقة السياسية الحاكمة ومحاسبتها على فسادها وفشلها و بانهاء السيطرة الايرانية على كافة مفاصل الحياة السياسية والمالية والاقتصادية، بالاضافة الى اجراء اصلاحات قانونية شاملة لقانون الانتخابات والمفوضية العليا لها والذهاب الى انتخابات مبكرة و..... الخ مما يعني ان انصاف الحلول ( كتقديم السيد عادل عبدالمهدي كبش فداء) لن توقف الحراك الشعبي، لا من ناحية الشارع العراقي المسحوق والمحروم من الحياة الحرة الكريمة، ولا من قبل اكثر من طرف يقف وراء هذا الحراك ويحاول ركوب موجة الانتفاضة الشعبية العارمة لتحقيق اجندات خاصة به.
الامر كذلك بالنسبة للاحزاب والقوى الحاكمة،&اذ يبدو&اكثر صعوبة بسبب الاملاءات الخارجية وعدم اتفاقها على مرشح معين لرئاسة مجلس الوزراء، ومع تنازل الكتلة الاكبر (سائرون) عن حقها في تحديد رئيس مجلس الوزراء الجديد ومطالبتها بمحاكمة عدد من المسؤولين، يزداد الوضع تعقيدا، خاصة وان الكتلة الثانية حسب الترتيب (فتح) مرفوضة وغير مقبولة من الحراك الشعبي الذي يصر على استقلالية المرشح لرئاسة المجلس وعدم انتمائه للطبقة السياسية الحاكمة.
لما سبق تبدأ دوامة ترشيح الشخصية الفلانية خلال المدة القانونية (15 يوما) ويفشل في الحصول على الاغلبية المطلوبة والقبول الشعبي وبالتالي ترشيح اخر ويفشل ولا احد يعرف كيف ستنتهي هذه الدوامة من الترشيحات والفشل التي ربما يراد منها تثبيط عزيمة واصرار المتظاهرين&وهو امر غير وارد في حسابات الحراك الشعبي ولذلك سيكون سببا في افراز المزيد من السخط الجماهيري والغضب الشعبي الذي من الممكن ان يتطور الى اشكال اخرى من التعبير.
ما يعقد المشهد اكثر هو المطالبات بمحاكمة رؤوس العملية السياسية وصدور عدد من مذكرات التوقيف وبعض القرارات حول اتهام مسؤولين ( من بينهم عسكريين!!) واستدعائهم للمثول امام القضاءالمدني، وهو امر شبه مستحيل مع عدم وجود قوة قانونية تغامر بجلب المتهمين للمحاكم لوجود من يدعم هؤلاء ويمنع اتخاذ اي اجراء بحقهم، مما يعني في حالة التنفيذ التصادم المسلح الحتمي والعنيف بين الطرفين.
ايضا هناك الانهيار الاقتصادي الذي يطرق الابواب بسبب الفساد اساسا والفوضى العارمة حاليا وشبه توقف صادرات النفط &المعلومة (لا المهربة منها الى دول الجوار)، الامر الذي سيتسبب خلال الفترة القصيرة القادمة&لا الى توقف المشاريع القليلة اليتيمة فقط انما الى توقف الالة التنفيذية لادارة مؤسسات الدولة بسبب عدم قدرتها على صرف رواتب ومستحقات الموظفين والمستخدمين والعمال وبالتالي تقلص حجم الكتلة النقدية للتداول وارتفاع الاسعار و....الخ
مع الفشل في الوصول الى مرشح تسوية مقبول من الحراك الشعبي (وهو امر شبه مؤكد) وعدم قدرة القضاء على تنفيذ القانون والعدالة وتباطأ العجلة الاقتصادية سيزيد من احتمالات الوقوع في مطب اللجوء الى العنف المفرط والاقتتال الداخلي وحتى الحرب الاهلية وتشظي الدولة العراقية.
ان عدم قبول الاطراف السياسية الحاكمة باللجوء الى الانتخابات المبكرة (بسبب خشيتها من الخسارة) وفق قانون جديد للانتخابات يضمن تمثيلا عادلا لقطاعات الشعب، يعني غلق الابواب امام الحل الوحيد الممكن والعملي لتجاوز الازمة الحالية وكلما لجأت القوى المتنفذة&الى المزيد من العنف، فانها تقترب اكثر من جعل العراق ساحة حرب شاملة بكل ما تحمله من ماسي ودمار وويلات...... فهل من يسمع؟
التعليقات